محاكمة البرلمان: ضرورة وطنية لإنقاذ ثروات اليمن
الاثنين 06 يناير 2025 - الساعة 10:16 مساءً
د . نادين الماوري
مقالات للكاتب
في ظل الأوضاع الراهنة التي يمر بها اليمن، يتصدر مشهد الفساد في القطاعات النفطية عنوانًا مأساويًا يكشف عن خيانة عظمى لمصالح الشعب اليمني وحقوقه. هذه الخيانة لا تقتصر على الحكومة والمسؤولين التنفيذيين فحسب، بل تتعداها لتصل إلى مؤسسة يفترض أنها الحارس الأمين على مصالح المواطنين: مجلس النواب.
مجلس النواب: بين الواجب والتقاعس
مهمة البرلمانات في العالم واضحة: مراقبة أداء الحكومة، مساءلتها، وضمان أن تكون القرارات التنفيذية في مصلحة الشعب. لكن ما يحدث في اليمن يعكس انهيارًا وظيفيًا وأخلاقيًا لهذه المؤسسة، حيث أصبح مجلس النواب، برئيسه وأعضائه، مجرد متفرج على عمليات النهب المنظم للثروات النفطية.
تقارير الفساد المتعلقة بشركة “بترو مسيلة”، التي تشير إلى تجاوزات بمليارات الدولارات، ليست سوى غيض من فيض. فقد وثقت لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس النواب تلك التجاوزات، لكن بدلاً من اتخاذ الإجراءات اللازمة، تم إخفاء التقرير في أدراج النسيان.
نهب الثروات تحت مظلة الشرعية
يتوالى العبث بثروات اليمن النفطية بشكل غير مسبوق، حيث تُباع مقدرات الدولة وحقوق الشعب في المزاد العلني. من رئيس الوزراء إلى وزير النفط، وحتى محافظ شبوة، بات الجميع شركاء في هذا الفساد. أُعلن عن بيع معدات نفطية وكأنها ممتلكات خاصة، في حين تم توقيع اتفاقيات غير قانونية مع شركات أجنبية مثل OMV دون أدنى احترام للقوانين الصادرة عن مجلس النواب، والتي تنص على أن وزارة النفط وهيئة النفط هما الجهتان الوحيدتان المخولتان بتمثيل الجمهورية اليمنية في هذا الشأن.
لقاءات سرية وصفقات مشبوهة
الأمر لم يقف عند هذا الحد. بل تشير التقارير إلى اجتماع سري سيعقد في القاهرة بين رئيس الوزراء، وزير النفط، محافظ شبوة، وأعضاء لجنة مخالفة، للاتفاق على تسليم قطاع S2 لشركة “بترو مسيلة”. هذا الاجتماع يمثل قمة الخيانة الوطنية، حيث يتم التنازل عن حقوق الدولة مقابل مكاسب خاصة، في ظل صمت مطبق من مجلس النواب الذي يجب أن يكون المدافع الأول عن مصالح الشعب.
لماذا المحاكمة؟
إن ما يحدث من تقاعس وصمت من قبل مجلس النواب يعد تواطؤًا يصل إلى درجة الخيانة العظمى. هذه المؤسسة التي يُفترض أنها صوت الشعب تحولت إلى شريك في الجريمة، أو على الأقل شاهد زور يبارك عبث الحكومة بثروات اليمن.
محاكمة رئيس وأعضاء مجلس النواب ليست مجرد مطلب شعبي، بل ضرورة وطنية لإنقاذ ما تبقى من مقدرات اليمن. الشعب اليمني بحاجة إلى قيادات تحمل على عاتقها مسؤولية حماية الوطن ومقدراته، لا قيادات تتواطأ مع قوى الفساد لتدمير مستقبل البلاد.
الخلاصة:
اليمن يواجه خطرًا حقيقيًا لا يقتصر على الحرب والصراعات السياسية، بل يتعداه إلى خيانة داخلية تنخر في عمق مؤسساته. محاكمة مجلس النواب، إلى جانب الفاسدين في الحكومة، هي الخطوة الأولى لاستعادة ثقة الشعب وبناء يمن يحترم فيه القانون وتُصان فيه حقوق الأمة.