منظمات وجاليات الإصلاحيين: ظاهرها العمل الخيري وباطنها غسيل أموال وأفكار إرهابية
الاحد 15 سبتمبر 2024 - الساعة 09:39 مساءً
غزوان طربوش
مقالات للكاتب
على مدى عقود، نجح حزب الإصلاح، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن، في استغلال الجمعيات والمنظمات الخيرية والجاليات لتحقيق أهدافه السياسية والمالية، تحت ستار العمل الخيري والمساعدات الإنسانية. بينما يبدو في الظاهر أن هذه المؤسسات تُعنى بمساعدة المحتاجين وتخفيف معاناة الشعب، فإن الحقيقة تكشف عن وجه آخر لهذه الكيانات، يتمثل في كونها أداة لغسيل الأموال وتمويل الأنشطة الإرهابية، مما يجعلها جزءاً من شبكة فساد معقدة تمتد جذورها إلى قلب الدولة اليمنية.
حزب الإصلاح يستخدم هذه الجمعيات والمنظمات كأدوات لتنفيذ أجنداته السياسية والمالية. يجمع الحزب من خلال هذه الكيانات أموالاً طائلة تحت مسميات مختلفة، كالعمل الخيري والإغاثة، ثم يعيد توجيه هذه الأموال في مشاريع استثمارية بعضها قانوني، بينما الآخر يدور حول أنشطة مشبوهة. هذه الأموال لا تُستثمر فقط في مشاريع اقتصادية لتحقيق مكاسب شخصية، بل تُستخدم أيضاً في تمويل أنشطة حزبية وأعمال إرهابية وزرع الفتن في البلاد، مما يعزز من حالة الفوضى وعدم الاستقرار.
بعد الحرب الأخيرة التي شهدها اليمن، تكثف نشاط حزب الإصلاح في الاستيلاء على المساعدات الإنسانية الدولية، مستغلاً ضعف الرقابة والفساد المستشري في النظام. وبالرغم من أن هذه المساعدات موجهة لدعم المتضررين والفقراء، إلا أن الحزب يستخدمها لتعزيز نفوذه. يتم توزيع الإغاثات والمساعدات بناءً على الولاءات السياسية بدلاً من الاستحقاق الإنساني. في محافظة لحج، على سبيل المثال، أُنشئت عشرات المنظمات الوهمية التي لا تقدم أي دعم حقيقي للمواطنين، بل تستحوذ على المساعدات وتوجهها لأعضاء الحزب والمقربين منه. هذا السلوك زاد من معاناة الشعب وساهم في تفاقم الأوضاع الإنسانية.
يتجاوز فساد حزب الإصلاح حدود الجمعيات الخيرية ليصل إلى جهاز الدولة نفسه. يُتهم الحزب بنهب مبالغ ضخمة من ميزانية الدولة وتوظيف هذه الأموال لدعم أنشطته الخاصة، كما أن الحزب يُشرف على تعيين أتباعه في المناصب الحكومية المهمة، متجاهلاً الكفاءات الحقيقية، مما أسهم في تدهور مؤسسات الدولة وتفشي الفساد الإداري. هذا النهج أدى إلى تعطيل مصالح الدولة والمواطنين، حيث تركز جهود الحزب على تحقيق مكاسب سياسية ومالية بدلاً من تحسين الأوضاع العامة.
استيلاء حزب الإصلاح على المنظمات الإغاثية هو جزء من استراتيجيته الشاملة لتعزيز قبضته على السلطة وجمع الأموال. هذه المنظمات التي تدعي تقديم المساعدات، تحولت إلى أدوات لتسييس الإغاثة، حيث توجه المساعدات إلى أنصار الحزب وأتباعه فقط. ونتيجة لذلك، تُرك الكثير من اليمنيين الذين يعانون من الفقر والتشرد دون أي دعم حقيقي، مما عمق الأزمات الاقتصادية والإنسانية التي يعيشونها.
من بين المؤسسات التي يديرها حزب الإصلاح تحت غطاء العمل الخيري، نجد جامعة العلوم والتكنولوجيا، ومدارس النهضة، ومستشفى الأمراض النفسية والعصبية. هذه المشاريع، التي تدر أرباحاً هائلة، لا تخضع لأي رقابة مالية أو ضريبية بحجة أنها مشاريع خيرية. ومع ذلك، فإن الأرباح الناتجة عنها تُستخدم في تمويل أنشطة الحزب الخاصة وزيادة ثروات قياداته. يتضح من هذه السياسات أن حزب الإصلاح لا يهتم بتحسين ظروف المجتمع أو دعم الفقراء، بل يسعى بكل وسيلة إلى تعزيز مصالحه الذاتية.
حزب الإصلاح في اليمن، بقيادة شخصيات مثل علي محسن الأحمر، استغل المنظمات والجمعيات الخيرية كستار لنهب الموارد العامة وغسيل الأموال على مدار عقود. هذه الجمعيات، التي يُفترض أنها تهدف إلى تقديم مساعدات إنسانية، كانت في الواقع تغطي عمليات مالية مشبوهة، بما في ذلك استثمارات تجارية ضخمة لخدمة مصالح الحزب. الكشف عن أن 70٪ من الجيش اليمني يتكون من أسماء وهمية، وفقًا لتصريحات وزير الدفاع المقدشي، يبرز كيف تم استغلال الجيش لابتزاز التحالف وجمع الأموال غير الشرعية. تلك الأموال استُخدمت لتمويل أنشطة سياسية مشبوهة، بينما يعاني الشعب اليمني من أزمات اقتصادية حادة. يتطلب الوضع الحالي إصلاحًا شاملاً للمؤسسات اليمنية والتحقيق في هذه الأنشطة لضمان عدم استغلال المساعدات لصالح الشخصيات النافذة.
يتضح أن الجمعيات والمنظمات التابعة لحزب الإصلاح ليست إلا أداة لتنفيذ أجندات الحزب المالية والسياسية. فبينما يدّعي الحزب أنه يعمل من أجل الفقراء والمحتاجين، تكشف الحقائق عن أنه يسعى لتحقيق مكاسب شخصية على حساب معاناة الشعب اليمني. هذه الجمعيات التي كان يُفترض أن تكون رمزاً للتضامن الإنساني والعمل الخيري، تحولت إلى أدوات للفساد وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب. من الضروري التصدي لهذه الشبكة الفاسدة وإعادة الأمور إلى نصابها، لضمان أن تذهب المساعدات إلى من يستحقها، وأن يتم تفكيك بنية الفساد التي يديرها حزب الإصلاح
.