خارطة الطريق المفقودة: عشر سنوات من الحرب ومأزق الشرعية والتحالف

 

عقد اجتماع الرياض الأخير بين القوى اليمنية بدعوة من المملكة العربية السعودية أملاً في دفع عملية السلام إلى الأمام. ومع ذلك، فإن هذا الاجتماع، رغم أهميته الظاهرة، يعيد تسليط الضوء على تساؤلات تتكرر منذ اندلاع الحرب: هل تمتلك الشرعية والتحالف العربي والغربي خارطة طريق حقيقية لتحرير اليمن وإنهاء الصراع؟

 

عشر سنوات من الحرب: إخفاقات متراكمة

 

اندلعت الحرب في اليمن منذ عام 2014 بعد انقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة ومؤسساتها. عشر سنوات مضت، لكنها لم تحقق السلام المنشود ولا التحرير الكامل، بل أظهرت إخفاقات في الاستراتيجية السياسية والعسكرية على مختلف المستويات.

 

• الشرعية اليمنية: بدلاً من بناء نموذج دولة قادر على استعادة ثقة الشعب، غرقت الشرعية في خلافات داخلية، واعتمدت على التحالف دون أن تُظهر قدرة على إدارة المعركة أو تقديم رؤية واضحة لتحرير اليمن.

 

• التحالف العربي: رغم الجهود الكبيرة المبذولة، فشل التحالف في حسم المعركة عسكرياً أو الضغط لتحقيق حل سياسي عادل، وبدت بعض التحركات الأخيرة أقرب إلى احتواء الصراع بدلاً من إنهائه.

 

• المجتمع الدولي: تعاملت القوى الغربية مع الأزمة اليمنية باعتبارها ملفاً ثانوياً، وأعطت الأولوية لمصالحها الاستراتيجية، ما أدى إلى تراجع الضغط الدولي على الحوثيين وفتح الباب أمام تحركاتهم العدائية.

 

اجتماع الرياض الأخير: خطوة أخرى بلا نتائج ملموسة

 

يُعتبر اجتماع الرياض الأخير فرصة جديدة لتوحيد صف القوى اليمنية ووضع خطة سياسية وعسكرية لتحقيق تقدم ملموس، لكن مع غياب الإرادة الحقيقية والالتزام الصارم، تبقى النتائج متواضعة:

 

• الملف العسكري: لم يطرح الاجتماع أي خطط واضحة لتحرير المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، بل ركز على الحوار والتقارب، ما يعزز مخاوف شرعنة الحوثي بدلاً من مواجهته.

 

• الملف السياسي: يتكرر الحديث عن حلول شاملة، لكن دون آليات محددة لضمان تنفيذها، خاصة مع استمرار الحوثيين في رفض الحوار والالتزام بالسلام.

 

• الواقع الميداني: يظل الشعب اليمني يعاني من تبعات الحرب، بينما تستغل الميليشيات الوقت لتعزيز قبضتها، سواء على الأرض أو عبر تحركات دولية لكسب الاعتراف.

 

الحاجة إلى خارطة طريق حقيقية

 

بدلاً من الاستمرار في إدارة الصراع، تحتاج الشرعية والتحالف إلى وضع خارطة طريق واضحة تشمل:

1. حسم عسكري فعّال: لا يمكن تحقيق السلام مع الحوثيين دون كسر شوكتهم عسكرياً وإعادة توازن القوى على الأرض.

2. إصلاح الشرعية: بناء قيادة موحدة ونزيهة قادرة على اتخاذ قرارات استراتيجية لصالح اليمن بعيداً عن المصالح الشخصية والحزبية.

3. ضغوط دولية حقيقية: يجب استغلال التحركات الدولية لتعزيز عزل الحوثيين وداعميهم، مع التركيز على جرائم الحرب والانتهاكات الإنسانية.

4. دعم الداخل اليمني: إعادة الثقة إلى الشعب من خلال تقديم خدمات أساسية وبناء نموذج إداري ناجح في المناطق المحررة.

 

الخاتمة

 

عشر سنوات من الحرب تكشف أن إدارة الصراع ليست حلاً، بل هي تأجيل للمأساة. إذا لم تتحرك الشرعية والتحالف بجدية لإنهاء الصراع، فإن المستقبل سيكون أسوأ، ليس لليمن وحده، بل للمنطقة بأكملها. اجتماع الرياض قد يكون بداية جديدة إذا ما تم توظيفه بشكل صحيح، لكنه سيكون مجرد محطة أخرى بلا جدوى إذا استمرت نفس السياسات الحالية. اليمن بحاجة إلى إرادة حقيقية، خارطة طريق واضحة، وقيادة تُدرك أن الأوطان تُبنى بالتضحيات والقرارات الحاسمة، لا بالانتظار والمساومة 

 

▪︎اكاديمية ودبلوماسية سابقآ 

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس