للضبيبي .. مبلغُ العلمِ أَنَّهُ رجلٌ .. وأنَّهُ خيرَ من (ذَكرتَ) كُلِهِمِ !!

الاربعاء 29 يناير 2025 - الساعة 08:59 مساءً

 

 

       حاولت قراءة موضوع الضبيبي مراراً لعلي أجد في طرحه موضوعيةً يتكئ عليها في تحامله السيء على شخص الشهيد / ابراهيم محمد الحمدي ومرحلته  وكل ماكتبه تنم عن حقدٍ دفينٍ للرجل ومرحلته ومطيةً تقربه بهكذا إساءات من خصوم الرجل التاريخية أو هكذا بدا لي بعد قراءة مقالته ، والتي تتعزز قناعتي بذلك كلما عاوت قراءته. 

 

       فالشهيد / الحمدي من وجهة نظر كاتب الإساءة ليس برجل دولة وليس بحصيف ولاينتمي لعصر الدولة الحديثة ، ويحمل مطرقته و إزميله أمامه كعكفي محكمة يغلق مجلساً _ بحجم مجلس الشورى _ وكأنها ملكية خاصة ومحل  نزاع ورثة لدى محكمة درجة أولى !!  

 

     أو كبلطجي فاتحاً صدره في زمن الفتونة والفتوات ، وليس ذلك وحسب بل ورجل سوقي  أرعن لايتمتع بكياسة لفظية أو حصافة فكرية أو حكمة سياسية … كل ذلك وغيره في مقالة أراقت السم الزعاف  في كل سطر وحرف في تاريخ مرحلة وقيادة وحركة وتجربة هي الأنضج في عمر وتاريخ اليمن الجمهوري والأكثر حضوراً على مستوى الانحياز الشعبي والإنجاز الوطني  والوعي الجماهيري ، وتحاول المقالة التكسب والتقرب من خصوم الرجل التقليديين بتنطعٍ وتحذلقٍ وإسفافٍ حداثي المظهر والادعاء والدعوى بمزاعم إعطاب مؤسسة تشريعية هي (مجلس الشورى) الذي يرأسه الشيخ / عبدالله حسين الأحمر الغني عن  التعريف ، والذي شكل بمجلسه ونفوذه مركزاً من مراكز القوى المتعددة حينها  بزدواجية المجلس السياسية ، وبسطوته القبلية التي حوَّلت البلد إلى رقعة تتجاذبها الأهواء وتتقاسمها المصالح وتعبث بها قوى النفوذ والقبيلة والمشيخ ورجال الاقطاع وكبار الملاك ، وبعض ضباط الجيش وبقايا الاتحاد اليمني واتحاد القوى الشعبية وحزب البعث وغيرهم من مراكز القوى المتحكمة بمشهديات مرحلة النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي ،  كما يرى بعض الدارسين والمهتمين والمؤرخين ، وقد كان وضع البلد حينها في غاية السوء وعلى مختلف الصعد والفوضى والفساد يغطيان عين الشمس.

 

       لقد ضم مجلس القيادة الجماعية ( المجلس الجمهوري) لانقلاب 5 نوفمبر 1967م ضمَّت أربعة هم : عبدالرحمن الإرياني ، حسن العمري ، أحمد محمد نعمان ، محمد على عثمان ، وضم اليهم أحمد الشامي بعد المصالحة مع الملكيين سنة 1970م ، وهو في شكله الرباعي او الخماسي  شكل للقيادة الجماعية التي انتقدها الكاتب في فترة حركة  13 يونيو 1974 م التصحيحية ، وأشاد بها لما قبلها وبعدها في تتاقضية واضحة وتخلو من الموضوعية والتوصيف التاريخي . 

 

      كما أن مرحلة انقلاب  5 نوفمبر 1967م الرجعي التآمري تعاقبت فيها خمس حكومات فهل يمثل ذلك ظاهرة صحية ؟ 

      وكان لمراكز القوى والنفوذ دور في ذلك ، ولعل هذا التعدد لمراكز القوى يوحي بعدم وجود رؤية حاكمة أو ناظمة أو حتى برنامج سياسي واضح المعالم لديها تلتف حوله الجماهير !! 

