للمشاريع الصغيرة.. كفانا "تمرغ" على تراب
السبت 21 سبتمبر 2024 - الساعة 05:59 مساءً
علي عبدالملك الشيباني
مقالات للكاتب
تمكن المقاتلون القادمون من بلاد فارس لمساندة سيف بن ذي يزن - الله لاسامحه- وبطلب منه، وذلك لدعمه والقتال الى جانبه بهدف اخراج الغزو الحبشي من اليمن، تمكنت من التسيد والهيمنة على حياة اليمنيبن وارضهم.
ومن ناحية، شكل الهادي الرسي الذي استجلبته بعض القبائل اليمنية من مكة، ليقوم بحل الاشكالات والصراعات السائدة وادت الى الاقتتال المستمر فيما بينها.
تمكن الهادي الرسي بعدها ومن واقع المامه بطبيعة الاوضاع والقيم المنظمة للعلاقات القبلية، تمكن من احداث وتغذية الصراعات والحروب البينية، وبما عزز دوره ومكنه من تسجيل الحضور العام،ومن ثم تشكل حاجة جماعية لوجوده، وبما قاد الى تمدد نفوذه متجاوزا بذلك حدود صعدة.
التقاء الاشكال الفارسية عزز هذا الدور والحضور القيادي على مستوى كامل المناطق السكانية للهضبة. ونتيجة للفارق المعرفي ومستوى الوعي العام بين مجموع هذه النواة بالنسبة للقبائل، فقد تمكنت من استحداث علاقات ومفاهيم وقيم اجتماعية، قائمة على التفريق بين افراد المجتمع بهدف تفتيت قوته وتفريق مكوناته، على اسس تحقير بعض المهن ومن يرتبط بها لدرجة تجريم حملهم للسلاح. بالمقابل تعظيم فئة القبيلي وحصر مهامه في القتال والنهب والفيد والتسيد على باقي الفئات الاجتماعية، بعد حصرها في اطر تعاريف " المقهوي والمزين والخباز والجزار وزارع البقولات والدوشان ".
هذه الثقافة الاجتماعية المشوهة والمغلوطة ، القائمة على تمجيد القاتل والناهب وقاطع الطريق، وتحقير العاملين في مجال المهن والعيش على عرق الجبين، مكنت الاسر الفارسية من تجذير واقع اجتماعي وحربي، ساعدهم على بسط نفوذهم، وتوسع نطاق الهيمنة التي حظيوا بها، كنتاج لسياساتهم المدروسة والممنهجة في هذا الاتجاه.
لم يتمكنوا من تعميم هذا الحال الاجتماعي على بعض المحافظات مثل تعز والحديدة وبعض اب ، غير انهم ابقوا عليهم مجرد شقاة على سلطتهم ومراكز نفوذهم القبلي والعسكري وقبائلهم بالطبع.
استمر هذا النهج السلطوي حتى قيام ثورة سبتمبر ، غير ان الواقع الاجتماعي الذي خلفته اسرة حميد الدين ظل قائما ومازال وان بصور وتوظيفات مختلفة، غير ان النتائج واحدة.
باستثناء فترة حكم الشهيد ابراهيم الحمدي، الذي عمل جاهدا باتجاه ارساء قيم الدولة الوطنية ودفع حياته ثمن لهكذا نهج، فأن السلطات المتعاقبة تعاطت مع الوضع الاجتماعي القائم دون انتهاج مايمكن تجاوزه وتغييره كواحد من اهداف الثورة، بل ظلت كل سلطة توظفه وفقا لاملاءات مصالحها وضمان استمرارها، غير ان نظام عفاش كان الاسواء في هذا الاتجاه، بمنح القبيلة ومشائخها ادورا على حساب الدولة ونظامها المفترض ، حد تشكيل مااطلق عليه شئون القبائل وبميزانيات كانت تتجاوز ميزانيات اربع وزارات ، لگان مايطلق عليهم بالقبائل ليسوا مواطنين من عداد الشعب اليمني.
تعزيزه لدور القبيلة ومنح مشائخها تلك الصلاحيات والادوار كان قائما على توظيفها ضد المجتمعات المحلية المدنية، ولهذا فقد اخذ الجيش والامن والاستخبارات طابعا فئويا ومناطقيا، ولم تكن بالاجهزة الوطنية التي يمكن الاعتماد عليها في اداء ادوارها المفترضة ، حين اقتصرت مهامها نتيجة لذلك، على حماية النظام واحداث الصراعات البينية وتلك الحروب القبلية التي كان يغذيها النظام بالمال والاسلحة... ونتيجة لما ذكرت بغياب الطابع الوطني لتلك التشكيلات العسكرية والامنية، فقد اختفت بكامل الويتها وتشكيلاتها واسلحتها امام من قدموا من صعدة، بتمكنهم من السيطرة على صنعاء واعدام رأس النظام على ذلكم النحو غير المتوقع، ومغادرة الرجل الثاني بملابس نسائية كزوجة للسفير السعودي.
وعلى هذا الاساس يمكن القول، بأن الايجابية الوحيدة المحسوبة لسلطة الزوامل، ان قدم الجميع على حقائق قدراتهم، من الجيش الى القبيلة والاحزاب والمشائخ وغيرهم،بما في ذلك الشعب اليمني نفسه.
فجر منزل الشيخ عبد اللة الاحمر في عمقه القبلي، دون ابداء اي رد فعل لقبيلته حاشد، والتي كان النظام يقدمها بطريقة تتجاوز قدرات الدولة.
تلا ذلك اقتحام منزله في حي الجراف بصنعاء، وما كان يشكله من حضور الهيمنة القبلية، وقد شاهدنا واستمعنا لنجله صادق، وهو يتودد للمقتحمين ويتوسلهم عدم تصويره وانه في وجه السيد.
كان توقيف راتب احدهم، او توقيفه في احد الاقسام يشكل دافعا لقبيلته لاقامة نقاط التقطع، اذ لاابالغ اذا قلت واثناء قيامي بمهام فنية في محافظة عمران، بأنني كنت اصادف في كل زيارة من عشر الى خمسة عشر نقطة تقطع على طول المسافة من المدينة حتى خمر، وبمسافة 50كم.
اليوم، لم نعد نصادف اي نقطة تقطع قبلية على طول الطرق الواصلة بين محافظات الهضبة، بما في ذلك طرق محافظة الجوف وبعض مارب، حيث كان لاوجود للدولة بأي صورة من الصور.
هانحن اليوم، نسمع عن اعتقال الصحفية والناشطةالحقوقية سحر الخولاني، بزعم مشاركاتها المعارضة لسياسات سلطة الزوامل. كذلك متابعاتنا للفيديوهات الصادرة عن الناشطة نادية يحي، وهي تتوسل قبيلتها بالوقوف الى جانبها سبيلا للحصول على نصيبها من تركة والدها، وغيرها من الاحداث والوقائع، دون ان نسمع عن ردود الافعال وتلك الشطحات التي كانت تظهر عليها القبيلة فيما مضى، في تأكيد على حقيقة وضرورة حاجة الناس لوجود الدولة الوطنية، القادرة على تمكين نفاذ القانون، خاصة بعد تجريبنا لجميع مشاريع ماقبل الدولية، من مذهبية وطائفية ومناطقية وقبلية، وفشلها في تمثل مصالح المواطن وازدهار وتقدم وطنه.