البطل يروي تفاصيل معارك المطار القديم مع مليشيا الحوثي.. الحلقة الثالثة من الحوار الأخير مع العميد الركن عدنان الحمادي
الثلاثاء 10 ديسمبر 2019 - الساعة 04:19 صباحاً
المصدر : نقلا عن صحيفة "الشارع" اليومية
المقدمة:
العميد الركن عدنان الحمادي، يتحدث، في الحلقة الثالثة من هذا الحوار، عن كيف بدأت المعارك، عام 2015، بين قوات اللواء 35 مدرع ومليشيا جماعة الحوثي الانقلابية. يقدم "الحمادي" تفاصيل بالغة الأهمية عن ذلك، وعن المعارك التي دارت مع الحوثة في المقر الرئيسي للواء؛ معسكر المطار القديم. يروي كيف جرت تلك المعارك، وكيف تمت عملية الانسحاب من المعسكر. إلى الحوار.
كيف وأين بدأت المواجهات بينكم وبين مليشيا الحوثي، في مدينة تعز؟
أول شيء في "نقطة وادي القاضي"؛ مَرَّ باص من النقطة وفيه اثنان من مسلحي الحوثي، ينتمون إلى محافظة الجوف. أحد الجنود سأل المسلحين عن هويتهما، فقالا إنهم تبع الأمن المركزي. قال الجندي: "أنتم حوثة؟". أحد المسلحين أطلق الرصاص على الجندي وقتله. الجنود قتلوا المسلح، وأسروا الآخر. هذا أول حادث اشتباك بيننا وبين مسلحي الحوثي، وكان في نهاية الأسبوع الأول، أو بداية الأسبوع الثاني من شهر أبريل عام 2015. بعدها، مباشرة، كان هناك أطقم عسكرية تتبع اللواء 17 قادمة من باب المندب، عبر طريق "رَاسِن" – "بَنِي عُمَر"، وجاءت عن طريق "الحُجَرِيِّة"، ودخلت مدينة تعز. جنودنا المتمركزين في "نقطة جولة المرور" حاولوا إيقاف تلك الأطقم، لمعرفة هويتها والمكان الذي جاءت منه. اشتبكوا، مباشرة، مع جنود تلك النقطة التي كان معنا فيها عربة وطقم عسكري فقط. اُستُشهِد اثنين من جنودنا؛ الأول كان يُدعى "نصيب"، وهو من جهة "يريم"، والثاني يُدعى "العمري"، وهو من منطقة القفر. وسقط من جنودنا عدد من الجرحى، وكان فوق الأطقم التابعة للحوثيين عدد من القتلى والجرحى. بعدها، في بداية شهر أبريل 2015، كان هناك طقم في "وادي القاضي" عليه مُعَدَّل 14 ونص. قائد هذا الطقم، كان اسمه النقيب سليمان مُغَلِّس، وقِيل إن الحوثة دفعوا له مائة ألف ريال، وسَلَّم هذا الطقم لهم. وهكذا، بدأت الاشتباكات والحرب بيننا وبين مليشيا الحوثي؛ يوم ستة، وسبعة، وثمانية، شهر أبريل.
حينها، هل كانت قد ظهرت، أو تشكلت، "المقاومة الشعبية" ضد مليشيا الحوثي، في تعز؟
لا، لا.. المقاومة ظهرت وتشكلت بعد ذلك. كان مسلحو الحوثي يَمُرُّون، على متن أطقمهم العسكرية والأمنية، من شارع جمال إلى المطار القديم لقتالنا، ولا يعترضها أحد. بدأت المعارك بيننا وبين الحوثة، ولا يوجد مقاومة شعبية، وهذا معروف للجميع.
كيف تطوَّرت المعارك بينكم وبين الحوثة؟
بدأت الحرب، كما قُلتُ لك، على شكل اشتباكات في نقاط التفتيش. بدأنا نحن نمارس مهامنا، فبدأت الاشتباكات، ثم المعارك؛ في منطقة "الزُّنْقُل"، وفي "حي المرور"، إلى "وادي القاضي". قبلها، جاء موعد صرف مُرَتَّب شهر مارس 2015، وصُرِفَت المرتَّبات لكل الموظفين العسكريين والأمنيين والمدنيين، في جميع أنحاء الجمهورية، عدا جنود اللواء 35 مدرع. الحوثيون لم يصرفوا مرتَّباتنا. حينها، كانت المرتَّبات تُصرف من صنعاء. كان ذلك في بداية شهر أبريل. لم يتم صرف مرتباتنا، لأن قائد اللواء [يقصد نفسه] تَعَيَّن من الشرعية، ولأن أفراد اللواء أعلنوا تأييدهم للشرعية.
