فَلَسْطَنَة القضية الفلسطينية
السبت 09 ديسمبر 2017 - الساعة 03:07 صباحاً
حسين الوادعي
مقالات للكاتب
عندما سئل الرئيس الأمريكي ترمب عن قرار نقل سفارة أمريكا إلى القدس قال ببساطة: إنها مجرد خطوة رمزية فهي فعليا عاصمة اسرائيل!
الذي لا يعرفه ترمب أن الرموز تلعب في السياسة دورا أكبر من الوقائع.
وفي منطقة مثل المنطقة العربية، وعالم لا زال يُعَرِّف نفسه ويُعَرِّفه الآخرون على أنه "العالم الإسلامي" يصبح اللعب بالرموز خطيرا.
لكن المشكلة الاعقد أن قضية فلسطين عند العرب والمسلمين تحولت إلى قضية رمزية. هي قضية مقدسات (الأقصى وقبة الصخرة) أكثر من كونها قضية إنسان (الفلسطيني اللاجيء او المحَاصَر).
صارت فلسطين هي القدس والقدس هي فلسطين...
ولأنها قضية (مقدسات) لا يملك الفلسطيني حق تقرير مصيرة أو اختيار الحل المتاح له، بل هو مجبر (إعلاميا على الأقل) على طرح الحلول التي تتناسب مع الخيال السياسي والحماس العاطفي اللاعقلاني للراي العام العربي والاسلامي.
لهذا يصبح حق استعادة الفلسطيني لقضيته، و"فَلَسْطَنتها" شرطا ضروريا للتوصل لحل "سياسي" للقضية الفلسطينية.
صار هناك فجوة كبيرة بين "النظرة الفلسطينية" للقضية، و"النظرة العربية-الإسلامية" للقضية الفلسطينية.
ففي حين سار الفلسطينيون (فتح وحماس) في إطار مرجعية أوسلو والتوافق الدولي حول حل الدولتين ضمن حدود ما قبل 1967 لا زال العرب محبوسين داخل شعارات الستينات حول "تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني".
وفي حين يفكر الفلسطينيون بمرجعية "القدس الشرقية" فقط عاصمة لدولة فلسطين، لا زال الرأي العام العربي محبوسا داخل فانتازيا (القدس عربية)، ولا زال الرأى العام الإسلامي وجماعات الاسلام السياسي العربية محبوسة داخل شعار (القدس إسلامية).
لكن الحقيقة أن القدس ليست إسلامية فقط فهي يهودية ومسيحية قبل أن تكون إسلامية. كما أنها لا يمكن أن تكون عربية فقط والا ما كانت أكبر المظاهرات المؤيدة لها آتية من دول غير عربية وجمهور مسلم غير عربي. ولما كان أكبر المتاجرين بها في الأربعين سنة الأخيرة هي إيران غير العربية.
تحتاج فلسطين إلى تخفيف الشحنة الرمزية الهائلة التي اختطفتها، وتحويلها من قضية مقدسات إلى قضية إنسان، إلى قضية فلسطينية بدعم عربي، وليست إلى قضية عربية بتضحيات وتبعية فلسطينية!
لهذا صار ضروريا أن تتوقف فلسطين عن أن تكون "قضية العرب المركزية" لتصبح قضية الفلسطينيين المركزية بدعم عربي إسلامي لا يخطف القضية من يد أصحابها.
وصار ضروريا أن يتحرر القرار السياسي الفلسطيني من التبعية لصراعات الداعم والممول العربي الذي حول القضية إلى أداة تصفية حسابات مع الجيران والخصوم.
لقد دفع الفلسطينيون ثمنا غاليا لاختطاف القضية منهم من قبل الأنظمة العربية (وايران) ، ودفعت الشعوب العربية ثمنا غاليا أيضا. فكلما رفعت الأنظمة العربية قضية فلسطين كلما ضاقت رقعة الحرية وفتحت المزيد من السجون.
أن "فلسطنة" القضية الفلسطينية تحرير مزدوج للفلسطينيين والعرب وبداية "عقلنة" و "علمنة" القضية وتحولها من قضية رمزية مقدسة إلى قضية سياسية.
إن وهم "القدس إسلامية" لا يقل خطرا عن وهم "القدس يهودية". (لنتذكر أن القدس مسيحية أيضا!)
ورأيي الشخصي جدا وأن هناك حلين فقط لتفكيك اللغم الرمزي العالي لها:
اما أن يتم الاتفاق النهائي على تقسيم: قدس غربية عاصمة لإسرائيل، وقدس شرقية عاصمة لفلسطين.