 

       وليس ذلك وحسب بل تم إضافة مركز قوى جديدة في هذا العهد في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي  ،وتحديداً في 23 مارس 1970م إذ تصالح مجلس قيادة 5 نوفمبر1967م التآمري الرجعي مع الملكيين ، وقضت المصالحة بعودة الملكيين واشراكهم في سلطات الدولة في المجلس الجمهوري والمجلس الوطني ومجلس الوزراء !! 

      وأضافت هذه الاتفاقية مركز قوى جديد إلى جانب قوى الإرياني والأحمر وأبو شوارب وأبو لحوم والعمري ودويد والشائف والغادر ونعمان قائد راجح ووو… ، واتسعت رقع الفساد وتردَّت الأوضاع ، وعمت الفوضى ، وغابت الدولة بكل مايعني هذا الغياب من معنى . 

 

       في 5 سبتمبر1971م تقدَّمت القوات المسلحة ببرنامج التصحيح الإداري والمالي كوثيقة انقاذ وطني مكونة من 42 نقطة أو مقترح لحل مشاكل البلد وإنهاء حالات الفوضى والعبث المستشري فيها للرئيس الإرياني والذي كان أحد مراكز القوى لكنه الأضعف  بينها،  فأصدر قراره بتعيين الشهيد الحمدي نائباً لرئيس مجلس الوزراء للشؤون الداخلية في العام 1972م كي يشرف على مشروع التصحيح الإداري والمالي ، ولكن إرادات الفساد والإفساد وتغول مراكز القوى حاولت إفشال أي مساعي للتصحيح على مدى عامين ، فتداعت القوات المسلحة لإصادر بيانٍ محذرةً من مآلات الوضع  ، والكارثة التي تحدق بالبلد.

 

       وفي خطوةٍ استباقيةٍ للأمام استجاب الإرياني لبيان القوات المسلحة وقدم استقالته _  والتي لم تكن الأولى بالمناسبة  _  ليتخففَ من الفساد أو المسأءلة إلى رئيس مجلس الشورى حينها  الشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر ، والذي لم يقم  بدوره في عرضها على مجلس الشورى الذي يترأسه في مخالفةٍ صريحةٍ لأحكام الدستور !! ولو أنه فعل لأمكن مجلس الشورى حينها من قبول الاستقالة أو رفضها  أو أن يمنح ثقته لأي شخصٍ آخر يراه  المجلس ؛ لكن لم يحدث من ذلك شيء ، بل قام رئيس مجلس الشورى بتقديم استقالته هو الأخر ولكن  ليس لأعضاء مجلس الشورى وفقاً لأحكام الدستور في مخالفة ثانية !! بل قدمها مع استقالة رئيس المجلس الجمهوري إلى الشهيد / ابراهيم الحمدي ، وقادة الجيش طواعية ومن غير ضغطٍ او حصارٍ أو تهديدٍ ، وبالتالي فقد حلَّا مجلسيهما بنفسيهما ولم يعطب الشهيد / ابراهيم الحمدي المجلس التشريعي ولم يعطله  كما جاء في مقالة الضبيبي علي !! 

      فمن هو المعطل الحقيقي ؟

  

      وكان للشيخ الأحمر حساباته الخاصة بتقديم استقالته للشهيد الحمدي وليس لمجلسه بحسب الدستور ؛ إذ يهدف إلى دفع القوات المسلحة للقيام بانقلابٍ على الإرياني ظاناً أنه بذلك الإجراء سيبتعد عن المساءلة أو تحمل المسؤولية او بايحاء للمؤسسة العسكرية والحمدي بأنهم موضع ثقتنا  في استمالة واستقطاب خفي لقادة الجيش والحمدي معاً !! وهذه الاستمالات أو الاستقطابات قد أثبتت فشلها منذ تقديم مشروع االتصحيح المالي والإداري وتمثيل الشهيد / الحمدي في الحكومة مشرفاً على تنفيذه  ، فتقربت مراكز القوى منه لاحتواءه وفشلت على مدى عامين من 1972 م إلى   1974 م ، وظنها باستقالتها إليه تعطي انطباعاً إيجابياً لدى قادة الجيش وقائدها الحمدي  بتسليمها المطلق بوطنية الجيش وانحيازاته وقناعاته المسؤولة . 