كيف واجهت ذلك الأمر؟
حينها، جَهَّزتُ قوة مكونة من أربعة أطقم وثلاث عربات، بقيادة النقيب عبدالحفيظ الحذيفي، وأمرت هذه القوة بحصار البنك المركزي في مدينة تعز؛ كوسيلة ضغط لتسليم رواتب أفراد اللواء. في اليوم الثاني، قِيل لأفراد اللواء، إن الشيك الخاص بمرتبات اللواء صُرِفَ لمنصور مُعَيْجِر (القائد السابق للواء)، ومن يريد أن يستلم راتبه عليه أن ينزل إلى مُعَيْجِر الذي كان حينها في المخا [كان يُمارس مهامه من المخا بعد أن مُنِعَ من دخول مقر اللواء]! قِيْلَ ذلك لأفراد اللواء، رغم أن الحوثة كانوا قد أصدروا قراراً قضى بتعيين "الحَيَّانِي" قائداً للواء بدلاً عن "مُعَيْجِر"؛ ولأن أفراد اللواء لم يسمحوا، حينها، لـ"الحَيَّانِي"* بدخول اللواء، عاد الحوثة للتعامل مع "مُعَيْجِر؛ كما يبدو. استمر جنودنا في حصار مقر البنك، وحدث اشتباك بينهم وبين مسلحي الحوثي، الذين سقط منهم قتلى وجرحى، وسقط من جنودنا مصابين.
ما الذي جرى بعد ذلك؟
بدأ الحوثة بالتحرُّك، وشَدّ الخِنَاق على اللواء 35 مدرع، لا سيما على القوة المحاصِرة للبنك. لم يكن عندي، في معسكر المطار القديم، عربات وقوة متحرِّكة غير التي كانت مُحَاصِرة للبنك. جاء إلى عندي مهدي أمين سامي، الذي كان مدير مكتب الصناعة في تعز، وقال: "يا أخي في وساطة من الأخ حمود خالد الصوفي، على أساس أن الحوثة سيصرفوا مرتَّبات اللواء، وأنت تسحب القوة من عند البنك". قلت: "ممتاز". بعدها، اتصل بي حمود خالد، وقال: "يا أخي، شوف؛ أنا سأبذل جُهدي، وأنت اسحب القوة، والراتب سيأتي عبر البنك، وبنفس الطريقة السابقة. أنا حاولت أتواصل مع زكريا الشامي، ومع كذا، لكن ما فيش فائدة، لكن با أتواصل مع الشَّيَبَة (يحيى الشامي والد زكريا الشامي)". قال لي "حمود" إن هناك أمل بصرف الراتب، وأنا كنت أبحث عن مبرر لسحب جنودي من حول البنك، فتمسكت بالوعد الذي قاله لي حمود الصوفي. وفجأة سحبت تلك القوة من حول البنك، عندما رأيت الحوثيين بدأوا يتحرَّكون في كل اتجاه، وبدأوا يُجَهِّزون لمعركة كبيرة ضدنا. سحبتها بعد المغرب، وصلت اللواء في الثامنة مساءاً، وأصدرتُ أمراً بانتشار وتحريك الدبابات من داخل اللواء..
(مقاطعاً) كام كان معكم دبابات؟
قليل. كانت الدبابات الجاهزات بحدود 18 دبابة، والبقية عاطلات. وزَّعت الـ 18 الدبابة كالتالي: أبقيت أربع للقتال داخل مقر اللواء، أرسلت ثلاث دبابات وعربة مدرعة وطقم فورد إلى "جبل جَرَّة"، وحرَّكت دبابة إلى "حي الزُّنْقُل"، وعربة وطقم مدرع كانوا في "حي المرور"، وطقم وعربة مدرعة في "وادي القاضي"، ودبابة في تقاطع "جولة وادي القاضي"، ودبابة مع عربة مدرعة مع طقم في نادي الصقر، ودبابة في تقاطع "جولة وادي القاضي"، إضافة إلى أربع دبابات كُنَّ في "السِّتِّين"، ودبابة في "نقطة الثلاثين"، ودبابة في "نقطة مفرق شرعب". وفي ذلك اليوم، قَبِلْتُ متطوعين للانضمام إلى الجيش. ووزعنا أسلحة وذخائر بأعداد كبيرة إلى كل المواقع التي تمركزنا فيها داخل مدينة تعز. وزعنا ذخائر كثيرة تكفي مقاتلينا والمقاومة للقتال لفترة طويلة. وبسبب ذلك، بقى جبل جَرَّة يُقَاتِل لفترة طويلة. وكان السبب الرئيس لبقاء أجزاء كبيرة من مدينة تعز دون سيطرة الحوثة، هو "جبل جَرَّة" وتمركُزَنا فيه، وقيامنا بتعزيزه بكمية كبيرة من الأسلحة والذخائر.
إلى أي مدى كان ذلك التوزيع والانتشار مجدياً؟
ذلك التوزيع والانتشار، كان في حدود ما نملكه من عتاد وسلاح، وكان الأمر مجدياً. يكفي أننا جعلنا المقاومة الشعبية أمراً ممكناً، ويكفي أن جبل جَرَّة كان السبب الرئيس لبقاء أجزاء كبيرة من مدينة تعز دون سيطرة الحوثة؛ كما قُلتُ لك.