او أن يكون للقدس وضع خاص كمدينة عالمية وأن تختار "الدولتان" عاصمتين جديدتين مدنيتين غير مثقلتين برمز التاريخ المقدس.
...........................................................
عندما سئل الرئيس الأمريكي ترمب عن قرار نقل سفارة أمريكا إلى القدس قال ببساطة: إنها مجرد خطوة رمزية فهي فعليا عاصمة اسرائيل!
الذي لا يعرفه ترمب أن الرموز تلعب في السياسة دورا أكبر من الوقائع.
وفي منطقة مثل المنطقة العربية، وعالم لا زال يُعَرِّف نفسه ويُعَرِّفه الآخرون على أنه "العالم الإسلامي" يصبح اللعب بالرموز خطيرا.
لكن المشكلة الاعقد أن قضية فلسطين عند العرب والمسلمين تحولت إلى قضية رمزية. هي قضية مقدسات (الأقصى وقبة الصخرة) أكثر من كونها قضية إنسان (الفلسطيني اللاجيء او المحَاصَر).
صارت فلسطين هي القدس والقدس هي فلسطين...
ولأنها قضية (مقدسات) لا يملك الفلسطيني حق تقرير مصيرة أو اختيار الحل المتاح له، بل هو مجبر (إعلاميا على الأقل) على طرح الحلول التي تتناسب مع الخيال السياسي والحماس العاطفي اللاعقلاني للراي العام العربي والاسلامي.
لهذا يصبح حق استعادة الفلسطيني لقضيته، و"فَلَسْطَنتها" شرطا ضروريا للتوصل لحل "سياسي" للقضية الفلسطينية.
صار هناك فجوة كبيرة بين "النظرة الفلسطينية" للقضية، و"النظرة العربية-الإسلامية" للقضية الفلسطينية.
ففي حين سار الفلسطينيون (فتح وحماس) في إطار مرجعية أوسلو والتوافق الدولي حول حل الدولتين ضمن حدود ما قبل 1967 لا زال العرب محبوسين داخل شعارات الستينات حول "تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني".
وفي حين يفكر الفلسطينيون بمرجعية "القدس الشرقية" فقط عاصمة لدولة فلسطين، لا زال الرأي العام العربي محبوسا داخل فانتازيا (القدس عربية)، ولا زال الرأى العام الإسلامي وجماعات الاسلام السياسي العربية محبوسة داخل شعار (القدس إسلامية).
لكن الحقيقة أن القدس ليست إسلامية فقط فهي يهودية ومسيحية قبل أن تكون إسلامية. كما أنها لا يمكن أن تكون عربية فقط والا ما كانت أكبر المظاهرات المؤيدة لها آتية من دول غير عربية وجمهور مسلم غير عربي. ولما كان أكبر المتاجرين بها في الأربعين سنة الأخيرة هي إيران غير العربية.
تحتاج فلسطين إلى تخفيف الشحنة الرمزية الهائلة التي اختطفتها، وتحويلها من قضية مقدسات إلى قضية إنسان، إلى قضية فلسطينية بدعم عربي، وليست إلى قضية عربية بتضحيات وتبعية فلسطينية!
لهذا صار ضروريا أن تتوقف فلسطين عن أن تكون "قضية العرب المركزية" لتصبح قضية الفلسطينيين المركزية بدعم عربي إسلامي لا يخطف القضية من يد أصحابها.
وصار ضروريا أن يتحرر القرار السياسي الفلسطيني من التبعية لصراعات الداعم والممول العربي الذي حول القضية إلى أداة تصفية حسابات مع الجيران والخصوم.
لقد دفع الفلسطينيون ثمنا غاليا لاختطاف القضية منهم من قبل الأنظمة العربية (وايران) ، ودفعت الشعوب العربية ثمنا غاليا أيضا. فكلما رفعت الأنظمة العربية قضية فلسطين كلما ضاقت رقعة الحرية وفتحت المزيد من السجون.
أن "فلسطنة" القضية الفلسطينية تحرير مزدوج للفلسطينيين والعرب وبداية "عقلنة" و "علمنة" القضية وتحولها من قضية رمزية مقدسة إلى قضية سياسية.
إن وهم "القدس إسلامية" لا يقل خطرا عن وهم "القدس يهودية". (لنتذكر أن القدس مسيحية أيضا!)
ورأيي الشخصي جدا وأن هناك حلين فقط لتفكيك اللغم الرمزي العالي لها:
اما أن يتم الاتفاق النهائي على تقسيم: قدس غربية عاصمة لإسرائيل، وقدس شرقية عاصمة لفلسطين.
او أن يكون للقدس وضع خاص كمدينة عالمية وأن تختار "الدولتان" عاصمتين جديدتين مدنيتين غير مثقلتين برمز التاريخ المقدس.