 

        فبادرت قيادة القوات المسلحة إلى تحمُّلِ مسؤوليتها التاريخية  (  أيَّها الإخوة المواطنون : إن المسؤولية قد فرضت نفسها على القوات المسلحة فرضاً وماكان في حسابها أن يلقى عليها هذا العبء الكبير، ولهذا فإنها تدعو جميع المواطنين في كل القطاعات وفي كل أنحاء الجمهورية إلى التعاون واستشعار المسؤولية ،  والمحافظة على النظام والأمن والاستقرار). 

 

      وتضمن بيان الحركة رسالة تطمينية لقوى الداخل والخارج  ثم جاءت بأهدافها ونظام حكمها في هذه المرحلة الانتقالية  وإصدار قرار رقم ( 4 )لسنة 1974 م، قضى بتجميد مجلس الشورى ، وتعليق الدستور ، و في 19 يونيو 1974 م صدرت وثيقة الاعلان الدستوري الأول ، وفية تم توسيع مجلس القيادة  وتثبيت قواعد الحكم وتنظيم الحقوق. 

       ثم مرحلة ثانية تم إعلان دستوري ثانٍ في 22 اكتوبر  1974 م ، واهتم بتنظيم سلطات الدولة في هذا الظرف الانتقالي ، وألغى العمل  بالإعلان الدستوري الأول ، وفيه دُعيَّ مجلس الشورى للانعقاد وفقاً لما تنص عليه لائحته الداخلية ويمارس اختصاصاته المبينة في الدستور مع مراعاة الأحكام الواردة في هذا الإعلان الدستوري،  وتم تحديد الفترة الانتقالية بموجب هذا الإعلان من ستة أشهر إلى سنة ميلادية اعتباراً من صدور هذا الإعلان الدستوري . 

 

     ويتم خلالها استكمال خطوات التصحيح المالي والإداري ، ويتولى مجلس الشورى خلالها تقييم الماضي والحاضر بسلبياته وايجابياته ، واستشراف المستقبل المنشود، وتصوير الشكل والمضمون السليم  الذي يجب أن يستقر عليه تنظيم سلطات الدولة العليا  ، وإجراء التعديلات الدستورية اللازمة  لتحقيق ذلك في الدستور الدائم ، كما يتولى مجلس الشورى وضع قانون الانتخابات العامة ، بما يكفل للشعب مزيداً من الضمانات وسلامة التنفيذ والإعداد للانتخابات القادمة بتشكيل  لجنة الانتخابات المنصوص عليها في الدستور ، وإقرار الدوائر الانتخابية في جميع أنحاء البلاد.

 

      وبذلك رفع قرار تجميد المجلس بهذا الإعلان ، وتم افتتاح الدورة الأولى لمجلس الشورى في 5 نوفمبر 1974م وذلك لأن مجلس القيادة لم ( يبت ) في استقالة رئيس مجلس الشورى حين قدَّم استقالته للقوات المسلحة في 13 يونيو 1974 م ، وقام مجلس الشورى بعقد جلساته وأداء مهامه خلال المدة الزمنية المتبقية له والفترة الإضافية الممنوحة له لإكمال المهام المحددة للفترة الانتقالية ، والتي  لم يتم المجلس من انجازها كلها . 

 

       ثم كان بعد هذه الفترة الزمنية الدستورية لمجلس الشورى والإضافية إعلان دستوري ثالث في 22 اكتوبر 1975 م ، مهمته تنظيم الأوضاع الدستورية في المرحلة الانتقالية ، والغاء العمل بالإعلان الدستوري الثاني 22 اكتوبر 1974 م ، وفي هذه الأثناء كان مجلس الشورى قد انتهت مدته القانونية من 1971 م إلى 1975 م. 