كيف كان التفاعل المجتمعي والحزبي معكم؟
كان جيداً، لكنه لم يكن بالشكل الذي يُمكِّننا من مواجهة مسلحي الحوثي وقوة الدولة التي سيطروا عليها. التفاعل كان جيداً بالنظر إلى أننا كُنَّا في البداية. لقد تطوَّع عدد من الشباب للقتال وهم ينتمون إلى تيارات مجتمعية وحزبية عِدَّة. يومها، أبدى حزب الإصلاح استعداده الدفع بمقاتلين، فقلت لقادة فيه: "نريد ناس عسكريين، ويلبسوا الزي العسكري، وأنا سأجهز لكم الزي العسكري والذخائر إلى "جبل جَرَّة"، أشتي ثلاثين فرداً". ذلك اليوم، دفعوا بعشرين أو بـ 15 فرداً. أرسلنا لهم البدلات، والذخائر، وطلعوا جبل جَرَّة. قُلتُ لـ"الإصلاح": "أشتي مقاتلين للزُّنْقُل"، فأرسلوا 15 فرداً. "أشتي 20 مقاتلاً للدَّحِي"، فأرسلوا العدد المطلوب. قُلْتُ لهم: "أنا سأؤمن لهم الذخيرة والسلاح، وأنتم تُأمنوا لهم الأكل والشرب". لكنهم استلموا ليلة واحدة في الموقع الموجود في "حي الدَّحِيِّ"، واليوم الثاني انسحبوا. رُحنا نشوف، معد حَصَّلنا حد في الموقع؛ حَصَّلنا مُعَدَّل يضرب علينا من نفس الموقع.
ما التطورات التي حدثت بعد ذلك؟
اشتدت الضرب بالهونات، وأسلحة أخرى، من مناطق كثيرة حول مواقعنا في المدينة، وحول مقر اللواء في المطار القديم. واشتغل القناصون من داخل الحارات المجاورة والقريبة من مقر اللواء، وبدأت معارك شديدة من يوم 7 أبريل 2015. لم يكن هناك مكان أو قيادة علينا إبلاغها بما يجري. لم يكن هناك إلا قيادة اللواء، التي أصدرت أمر الانتشار في تعز للدفاع عن المدينة، وأمر الدفاع عن اللواء. كانت الطلقة الأولى للواء في "نقطة وادي القاضي"، في 5 أبريل، وتلتها في "المرور"، ثم حول البنك المركزي، وما رافق ذلك من كمائن، وأعمال قتال كانت تدور في شارع الخمسين. شارع الستين، بقى تحت سيطرة اللواء طول تلك الفترة. أما شارع الخمسين، فقد استطاع مسلحو مليشيا الحوثي المرور منه منذ بداية المعركة. في تلك الفترة، لم يكن هناك أي مقاومة في تعز. اللواء 35 هو من واجه، وهو من قاوم وقاتل منذ أول يوم حتى سقوط مقره الرئيسي في المطار القديم.
متى سقط مقر اللواء؟
يوم الخميس، 21 أبريل 2015، بعد معارك كبيرة وضارية. كانت المعارك أكثر شراسة وضراوة يومي 19 و20 أبريل. معارك حول البوابات. كانوا [الحوثيون] يصلون إلى بوابات مقر اللواء ويتم التصدي لهم بقوة. تم تسطير بطولات كبيرة ومُشَرِّفة جداً. معركة يوم 19 أبريل استمرت حوالي 18 ساعة متواصلة، لم نتوقف فيها إلَّا نحو نصف ساعة فقط، أثناء قيام الحوثة بتبديل القوات. كان الحوثي يُبَدِّل قواته من مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم، وقواتنا تبقى تُقاتِل دون تبديل. ذلك أرهق مقاتلينا. كُنَّا محاصرين؛ لا نستطيع إخراج الجرحى، ولا جُثَث الشُّهداء؛ لم نستطع ذلك إلَّا في الأيام الأخيرة. من يوم 12 أبريل، صار مقر اللواء مُحاصراً حصاراً شبه كامل. كانت حالات الإسعاف نادرة. المُسعفون كانوا فدائيين. رفض كل سائقي سيارات الإسعاف الوصول إلى مقر اللواء لإسعاف الجرحى، وكان لمستشفى الثورة المبادرة بإرسال سيارة إسعاف. كان سائق تلك السيارة الدكتور الفدائي البطل الشهيد عبد الحليم الأصبحي.
وصل إليكم وأسعف جرحى؟
نعم. وصل مرات كثيرة إلى مقر اللواء، ونقل عدداً من الجرحى في عدة رحلات. جازف بحياته، تعرَّض لأكثر من عملية إطلاق نار، حتى أُستُشهِد، في بداية المعارك، وهو يسوق سيارة الإسعاف وعليها جرحى وجثث شهداء، كان متجهاً بهم إلى مستشفى الثورة. أُستُشهِد وهو يقود سيارة الإسعاف، في الشارع الرئيسي، أمام فرزة نقل المسافرين إلى الحديدة، في بداية منطقة المطار القديم من جهة مدينة تعز. والمكان الذي أستُشهِد فيه، كان يُسيطر عليه الحوثيون منذ البداية. وكانت المرحومة عائدة العبسي واحدة من الناشطات والناشطين الذين جاؤوا إلى مقر اللواء، أثناء المعارك، وقاموا بإسعاف عدد من الجرحى. كان ذلك عمل تطوُّعِي فدائي رائع. أحمد الوافي، وليد الحميري، والشهيد محمد القدسي، قاموا بأعمال بطولية فدائية رائعة، إذ وصلوا إلى مقر اللواء، وشاركوا في إسعاف الجرحى. العميد جمال الرُّباصي، كان من الضباط المتقاعدين، وعندما بدأت المعارك جاء إلى مقر اللواء 35. في تلك الفترة فتحنا باب التطوُّع، واستقبلنا كل العسكريين الذين جاؤوا إلينا، وتم تسليح أكثر من 600 منهم.
أين كنتم تستقبلون المتطوعين؟
داخل معسكر المطار القديم.
وأنتم محاصرين؟
نعم..
(مقاطعاً) كيف كانوا يصلون إليكم وأنتم محاصرين؟
كانوا يأتون إلينا سيراً على الأقدام، لأنه لم يكن مسموحاً للسيارات بالعبور إلينا. كان المواطنون يَمُرُّون بشكل عادي في الشوارع. كل الطرقات المؤدية إلينا كانت مقطوعة بالكامل من قبل مسلحي مليشيا الحوثي، باستثناء "خط الثلاثين"، الذي كُنَّا مسيطرين عليه، ومؤمِّنين له بالكامل. وكان المتطوعون يأتون إلينا عبره، سيراً على الأقدام، لأن السيارات لا تستطيع أن تصل إلينا، منذ ما قبل هذا الخط. وأي سيارة كانت تحاول دخول اللواء كان يتم ضربها من الحوثيين المنتشرين في المنازل الواقعة أمام البوابات، وحول اللواء. المتطوعون كانوا يأتون إلينا راجلين من خلف معسكر اللواء؛ من اتجاه "خط الثلاثين"، ومن الاتجاه الجنوبي. جاءت دُفَعْ كثيرة من جبل حَبَشِي، دَفَعَ بها العميد الركن يوسف الشراجي، والشيخ توفيق الوقَّار، وأخوه هيثم الوقَّار. هؤلاء دفعوا بمجاميع كثيرة تم تسليحهم داخل اللواء. جبهة الضَّبَاب، التي قامت فيما بعد ضد الحوثيين، كانت أغلب أسلحتها من معسكر المطار القديم. صَرفْتُ أكثر من 600 قطعة سلاح. صرفت كل الأسلحة التي كانت موجودة في مخازن اللواء؛ كي يتمكن الناس من قتال مليشيا الحوثي. جاءتنا، أيضاً، مجاميع من "الحُجَرِيِّة"، وهم عسكريين سابقين من ألوية أخرى. جاء هؤلاء إلينا، وقاتلوا في صفوفنا، لأنه راحوا علينا شهداء وجرحى.
كم كانت قوتكم داخل اللواء عندما تعرضتم للحصار؟
بحدود 400 فرد، كانوا 600 وبعدين بقى 400 فرد فقط.. لهذا استقدمنا مجاميع المتطوعين، على دُفَع. في ناس تم تسليحهم، والدفع بهم إلى المناطق الخلفية، وفي ناس تم تسليحهم والدفع بهم نحو "وادي القاضي" و"جبل جَرَّة". لقد تم الدفع بالمتطوعين إلى عدة اتجاهات وجبهات. وراحوا منهم شهداء كثير. منهم عقيد كان في سقطرة.. جاء إلى مدينة تعز، ثم وصل عندي رِجْل، وقال: "أنا جئت أُشارك في المعركة". هو من "الجَبْزِيَة" (إحدى مناطق "الحُجَرِيِّة").. أيش اسم هذا العقيد..؟ أيش اسمه..؟ الآن نسيت اسمه، لكن با أتذكره، وأقول لك به**. أنا تركت هذا العقيد في غرفة العمليات، فقال: "يا أخي أنا ما أجيت هنا أشتغل في المكتب، أنا أتيت للقتال في الميدان.. هل معك لي عمل في الميدان، أنا متخصص في المدفعية؟". قُلتُ له: "المدفعية عندنا تُرِكَت، لأن أغلب الأفراد والضباط الذين كانوا عليها غادروا اللواء، وعادوا إلى مناطقهم في شمال الشمال، ولم يتبقَ معنا إلا القلة". وراح هذا العقيد أدار المدفعية، وكان بطل، وجاءت قذيفة حوثية إلى بين القذائف التي كانت حول المدفع، فاستُشهِد ذلك العقيد، مع خمسة آخرين، في نفس المكان.. رحمة الله عليهم، وعلى كل شُهدائنا.
