"إذهبوا إلى الحبشة فإن فيها ملك لا يظلم عنده احد " قالها الرسول صل الله عليه وسلم لأصحابه قبل أكثر من 1400 عام  وهو يأمرهم بالهجرة إلى الحبشة...مبينا أن اختياره للحبشة يعود لواحدة من أهم القيم الانسانية وهي " العدل " وبالتالي ما يرتبط بها ويقوم عليها من تحقق الأمن والأمان والسلام و السلامة ..

واليوم ومن أفريقيا ( جنوب افريقيا) ترتفع الأصوات مطالبة بالعدالة ويتجه فريق قانوني من أحرار جنوب افريقيا وأبناء " مانديلا " إلى لاهاي ينشدون العدل و يبحثون عن العدالة في اروقة محكمة العدل الدولية , وهم لا يبحثون عن العدل ويطالبون بالعدل والعدالة والإنصاف والسلام لوطنهم ولشعبهم..

ولكن لوطن وشعب لا تربطه بهم ولا بوطنهم وشعبهم جغرافيا ولا دين ولا عرق ولا مصلحة.., إنهم ينشدون العدل والعدالة والسلام لغزة ولفلسطين ولابناء غزة وشعب فلسطين... , منطلقين في موقفهم من منطلق إنساني وقيمي وأخلاقي وقانوني ومستلهيمن لموقف الزعيم نيلسون مانديلا من القضية الفلسطينية ومقولته: ( نحن نعلم جيدا بأن حريتنا لن تكتمل إلا بحرية الفلسطينين) ..

وكأنهم قد استحضروا التاريخ الأسود لنظام التميز العنصري البائد في جنوب أفريقيا و استشعروا أن ما تتعرض له غزة ويتعرض ابناء غزة وشعب فلسطين من جرائم واضطهاد وتنكيل واغتصاب للأرض وتميز عنصري وتطهير عرقي لا يختلف كثيرا عما كان يتعرض له شعب واحرار جنوب أفريقيا من قبل نظام التميز العنصري قبل الثورة...وقبل نجاح " مانديلا " واحرار وشعب جنوب افريقيا من إسقاط نظام التميز والفصل العنصري ..

وما قامت به جنوب أفريقيا بالتوجه إلى محكمة العدل الدولية وتقديم دعوى ضد  الكيان الصهيوني وحرب الابادة الجماعية في غزة .. يمثل حدث تاريخي وملحمة تاريخية ودرس بليغ للدول العربية والإسلامية  

ودرس ورسالة " للقارة العجوز " وللغرب وللعالم المتحضر وللضمير العالمي وللمتشدقين بقيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان..

  وعلى الدول العربية بالدرجة الاولى والدول الاسلامية ان تقرأ وتستوعب وتعي هذا الدرس جيدا وأن تعمل على الانضمام إلى الدعوى المرفوعة من جنوب أفريقيا وتعمل على تعزيز ودعم  خطوة جنوب أفريقيا سياسيا  ودبلوماسيا وشعبيا وإعلاميا..

ومن ناحية اخرى فإن هذه الخطوة التي بادرت إليها جنوب أفريقيا تضع النظام العالمي والأمم المتحدة أمام إختبار جديد بعد أن سجلت فشلها لأكثر من مرة أمام العدوان الصهيوني وحرب الابادة على غزة وما يرتكبه جيش الاحتلال الصهيوني من جرائم وفضائع وحصار وتهجير , إختبار اخر للأمم المتحدة عبر احدى مؤسسات وهيئات الأمم المتحدة الهامة والمتمثلة بمحكمة العدل الدولية وبعد الفشل الذريع لأهم  مؤسسات وهيئات الأمم المتحدة "مجلس الأمن الدولي" في اختبار " غزة " وفشله في إيقاف العدوان وانهاء الحصار وحتى في إدخال كميات كافية من المواد الاغاثية والغدائية والدوائية ...والفشل حتى في حماية وتأمين المؤسسات الاممية العاملة في قطاع غزة والموظفين الاممين في غزة ...

فهل ستنجح جنوب أفريقيا في الحصول على حكم إدانة لدولة الاحتلال الصهيوني وما تمارسه من حرب إبادة وجرائم حرب  وقرار ملزم بإيقاف حرب الابادة وانهاء الحصار وسيفتح ذلك الباب أمام ملاحقة الاحتلال الصهيوني والقيادات الصهيونية قضائيا أمام المحاكم الدولية ؟ 

وهل ستجتاز محكمة العدل الدولية ( الإختبار الأفريقي ) بنجاح وتعيد نوعا من الإعتبار للأمم المتحدة وتستعيد نوعا من الثقة بالأمم المتحدة وبالعدالة الدولية وبالمواثيق الأممية والدولية ؟

أم أن سيناريو " مجلس الأمن " سيتكرر من جديد وسيتم إفشال محكمة العدل الدولية كما تم إفشال مجلس الأمن من قبل الولايات المتحدة ومن معها من الدول والأطراف الدولية  المهيمنة على المنظمة الاممية ومجلس الأمن  وسيكون فشل محكمة العدل الدولية وصمة عار اخرى في جبين النظام العالمي والمنظمات الدولية و مسمار اخر في نعش الأمم المتحدة والنظام العالمي العليل.

ودليل اخر على فشل واختلال الأمم المتحدة والمنظمات الدولية  التي تسيطر و تهيمن عليها وتستفرد بها الولايات المتحدة والدول العظمى...ومؤشر اخر على أن العالم بحاجة ماسة لإصلاح وترميم المؤسسات والمنظمات الدولية واعادة هيكلتها وتصويب مسارها ...

* " ليس حرا من يهان أمامه إنسان ولا يشعر بالإهانة ".. نيلسون مانديلا

التحية لحكومة وشعب جنوب أفريقيا

التحية لأبناء وأحفاد مانديلا

التحية لرئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا

السلام لروح نيلسون مانديلا

الرحمة والخلود لشهداء غزة وفلسطين