 

      ويتم العمل بالدستور الدائم لهذه الفترة الانتقالية الجديدة  في  مجلس القيادة باعتباره يمثل رئاسة الدولة ، ويتولى ممارسة جميع اختصاصات وصلاحيات المجلس الجمهوري المنصوص عليها في الدستور، وأن رئيس محلس القيادة هو رئيس الدولة والقائد العام للقوات المسلحة ويتولى أعمال السيادة وكافة الاختصاصات المقررة لرئيس الدولة طبقاّ للدستور ، وتتخذ الاجراءات والترتيبات اللازمة لاجراءات انتخابات نيابية جديدة تحت إشراف اللجنة العليا للانتخابات طبقاً للقواعد المنصوص عليها في قانون الانتخابات وعلى أساس من الجدية التامة والنزاهة الكاملة ، ويحدد رئيس مجلس القيادة الميعاد المناسب لإجراء الانتخابات.  

 

       وبعد هذه القرارات وإزاحة مراكز القوى والمشيخ من مفاصل الدولة ومواقعها السيادية والتأسيس لدولة المواطنين المدنية اليمنية الحديثة  انطلقت المؤامرات ومن مؤتمر خمر في يونيو 1975 م في نسخته الثانية كانت بداية المؤامرة على الدولة والثورة والتقدم والسيادة والقانون. 

 

       وخلال هذه المدة التي لا تتجاوز سنة وأربع أشهر تقريباً من قيم الحركة وحتى الإعلان الدستوري الثالث صدرت الكثير من القرارات والتشريعات  أو قرارات من مجلس القيادة أو من مجلس الوزراء ، وبموجب الإعلانات الدستورية يقوم مجلس القيادة بمهمتي السلطتين التنفيذية والتشريعية ، وكان أهم انجازات الحركة حينها إنشاء الهيئة العامة لتقنين أحكام الشريعة الإسلامية قي عام 1975م ، وتتبع مجلس الشورى وقد بلغ عدد التشريعات  نحو مائتين وواحد وثمانين تشريعاً  في المجالات القضائية والاقتصادية و المالية والتعليمية والأمنية والعسكرية والبنى التحتية وغيرها ، وتجاوز حجم ماشرَّعته الثورة السبتمبرية منذ قيامها في 26 سبتمبر 1962 م وحتى قيام حركة 13 يونيو التصحيحية 1974 م ، وهذا ما انتزعه مجلس قيادة حركة 13 يونيو 1974 م  من سلطات التشريع ، وإصدار العديد من القوانين والتشريعات والقرارات ، بحكم الدستور وبحكم الإعلانات الدستورية التي حكمت المرحلة الانتقالية إجمالاً ، وأما كون ذلك ليس من اختصاصاته بحسب الضبيبي ومنطقه الضبابي الأعرج ، فسنتركه لهذه الحقائق ومنها عرضاً لا حصراً  :  منح دستور 1970م مجلس الشورى صلاحيات الحق في تعيين  الأجهزة في الدولة  ومنها ترشيح رئاسة الدولة . 

 

 

     فـ (على أي اساس كان الكثير من المثقفين اليمنيين ينتقدون بخفة مرحلة النصف الأول من سبعينات القرن الماضي )!! بحسب الضبيبي علي. 

 

      ليس هناك ثمة خفة في انتقاد اليمنيبن وليس مثقفيهم فقط مرحلة النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي إلآ لكونها مرحلة تاريخية انتكس فيها شعبنا اليمني بانقلاب قوى 5 نوفمبرالرجعي 1967م على الجمهورية الأولى بنت الخمسة أعوام بتحالفات القبيلة والعسكراتية وقوى الملكية ومن شايعهم ، ومن مؤتمر خمر1965م الأول كانت البداية، وبعد قرارات 1975م التي أزاخت رجال المشيخ من مفاصل الدولة والقرار ومواقع الغنيمة. 

 

      وتعريجاً على ماذكره في تناولته السوداء سنذكره بالتالي  : 

 في شكل رئاسة الدولة   من اختزل كل السلطات في يديه بمافيها القضائية التي لاسلطان عليها باعتباره رئيس مجلسها الأعلى !؟ في حين  كان شكل الدولة قبله محددةً  في مجلس قيادة ، وفي ظرف انتقالي حددتها المرحلة الانتقالية بإعلانات دستورية . 

 

 هل شَكْل القيادة الجماعية _ أو مجلس القيادة _  يتعارض مع صيغة الجمهورية التي اقتضتها ظروف المرحلة الانتقالية ؟ وإلآ لكان بحسب منطق الضبيبي واعتسافات أحكامه استفراداً بالحكم والسلطة معاً .. حين اختزلها في شخص رئيس الجمهورية بعنوانه العريض بحسب تعبيره !! 

      فألصق بمن مدحهم على الأقل ذلك الادعاء حين ( استعادوا ) هذا الشكل ، وقد كان الشكل الذي اختارته حركة 13 يونيو التصحيحية في 1974 م وقيادتها شكلاً متعارفاً عليه منذ قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م في شكل مجلس القيادة والذي كان المشير طيب الذكر/ عبدالله السلال على رأسه ، أو حتى في شكل قيادة انقلاب 5 نوفمبر1967 م الذي انبثق عته المجلس الجمهوري بقيادة القاضي / عبدالرحمن الإرياني ، أو حتى في شكل ( مجلس الرئاسة ) في 24  يونيو 1978م الذي انبثق عن مجلس الشعب التأسيسي عقب اغتيال / أحمد حسين الغشمي ، واختيار القاضي / عبدالكريم العرشي  وثلاثة آخرين للقيام بمهام رئاسة الدولة في إطار ( مجلس الرئاسة ) أحدهم من يتغنى به الضبيبي ، ويتقرَّب بزيفه وتزييفه لأسرته. 

 

      فهل اختفت صياغه الجمهورية في عهد (الرئيس)  طيب الذكر/ ابراهيم الحمدي ؟ 

       وقد بدا واضحاً تحامل الكاتب وتدليسه ضد شخص الشهيد / ابراهيم الحمدي ومرحلته والتي عُدَّتْ بالجمهورية الثالثة ، وصُنِفَتْ مرحلته بالذهبية ، ليأتي الضبيبي بضبابيته ليشوه التاريخ ويسيء للرجل وقيادته وزعامته التاريخية لمرحلة هي الأكثر حضوراً في ذاكرة الوطن الجمعية وفي الوعي والوجدان  الشعبيين على قٍصَر فترة حكمه .. فما دواعي ذلك الابتذال وتلك الإساءة للتاريخ أولاً ، وللرجل وحركته التصحيحية الذي أعادت لثورة الـ 26 من سبتمبر 1962م روحها وحضورها وألقها الثوري المجيد ؟ 

لايخامرني الشك في محاولته لتسويق ذاته في مشهديات القادم من الأيام لدى أرباب نعمته كـ (عرضحجلي) يبسط بضاعته بهكذا إسفاف وإساءات لرموز الوطنية اليمنية الحقة التي تحترم النظم والقوانين وتحترم نفسها قبل هذا وذاك ، وقد انحازت بوعيها ومواقفها للوطن أرضه وإنسانه .

       بدا الضبيبي وهو يحاول تلميع صالح لدى أبناءه بالإساءه للشهيد / الحمدي كمن يحاول حجب الضوء بغرباله المتنطع وتحذلقه البائس ،  فأساء لنفسه ولمن هم على شاكلته من أيتام صالح ودعاة التحذلق والتملق وأدعياء الحداثة ، ولمن يخطب ودهم بطرحه المهين .  

      في مقولة ( مونتسكيو ) التي راقت الكاتب في معرض تناولتته مستدلاً بها على حجته  بكون الحمدي اختزل الدولة فيه على حساب المؤسسية ولم يكن رجل دولة  !! 

      راقتني أيضاً _ أي عبارة _ (مونتسكيو ) كونها أوجزت ما نريد قوله فالشهيد الحمدي هو مؤسس الدولة اليمنية الحديثة فهو من أسس ومأسس الدولة  وفي مرحلة حركته التي لا تتجاوز ثلاث سنوات وأربعة أشهر وهي عُشْر ماحكم سيدكم التعس  .