كيف سقط مقر اللواء؟
استمرت معارك كثيرة وشرسة، وقدمنا تضحيات. أنا تحدثت معك عن بعض المعارك، وبعض ما جرى. يمكن هنا أن أذكر لك، أيضاً، معركة الشؤون الفنية. كان قوام مقاتلينا في هذا المكان 15 فرداً، قائدهم كان يحمل رتبة مقدم.
هذه المعركة وقعت داخل اللواء؟
نعم، في الجزء الشمالي من معسكر المطار القديم، وأسميتُها معركة الشؤون الفنية لأنها جرت في مكاتب الشؤون الفنية وما حولها. كان القتال هناك مستمراً بشكل يومي، حيث دارت واحدة من أقوى المعارك، لا سيما في اليوم الذي سبق سقوط مقر اللواء. وقد قُتِلَ ثمانية من المقاتلين الـ 15، والبقية أصيبوا. وكان قائدهم بين القتلى. لم يستسلموا، ولم يهربوا، بل قاتلوا ببطولة حتى النهاية؛ حتى سقط جميعهم قتلى وجرحى..
(مقاطعاً) كم كان عدد القتلى من الحوثيين في تلك المعركة؟
كثير جداً. الحوثيون كان قتلاهم بالمئات في المعارك التي دارت حول معسكر اللواء ثم داخله. أنا شاهدت، في آخر معركة، عدداً كبيراً جداً من القتلى. شاهدت جثثاً كثيرة للحوثيين. كانت جثثهم مرمية في كل مكان، وبأعداد كبيرة جداً؛ كما لو أن وباءً أصاب مزرعة دواجن وأدى إلى مقتل عدد كبير من الدجاج. رأيت جثث الحوثيين مرمية في كل مكان؛ لا سيما خارج معسكر اللواء، وأمام الخنادق الدفاعية. الحوثيون خسروا خسائر كبيرة وفادحة. آخر معركة استمرت، كما قلت لك، 18 ساعة، كان أغلب أفراد قوتنا قد أصيبوا، ونال التعب منهم. قوتنا ضَعُفَتْ، وهذا أمر طبيعي ومفهوم؛ بسبب الحصار، وعدم تبديل القوات. جنودنا قاتلوا طوال 18 ساعة دون أكل ولا نوم. كان الوضع صعباً، وبعض الأفراد أصابهم التعب والملل.
كيف انتهت المعركة داخل مقر اللواء؟
نحن انسحبنا من مقر اللواء، بعد أن خاض مقاتلونا معارك بطولية استثنائية، تم فيها تكبيد العدو خسائر كبيرة. جنودنا قاتلوا ببسالة؛ لم يستسلموا، ولم يهربوا، بل قاتلوا حتى الموت. وعندما رأيت صعوبة الوضع، قرَّرت الانسحاب، انسحاب تكتيكي، من أجل إعادة ترتيب صفوفنا لمواصلة القتال. لم ننسحب نتيجة الهزيمة. صحيح أن العدو تمكّن من تحقيق بعض الاختراقات في خطوطنا الدفاعية، وكان ذلك بسبب الفارق الكبير في عدد المقاتلين، وفي التسليح. لكنه لم يتمكن من القضاء علينا، أو حسم المعركة بشكل نهائي معنا. العدو اخترق من جهة الاستاذ الرياضي، ومن جهة التأمين الفني (الشؤون الفنية)، بعد سقوط كل أفراد هذا الموقع بين قتيل وجريح، وليس لأن مقاتلينا هربوا أو استسلموا. حاول العدو أن يخترق أجزاء من الكتيبة 55، وكان هذا في القطاع الشمالي الشرقي من المعسكر؛ اخترق العدو فيه موقعين عند الفجر. ذهبت أنا إلى هناك.. رحت أشوف الجرحى.. وجدتُ جَرحى قد احترقوا، ودبابات قد احترقت وانصهرت. أحد جنودنا استُشهِد داخل دبابة ضربها الحوثيون بصاروخ لو؛ لم نجد جثته، لم نجد حتى آثاراً لجثته، نتيجة الصاروخ وانفجارات القذائف التي كانت داخل الدبابة. رأيت اثنين من مقاتلينا خرجوا من الدبابة وهم يحترقوا.. تألمت كثيراً، خاصة عندما زرتهم في المساء. شاهدت نحو 35 جريحاً في حالات صعبة جداً. كان معنا 12 شهيداً في النهار، منهم ثلاثة استشهدوا قبل يومين، وما قدرنا نُخَرِّج جثثهم، بسبب الحصار المفروض على المعسكر. (كُنَّا نُخَرِّج جُثث شُهدائنا في بطانيات إلى حارة مجاورة للمعسكر، ثم ننقل الجثث في سيارات). في تلك الليلة، وصل عدد الشهداء إلى 28 شهيداً، رُصُّوا في غرفة واحدة.
تلك الليلة هي الليلة التي سبقت انسحابكم من المعسكر؟
نعم. عندما رأيت صعوبة الوضع، تواصلت مع "العوني"***، قائد الكتيبة 55، وبعض القيادات اللي في العمليات، وقلت لهم: "يا جماعة، القرار كالتالي: الانسحاب.. أي قائد يريد أن يحرق ويقضي على كل جنوده، فهو ليس بقائد.. نحن ضحينا تضحية كبيرة، وصمدنا صمود استثنائي، ونشرنا قوات اللواء خارج المعسكر، للدفاع عن تعز، وأسسنا اللبنة الأولى لمقاومة قوية.. ولا يجب أن نخوض المعركة حتى يُقْتَل كل أفرادنا، ولا يجب أن نترك جرحانا دون علاج.. لهذا فالقرار السليم الآن هو قرار الانسحاب من المعسكر، وأنا قد اتخذت هذا القرار"، وأبلغتهم بالخطة التفصيلية للانسحاب. بدأنا بإخراج الجرحى، وجثث الشهداء، ثم انسحبنا على دُفَع، مشياً على الأقدام. في تلك الليلة. الليلة التي سبقت الانسحاب، كان معنا أحمد الوافي، ووليد الحميري، كانا في غرفة الجرحى، وممكن يُقدِّما لكما مزيداً من التفاصيل والمعلومات. الوافي والحميري أدخلا لنا بعض العلاجات، خاصة علاجات الحروق، وبقيا معنا. وكاد يقتلهما أفراد حراسات المدخل الخلفي للمعسكر، بسبب عدم التنسيق الجيد لدخولهما إلى المعسكر. وأصيب الحميري إصابة بليغة جراء سقوطه من قاطع ترابي مرتفع؛ أثناء إطلاق الرصاص باتجاههما. دخلا إلينا من الاتجاه المؤدي إلى الحارة السكنية، وهذا الاتجاه دافعنا عنه ببسالة، ولم يستطع الحوثة اختراقه، وكان انسحاب أغلبنا من هذا الاتجاه. وفي السادسة من صباح اليوم التالي، يوم الانسحاب، بدأت أولاً بإخراج الوافي والحميري، وبعدين سحبت مجموعة الجهة الجنوبية جعلتهم ينسحبون بشكل كامل، باستثناء ثلاثين مقاتلاً أبقيناهم لتغطية عملية الانسحاب في تلك الجهة. تم ذات الأمر في القطاعين الغربي والشرقي. أبلغنا الجنود والضباط المتمركزين والمنتشرين في البوابات، بعملية الانسحاب، لكنهم ظلوا يُقاتِلوا، وكان معنا خط دفاعي ثانٍ خلفهم. استشهد كثيرون من جنودنا في البوابات. قلت لك، كان معنا 28 شهيداً، وكان لازال معنا شهداء في الخنادق، وفي البوابات، إضافة إلى الشهداء الذين سقطوا في اللحظات الأخيرة. لهذا، فالعدد الإجمالي للشهداء، الذين سقطوا في ذلك اليوم (المعركة الأخيرة)، قد يصل إلى 35 شهيداً.
متى بالضبط بدأ الانسحاب بشكل فعلي؟
الساعة السابعة والنصف صباحاً، من يوم 21 أبريل 2015.
انسحب جميع أفرادكم؟
نعم، باستثناء ثلاثين فرداً، ومجموعة أخرى عند مبنى الشرطة العسكرية التابعة للواء؛ داخل المعسكر. حتى وسائل الاتصالات معد كانت قائمة وفاعلة..
(مقاطعاً) الثلاثين الفرد، والمجموعة الأخرى، انسحبوا بعد ذلك؟
نعم، انسحبوا كلهم في الأخير. آخر واحد اُستُشهِد في الطريق الإسفلتي الواقعة خارج المعسكر، في الأسفل، والمؤدية من مدينة تعز إلى الحديدة. استُشهِد هذا الجندي وهو يُغَطِّي انسحاب زملائه.
لم تنسحبوا من الجهات المؤدية إلى مدينة تعز؟
لا، الانسحاب كان باتجاه المدينة؛ من الجهات المؤدية إلى مقر نادي الصقر. الحوثيون كانوا منتشرين من مدينة المطار القديم، وامتدادها حتى فرزة الحديدة. أيضاً، كان الحوثيون متمركزين في الاتجاه المؤدي إلى مستشفى الجُذام و"حي الزُّنْقُل"؛ من معسكر الدفاع الجوي إلى المطار القديم، وإلى معسكرنا. الاتجاه الذي كان باتجاه نادي الصقر كان مازال معنا، وظل معنا فيه مدفع وعربة ودبابة بقت تشتغل إلى صباح ذلك اليوم.
أنا فهمت، من كلامك، إنكم انسحبتم من الجهات الغربية المُطِلَّة على الطريق الرئيسي المؤدي من تعز إلى الحديدة، ثم قطعتم الطريق الإسفلتي، ونزلتم إلى الوادي، والمنازل الواقعة في غرب المعسكر، ثم اتجهتم يساراً نحو نادي الصقر..
نعم، نعم، قطعنا الشارع المؤدي إلى الحديدة، ثم دخلنا باتجاه الجنوب. أنا خرجت من هناك وأُصبت أثناء الخروج. كُنت أُشاهد الحوثيين قدهم قريبين من ميدان المعسكر، وحول القيادة، وإطلاق رصاص يأتي منهم نحونا. غطَّى انسحابنا زملاؤنا الثلاثون، وكان باقي مجموعة تنسحب من الجهة الواقعة على يساري.
كيف أُصِبْتَ؟
شوف أنا خرجت من المعسكر، وعندما نزلت كان هناك قاطع ترابي مرتفع جداً، ويطل على الطريق الإسفلتي المؤدي إلى الحديدة. وبسبب ارتفاع ذلك القاطع الترابي، حاولت أنزل منه عبر قفزتين، لأن طوله كان يُقارب ثلاثة طوابق. عندما قفزت إلى النص، كنت لابس حذاء صغير كان خاص بأحد الجنود، لأن مكتبي قُصِفَ واحترق مع كل ما فيه بما في ذلك الملابس والجزمات، ولم يكن لدي حذاء. والغرفة الثاني التي كنت أجلس فيها قُصِفَت، والمكان الثالث قُصِفَ، أيضاً. عندما قفزت إلى أسفل القاطع الترابي أُصيبت قدمي بشرخ في العظم حق الكاحل، وتَمَزُّق في الأعصاب.
قدمك اليمنى؟
لا، اليُسرى. حينها معد قدرت أمشي.
حَمَلُوك؟
لا، خرجت بمفردي. وجدت هناك أحد جنود اللواء فبقيت أسيرُ وأنا متكئ عليه. كانت بيت ذلك الجندي قريبة مِنَّا. سَفِيَتْ رجلي، بسبب الوجع، وبقيت أمشي عليها بالقوة، وبصعوبة. وصلنا إلى بيت ذلك الجندي، ووجدت عصى أخذتُ أتكئ عليها. كنت سأبقى وأنام عنده في البدروم الواقع أسفل بيته. هو راح يشتري ماء وأشياء أخرى ثم عاد سريعاً. أنا جلست حوالي عشر دقائق، وشعرت بضيق شديد، ودعيت له، وقُلْتُ إني سأغادر. خرجت من بيته، فأخذ يبكي، ويقول لي: "الحوثة، با يمسكوك". كان مسلحو الحوثي يتمركزون في نقطة تفتيش قريبة مِنَّا، في "شارع الثلاثين". وكانت المسافة بيني وبينهم قريبة جداً؛ تبلغ حوالي ستين متراً فقط. لكن هناك مبنى أو مبنيين يفصلاننا عنهم. أنا قُلْتُ له: "ضروري أُغادر الآن، رِجْلِي تؤلمني". غادرت. أقنعته بصعوبة إني ضروري أغادر. ذلك الجندي هو من جبل حَبَشِي، ويدعى (ف. ح). كنت أمشي متكئاً على العصى، وكان أفراد اللواء يمشون من فردين، من ثلاثة أفراد. قطعت الشارع قطع، ورحت إلى منزل أحد أقربائي. طرقت الباب، فلم يرد أحد. والمكان يطل على وادي. نزلت قليل وجلست في عُبَار "مسقى حق سيل"، محفور كثير، بس شبه مغلق. جلست فيه، وأجريت أول اتصال. كان باقي معي درجة من بطارية التلفون، ودرجة في بطارية التلفون الثاني. أجريت أول اتصال إلى بيتي. قُلْتُ لهم: "با تسمعوا: قتلوا الحمادي، أسروا الحمادي، لا تصدقوا.. أنا بخير، وفي مكان آمن، اطمئنوا، ولا تصدقوا أي كلام تسمعوه، أي كلام تسمعوه في القنوات التلفزيونية أو تقرأوه في وسائل التواصل الاجتماعي، اعتبروه دعاية. أنا خرجت من المعسكر، والمعسكر معد فيش أحد فيه". انهيت المكالمة وطَفَتْ بطارية التلفون الأول. كُنتُ قد أغلقت التلفون الثاني. أبقيته مغلقاً. وقبل المغرب فتحته، واتصلت ليوسف الشِّراجي..
الشِّراجي، ماذا كان يومها؟
يوسف، كان تمام. لم يكن لديه عمل محدد، لكن كان على صلة بي، بحكم إننا زملاء، وأيضاً هو دفع بأفراد للقتال معنا في المعسكر.. وكان منزله قريباً منا؛ في تَبَّة باتجاه نادي الصقر.. في المكان الذي كان يمر فيه الجنود، بعد انسحابنا من المعسكر.
خرجت من المعسكر الساعة سبع ونص الصباح، واتصلت له قبل المغرب.. كل هذا الوقت (نحو عشر ساعات تقريباً) بقيت في "عُبَار السِّيل"؟
نعم. قال لي يوسف الشِّراجي: "كيف؟". قُلْتُ: "أنا خلف نقطة [التفتيش] حق الحوثة، بمسافة بسيطة. أنا سأخرج من المكان إلى..". قال: "عادك، لا تخرج". أنا كنت قد بدأت أطلع من "عُبَار السِّيل"، وما كنش في أي بيوت هناك؛ كنت أسحب نفسي وأنا جالس على الجهة اليمين، وأسحب رجلي اليسرى سحباً، وكانت رجلي قدها مُوَرِّمَة. وصلتُ إلى باب بيت قريبي؛ طرقتُ الباب ففتحوا لي. دخلت، وجابوا لي أكل. شوية، وسمعنا واحد يدق باب البيت. قُلت لصاحب البيت: "لا تخبر أحداً أني هنا". زادت عملية الدق على باب البيت. قلت لصاحبي: "اخرج شوف من في الباب". أنا لم أكن قادراً على فعل شيء. كنت لا أستطيع حتى على المغادرة من الباب الآخر. عندما فتح صاحب البيت الباب، وجد شخصاً قال له: "أشتي الفندم". قال له: "الفندم، من؟!". رَدَّ: "الحمادي". قال: "ما أعرفه". قال: "أنا بوجهك"، وأخذ يبكي. صاحب البيت، لمَّا شاف ذلك الشخص يبكي، قال له: "الشخص اللي تبحث عنه، يمكن جاء للبيت اللي جَنبنا، وهي نفس البيت حَقَّنا.. يمكن أنت غلطت بالباب، اصبر بسأل". قال له: "يا أخي والله إني الصباح جبت الفندم الحمادي إلى هذا البيت، وعملت حجر فوق حجر جنب البيت عشان ما أغط به". وكان هذا الشخص هو الجندي (ف. ح)، الذي خرجت إلى بيته بعد ما غادرت المعسكر، وعندما أصرِّيت أمشي من بيته جلس يمشى بعدي، وراقبنا وأنا مش داري، وشافنا أدق هذا البيت. صاحب البيت، غَلَّق الباب ودخل لعندي، وقال: "يا أخي في واحد اسمه (ف. ح) يبحث عنك، وهو يبكي". قُلْتُ: "لوحده؟". قال: "أيوه". قُلْتُ: "دَخِّلُه". دخل الجندي وسَلَّم عليَّ وأخذ يبوسني ويبكي. قُلت له: "ما لك يا فضل؟!". قال: "الحمد لله إنك ما صدقتني، وما جلست عندي". قُلْتُ له: "ليش؟". قال: "أنت مشيت، وأنا مشيت بعدك، وراقبت إلى أين وصلت، وشفتك تدق على باب هذا البيت، وبعدين نزلت تحت، وأنا عملت حجر فوق حجر جنب باب البيت عشان ما أتغالط به، ثم انسحبت، قُلْتُ ربما إنك تشتي تُغَيِّر البيت، والآن رجعت أشتي أتأكد من صاحب هذا البيت عشان أعرف أين أنت. لكن الحمد لله إني لقيتك". قال: "بعد ما مشيت بعدك الصباح، رجعت إلى البيت، وأجي واثنين أطقم حوثية جنب بيتي، ودخلوا البدروم اللي تحت البيت، اللي كنت أنت فيه، وطلعوا يفتشوا البيت، وزوجتي داخل، نبشوا البيت نبش، وفَتَّشُوا بيوت الجيران، ويقولوا لي: "أين هَرَّبت عدنان الحمادي؟"، قُلتُ لهم: "أنا ما أعرفوش". قالوا: "متأكدين مائة في المائة إن عدنان الحمادي دخل عندك". سألته: "وبعدين كيف تركوك؟!". قال: "لَمَّا تأكدوا إنك مش موجود.. فَتَّشوا البيت حَقِّي، وبيوت الجيران، وما حَصَّلوك".
هوامش:
*العميد الركن علي الحَيَّانِي، الذي أصدرت مليشيا الحوثي الانقلابية، نهاية مارس 2015، قراراً قضى بتعيينه قائداً للواء 35 مدرع، بعد أن منع أفراد اللواء العميد منصور مُعَيْجِر من دخول اللواء. وقد تحدَّث العميد الركن عدنان الحمادي عن ذلك في الحلقة الأولى من هذا الحوار.
**عندما وصلت، صباح 2 ديسمبر الماضي، إلى هذا المكان من تفريغ التسجيل الخاص بالحوار، أرسلت رسالة، في "الواتس"، إلى العميد عدنان الحمادي، سألته فيها عن اسم هذا الشخص. حينها، لم يكن العميد عدنان متصلاً بالنت، وعصر ذلك اليوم، تم اغتياله قبل أن يدخل "الواتس"، أو يقرأ الرسالة.
***هو العقيد محمد عبد الله العَوْنِي، الرَّجُل الثاني في اللواء، بعد العميد عدنان الحمادي. تَرَقَّى "العَوْنِي" حتى صار أركان حرب اللواء 35 مدرع، ثم قُتِلَ، عندما تمكنت قوات اللواء، في 19 مارس 2016، من استعادة معسكر المطار القديم وطرد الحوثيين منه. قُتِلَ "العوني" داخل اللواء، يوم تم اقتحامه وطرد الحوثيين منه. "والعَوْنِي" رفيق قديم لـ"الحمادي"؛ منذ دراستهما معاً في الكلية الحربية.