..................................................
عندما سئل الرئيس الأمريكي ترمب عن قرار نقل سفارة أمريكا إلى القدس قال ببساطة: إنها مجرد خطوة رمزية فهي فعليا عاصمة اسرائيل!
الذي لا يعرفه ترمب أن الرموز تلعب في السياسة دورا أكبر من الوقائع.
وفي منطقة مثل المنطقة العربية، وعالم لا زال يُعَرِّف نفسه ويُعَرِّفه الآخرون على أنه "العالم الإسلامي" يصبح اللعب بالرموز خطيرا.
لكن المشكلة الاعقد أن قضية فلسطين عند العرب والمسلمين تحولت إلى قضية رمزية. هي قضية مقدسات (الأقصى وقبة الصخرة) أكثر من كونها قضية إنسان (الفلسطيني اللاجيء او المحَاصَر).
صارت فلسطين هي القدس والقدس هي فلسطين...
ولأنها قضية (مقدسات) لا يملك الفلسطيني حق تقرير مصيرة أو اختيار الحل المتاح له، بل هو مجبر (إعلاميا على الأقل) على طرح الحلول التي تتناسب مع الخيال السياسي والحماس العاطفي اللاعقلاني للراي العام العربي والاسلامي.
لهذا يصبح حق استعادة الفلسطيني لقضيته، و"فَلَسْطَنتها" شرطا ضروريا للتوصل لحل "سياسي" للقضية الفلسطينية.
صار هناك فجوة كبيرة بين "النظرة الفلسطينية" للقضية، و"النظرة العربية-الإسلامية" للقضية الفلسطينية.
ففي حين سار الفلسطينيون (فتح وحماس) في إطار مرجعية أوسلو والتوافق الدولي حول حل الدولتين ضمن حدود ما قبل 1967 لا زال العرب محبوسين داخل شعارات الستينات حول "تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني".
وفي حين يفكر الفلسطينيون بمرجعية "القدس الشرقية" فقط عاصمة لدولة فلسطين، لا زال الرأي العام العربي محبوسا داخل فانتازيا (القدس عربية)، ولا زال الرأى العام الإسلامي وجماعات الاسلام السياسي العربية محبوسة داخل شعار (القدس إسلامية).
لكن الحقيقة أن القدس ليست إسلامية فقط فهي يهودية ومسيحية قبل أن تكون إسلامية. كما أنها لا يمكن أن تكون عربية فقط والا ما كانت أكبر المظاهرات المؤيدة لها آتية من دول غير عربية وجمهور مسلم غير عربي. ولما كان أكبر المتاجرين بها في الأربعين سنة الأخيرة هي إيران غير العربية.
تحتاج فلسطين إلى تخفيف الشحنة الرمزية الهائلة التي اختطفتها، وتحويلها من قضية مقدسات إلى قضية إنسان، إلى قضية فلسطينية بدعم عربي، وليست إلى قضية عربية بتضحيات وتبعية فلسطينية!
لهذا صار ضروريا أن تتوقف فلسطين عن أن تكون "قضية العرب المركزية" لتصبح قضية الفلسطينيين المركزية بدعم عربي إسلامي لا يخطف القضية من يد أصحابها.
وصار ضروريا أن يتحرر القرار السياسي الفلسطيني من التبعية لصراعات الداعم والممول العربي الذي حول القضية إلى أداة تصفية حسابات مع الجيران والخصوم.
لقد دفع الفلسطينيون ثمنا غاليا لاختطاف القضية منهم من قبل الأنظمة العربية (وايران) ، ودفعت الشعوب العربية ثمنا غاليا أيضا. فكلما رفعت الأنظمة العربية قضية فلسطين كلما ضاقت رقعة الحرية وفتحت المزيد من السجون.
أن "فلسطنة" القضية الفلسطينية تحرير مزدوج للفلسطينيين والعرب وبداية "عقلنة" و "علمنة" القضية وتحولها من قضية رمزية مقدسة إلى قضية سياسية.
إن وهم "القدس إسلامية" لا يقل خطرا عن وهم "القدس يهودية". (لنتذكر أن القدس مسيحية أيضا!)
ورأيي الشخصي جدا وأن هناك حلين فقط لتفكيك اللغم الرمزي العالي لها:
اما أن يتم الاتفاق النهائي على تقسيم: قدس غربية عاصمة لإسرائيل، وقدس شرقية عاصمة لفلسطين.
او أن يكون للقدس وضع خاص كمدينة عالمية وأن تختار "الدولتان" عاصمتين جديدتين مدنيتين غير مثقلتين برمز التاريخ المقدس.
...................................................................