لم يكن بلداً منتجاً للأنبياء لكنه مخزناً لميراثهم الإيمانيّ

الخميس 15 أغسطس 2024 - الساعة 09:56 مساءً

 

لم يكن اليمن بلداً منتجاً للأنبياء ، لكنه كان مخزنا لميراثهم الإيمانيّ ومبادئهم الانسانية والأخلاقية . تجلت تلك العملية التاريخية  في شخصية الانسان اليمني البسيط الذي شكل على الدوام "الإيمان المتحرك" على الارض يزرعها ، ويعمرها ، ويسكنها ، ويدافع عنها ويحميها ، ويحولها إلى موئل للمضطهدين الهاربين بمعتقدهم من أقطار أخرى من نير البطش والتسلط بإسم الدين .

 

اليمني البسيط هو مخزن هذا الميراث بإيمانه واخلاقه ومعاملاته وعمله وحبه لبلده . وهو الذي راح ينتقل من جيل إلى جيل ، يقاوم كل الذين ارادوا أن يعيدوا صياغة هذا الميراث لخدمة حكمهم وتسلطهم .

 

نجح هؤلاء المتسلطون أحياناً كثيرة ، تارة بادعاء النسب ، وكانوا أسوأ وأقبح من أساء إلى هذا الميراث ، وتارة أخرى بإعادة تشكيل هذا المخزون بقوالب أيديولوجية دوغمائية تأخذه بعيداً عن مضامينه الروحية والمعتقدية والأخلاقية بصورة تتفق مع الحاجة إلى منهجٍ للسلطة والتسلط -لا للحكم-  ؛  ذلك أنه بمجرد أن يوظف هذا النوع من الايديولوجيا في السياسة فإنه يحول الحكم إلى تسلط لا يقبل القسمة على اثنين ، لأن الآخر دائماً "في النار". ويفقد الحكم معناه حينما يتحول إلى تسلط . 

 

غير أن هذا الأخير أخذ يعيد تشكيل نفسه في واقع اجتماعي وسياسي شديد التعقيد ، ناشئ عن تحولات وتغيرات أخدت تذوّب الايديولوجيا في براجماتية المصالح المرسلة والمكتسبة ، مما يعني أن هذا المخزون الذي يحمله بسطاء اليمنيين أخذ يفرز تفاهمات وطنية كانت مستبعدة حتى وقت قريب ، فيما عدا أولئك النفر ممن جعلوا من النسب وسيلة لنقع هذا الميراث في بحيرات من الدم لادامة التسلط على بلد لا يشبهونها في شيء .

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس