النشيد الوطني: راية القومية اليمنية وإرث القيل أيوب طارش
الاثنين 16 ديسمبر 2024 - الساعة 07:15 مساءً
د . نادين الماوري
مقالات للكاتب
لطالما كانت الأناشيد الوطنية عنوانًا لهوية الشعوب، ومرآة لتطلعاتها وآمالها. وفي اليمن، يتجسد ذلك في نشيدنا الوطني “رددي أيتها الدنيا نشيدي”، الذي ارتقى من مجرد كلمات وألحان إلى رمز خالد يجسد الروح الجمهورية والقومية اليمنية. هذا النشيد الذي صاغه شاعر الوطن عبدالله عبدالوهاب نعمان، وأبدع في تلحينه القيل الفنان أيوب طارش، هو أكثر من مجرد مقطوعة؛ إنه راية ثقافية ترفعها الأجيال في وجه كل محاولات الطمس والانحراف.
النشيد الوطني وصوت القومية اليمنية
في وقت عصفت فيه الانقسامات والمشاريع الهدامة باليمن، كان النشيد الوطني بمثابة البوصلة التي تعيد تذكيرنا بجوهر هويتنا القومية اليمنية. كلمات النشيد تختزل أحلام الجمهورية ودماء الأحرار الذين فجروا ثورة 26 سبتمبر المجيدة، ورفضوا أن يكون اليمن ساحة للفكر الإمامي الكهنوتي أو للمشاريع العابرة للحدود.
ليس النشيد مجرد احتفاء باليمن كجغرافيا، بل هو تمجيد لليمن كأمة ذات تاريخ ممتد وكرامة عصية على الانكسار. حين تسمع الكلمات “لن ترى الدنيا على أرضي وصيًا”، تدرك أن هذه الرسالة ليست موجهة للعدو الخارجي فقط، بل لكل من تسول له نفسه الانتقاص من سيادة اليمن، سواء أكان ذلك تحت عباءة السلالية الكهنوتية أم أحلام الخلافة المستوردة.
أيوب طارش: القيل الذي أنطق اليمن
أيوب طارش عبسي، القيل الذي أنطق اليمن وجعل لحن النشيد يلامس وجدان كل يمني، قدم لنا أكثر من مجرد موسيقى. لحنه للنشيد الوطني أصبح بمثابة ترنيمة مقدسة تُغنى في كل المناسبات الوطنية، محفزًا مشاعر الفخر والانتماء في نفوس اليمنيين.
بصوته وعوده، استطاع أيوب أن يجسد معاني الحرية والجمهورية، ليرتقي بالنشيد إلى مستوى التراث القومي الذي لا يمحوه الزمن.
أيوب، بعبقريته الموسيقية وبساطته، لم يكن مجرد فنان؛ كان حارسًا للهوية اليمنية في وجه موجات التشويه والانحلال. هو القيل الذي عكس من خلال ألحانه صلابة الشعب اليمني وعنفوانه، ليصبح النشيد الوطني أكثر من مجرد كلمات؛ إنه صوت الأمة اليمنية.
النشيد الوطني: راية حاملي الهوية
في خضم الصراعات الفكرية والسياسية، يبقى النشيد الوطني رمزًا ثابتًا للهوية اليمنية. إنه مرآة القومية التي لا تعترف بالسلاليات ولا بالوصايات الفكرية، سواء جاءت من دعاة الإمامة أو من المتأثرين بمشاريع خارجية كالإخوان المسلمين وأحلامهم بالخلافة.
النشيد يجمع بين أصالة الماضي وآمال المستقبل، ليذكرنا بأن اليمنيين، حاملي راية القومية والجمهورية، لن يفرطوا أبدًا في هويتهم التي خطها الأحرار بدمائهم.
ختامًا
النشيد الوطني ليس مجرد كلمات وألحان؛ إنه عقدٌ بين اليمنيين، يربطهم بأرضهم وتاريخهم ومستقبلهم. وبين كلمات عبدالله عبدالوهاب نعمان ولحن أيوب طارش، نجد أنفسنا أمام ملحمة قومية خالدة، تعكس الكبرياء اليمني.
اليوم، وفي ظل محاولات التشويه والطمس، علينا أن نرفع هذا النشيد عاليًا، لا كأغنية تُردد، بل كصرخة هوية، ورسالة لمن يعبث بتاريخنا أن اليمن سيبقى جمهوريًا، قومي الهوية، عصيًّا على كل مشاريع الهدم.
▪︎ اكاديمية ودبلوماسية سابقا.