جامعة تعز: الإضراب مستمر والموت يحصد أرواح الأكاديميين

الاربعاء 22 يناير 2025 - الساعة 12:21 صباحاً

 

في زاوية منسية من المدينة، انتهت حياة الدكتور حكيم العريقي، الأكاديمي الذي قضى حياته في خدمة العلم والمعرفة، لكنه وجد نفسه وحيدًا في مواجهة مرض السرطان وظروف مادية قاسية أرهقته حتى النهاية.

 

الدكتور حكيم لم يكن مجرد أكاديمي عادي؛ كان رمزًا للصبر والتفاني. لسنوات، قاوم المرض بكل ما يملك، متحديًا آلامه ليبقى في قاعة المحاضرات، متمسكًا برسالته التعليمية رغم المرض الذي ينهش جسدة النحيل الذي ينهار يوماً بعد يوم. لكن النضال أمام المرض لم يكن أصعب معاركه؛ فبين كل جلسة علاج وجرعة دواء، كان يواجه معركة أشد قسوة وهي تأمين أبسط مقومات الحياة في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة لأكاديميين جامعة تعز.

 

فبراتب شهري بالكاد يغطي قوت يومه، واجه الدكتور حكيم عجزًا مستمرًا عن تغطية تكاليف علاجه، التي فاقت قدرته على الاحتمال. ظل يقاوم بشجاعة نادرة،  ومع كل يوم يمر، كان المرض ينهش جسده والفقر ينهش روحه.

 

في أيامه الأخيرة، وبعد أن ضاقت به السبل، اختار الصمت. أغلق باب منزله على نفسه، ممتنعًا عن الطعام والشراب، وكأنه يعلن النهاية التي فرضتها عليه الظروف. وبعد أيام من الامتناع، غادر الدكتور حكيم الحياة، ميتًا في منزله، جسدًا أنهكته المعاناة وعينين أطفأهما الحزن بعدما عجزت السلطة الشرعيةعن تسوية أوضاع أكاديميين جامعة تعز، وعمل حلول جذرية للوضع الاقتصادي القاتل لكل مواطن يمني .

 

لم تكن وفاة الدكتور حكيم مجرد قصة عن أكاديمي رحل بسبب السرطان، بل كانت شهادة موجعة على واقع مرير يعيشه كثير من الكفاءات العلمية في مجتمع لا يمنحهم ما يستحقون من تقدير ودعم. في حياته، كان الدكتور حكيم مثالًا للعزيمة، وفي موته أصبح رمزًا لفشل منظومة بأكملها في حماية من يكرسون حياتهم للعلم وخدمة المجتمع.

 

غادر  الدكتور حكيم الحياة، تاركًا خلفه العديد من التساؤلات المحورية.. كيف نطالب الأكاديميين بالعطاء في مجتمع يعجز عن توفير الحد الأدنى من كرامة العيش لهم؟..كيف نترك كوادر بلدنا تواجه الموت جوعًا ومرضًا، بينما تصرف ثروات بلدنا على العديد من التافهين والانتهازيين؟ والى متى سنترك الشرفاء يدفعون حياتهم ثمنًا لصمتنا؟

لقد كانت حياة الدكتور حكيم درسًا في الصبر، ووفاته دعوة للتفكير. ولكن الأهم، أن حكايته يجب ألا تنسى.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس