التنكر للرموز الوطنية حين يصبح قانونا..؟ (3-2)
الاربعاء 07 فبراير 2024 - الساعة 11:11 مساءً
د . نادين الماوري
مقالات للكاتب
في هذا السياق المفعم بالألم على رموز نضالية أعطت وطنها الكثير دون أن تنتظر المقابل المادي والمعنوي، بل قدمت ما تستطيع تقديمه في سبيل وطنها وشعبها ورحلت إلى جوار ربها بنفس راضية لم تمن ولم تتهافت للبحث عن مكاسب، غير أن صمتها هذا لا يعطي المؤرخين ولا الأحياء الذين ينقبون عن التاريخ وأبطاله أن يتجاهلوا نضال وتضحيات هؤلاء الرموز الوطنية والإعلام النضالية، ولم أتحدث في هذه الحلقات عن والدي المناضل عبد الله ناصر الماوري باعتباره والدي وهو الذي علمنا _رحمة الله عليه _قيم الإيثار والزهد والتضحية ونكران الذات، بل أتحدث هنا عن والدي المناضل الوطني والرمز النضالي وعن آخرين من رفاقه المناضلين الذين سطروا ملاحم بطولية وسجلوا مواقف نضالية بحب وقناعة في سبيل اليمن الأرض والإنسان..
ولم ينتظروا مقابل أعمالهم هذه، غير أن من واجبنا الوطني والأخلاقي والحضاري وإعمالا للقيم الوطنية أن نتذكر بطولات وتضحيات هؤلاء الرموز الذي من العيب أن نتجاهل أدوارهم أو نهمش تضحياتهم ومواقفهم الوطنية لأن "س" أو "ص" من الناس الذين استولوا على كل شيء في الوطن لم يكن يرتاح لهؤلاء أو لمواقفهم مع أن المناضل الماوري أو العنسي أو بقية المناضلين من رجال المال والأعمال والمثقفين الوطنيين الذين حلموا بالثورة والجمهورية وناضلوا في سبيل الانتصار لهما وقدموا المال والجهد وتنقلوا من بلد الى أخرى يبحثون عن أبناء اليمن ويحثونهم على دعم النضال الوطني ودعم الثورة والجمهورية والتخلص من أنظمة الطغاة والمستعمرين في شمال الوطن وجنوبه..
كان في هذا المجال الحاج المناضل عبد الله ناصر الماوري بمثابة “السفير المتجول “الذي جال بلدان ومدن القارة الأفريقية بحثا عن كل مغترب يمني ، يدعوهم لدعم الحركة الوطنية والالتحام بحركة الأحرار وتقديم كل أشكال الدعم المادي َالمعنوي لهم في سبيل التخلص من الطغاة والمستعمرين وتحرير الوطن والمواطن وتمكينهما من التحرر والانعتاق من براثن الجهل والفقر والمرض والاستبداد، وقد جاءت مساعي هؤلاء الرموز النضالية بالكثير من الأماني التي حققها شعبنا والمتمثلة بانتصار الوطن والشعب على نظامي الإمامة والاستعمار، ليعتلي بعد هذا الانتصار أناس تعمدوا تهميش بعض الرموز وتجاهلوا تضحياتهم ومواقفهم..!
أنا من الأجيال الشابة التي عرفت المشير السلال، والدكتور البيضاني، وعبد الرقيب عبد الوهاب، وعبد اللطيف ضيف الله، ومن حق هذه الأجيال أن تعرف تاريخ وحياة ومواقف المناضل الحاج عبد الله ناصر الماوري، والمناضل على جبران العنسي ، ومناضلين آخرين هناك من تعمد تهميشهم والتنكر لتاريخهم النضالي الوطني، مقابل حشر صفحات التاريخ بأسماء لآخرين لا علاقة لهم بالحركة الوطنية اليمنية ولم يكن لهم أي دور نضالي بل كانوا إما ضد الثورة ومن بطانة أنظمة الطغاة والاستبداد، أو كانوا متوارين بعيدا عن المسار النضالي الوطني ثم قفزوا بعد انتصار الثورة والجمهورية ليسردوا قصص وحكايات وهمية عن نضالهم الزائف..
ويكفي أن ندقق في لقاءات هؤلاء وتصريحاتهم ومقابلاتهم السنوية التي كانت تتم عند كل ذكرى للثورة والجمهورية سنجد التناقضات في كلامهم مما يدل على أن لا علاقة لهم بالثورة وَالجمهورية وهذا هو الحيف بابهى مظاهره، والحيف هنا يطال المؤرخين والموثقين المهتمين بتاريخ الثورة والجمهورية وتاريخ الحركة الوطنية المطالبين بإنصاف الرموز الوطنية وعدم تهميشهم احتراما للتاريخ ولهويتنا الوطنية ولعظمة مسارنا الوطني الذي يجب أن ينقى من الشوائب وأن تطهر صفحات تاريخنا من الصفحات السوداء المليئة بالأكاذيب التي أعطت من لا يستحق مكانة على حساب من يستحقها..
أكرر أن دافعي هنا ليس دفاعا عن المناضل السبتمبري الحاج عبد الله ناصر الماوري، باعتباره والدي، لا ورحمته الغالية إلى قلبي، لكن دافعي هو إنصاف تاريخه الثوري و كل الرموز النضالية التي هناك من تعمد تهميشها والتنكر لنضالها ولمواقفها الوطنية لدوافع ذاتية مرتبطة بنفسيات مريضة تستوطن أمثال هؤلاء الجاحدين.
(يتبع)
▪︎أكاديمية ودبلوماسية