 

      لقد لعبت المؤسسية دورها في الانتقال إلى الدولة في عهد طيب الذكر الشهيد / ابراهيم الحمدي بشهادة التاريخ والانجاز والتخطيط والخطة الخمسية والمشاركة الشعبية الفاعلة في صناعة القرار وتفعيل القوانين والتهيئة للانتقال السياسي الفاعل قراراً ومشروعاً وطنياً وتنميةً حضاريةً وموقفاً سياسياً رصيناً ومسؤولاً وطنياً واقليمياً ودولياً ، وانفتاحاً لروح العصر ، وتجربة التصحيح المالي والإداري التي تراءت كتنظيم سياسي لحركة 13 يونيو التصحيحية البيضاء ، والتي صنعت بدورها تحولاتها الكبرى في الانتقال نحو  الشعبية والمواطنة والدولة  والعدالة واحترام القانون ، وانتصرت لأهداف الثورة اليمنية الخالدة .

 

      ثلاث سنواتٍ وأربعة أشهرٍ فقط  هي كل عمرها الزمني ، وهي بعمر ماتم انجازه لتطغى على كل ماتحقق في ستين عامٍ   من الثورة والجمهورية  بل و من تاريخ اليمن الحديث والممتد لقرون ، ويكفي الحركة وقائدها هذا الخلود الباقي أبد الدهر ولم يصل شأوهما أو يدانيهما تجربةً وقائداً او منجزاً وانحيازاتٍ شعبيةٍ وجماهيريةٍ رغم مضي نصف قرنٍ من التجربة. 

 

        فعلامَ تحاملك بحق السماء ؟ ومراكز القوى هذه هي من  انقضت على المؤسسية وعطلتها بانقلاب 5 نوفمبر 1967م حتى وإن كانت المؤسسية هشة ، واستمرت في اختزالها وتجييرها وتعطيلها حتى بعد أن أعادت حركة 13 يونيو 1974م الروح إليها والارتقاء بها وبالدولة معاً. 

 

       القاضي / عبدالرحمن الإرياني عندما وجد ذاته رئيساً وبدون صلاحيات قرر ترك البلاد مغاضباً إلى منتجعه الأثير في سوريا. 

 

       في أول انتخابات نيابية في العام 1971م  حصدت القبيلة ورموزها معظم المقاعد المنتخبة  واستكمل مابقى بالتعيين إلى الحد الذي أصبح شبيهاً  بمجلس الشيوخ القبلي أو ما اصطلح على تسميته بالمجلس الأعلى لشؤون القبائل !!

 

      وما تبع ذلك من استنزاف لميزانيات الدولة المالية تحت مسمى مخصصات مالية للقبائل والمشائخ ، والتذكير فقط أيضاً  هنا أن وزارة الأستاذ / النعمان  قدمت استقالتها بعد مضي  ثلاثة أشهر ونصف فقط  من تشكيلها بسبب استنزاف زعماء القبائل موازنتها العامة !! 

 

       فعلامَ تدافع و تريق ماء وجهك أيها الضبيبي .. كَبُرَ مقتاً  عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون  وتزايدون وتطبلون ولو كان فيكم خيراً لنلتم ممن نال زعيمكم المفدى !! 

 

      ألآ تستحون بحق الرب  تنافحون وتدافعون عن قبيلة لا تُعَوِّلُ في مشروعها على قانون ، ولا تأبه به أو تهتم لأمره ، ومصدر قوتها يتوقف على مدى  تغلغلها وقدرتها وعلى مدى قربها من رجالات السلطة ؛  فشكَّل كل مركزٍ من مراكز القوى دولة داخل الدولة ، وكانت ولا زالت واحدةً من أدوات التدخل والارتهان الخارجي. 

 

     ولقد رأى شعبنا اليمني كيف اعتمد النظام السابق مثلاً على قبيلة حاشد في تقليدهم أهم المناصب العسكرية  والأمنية وأجهزة الدولة التنفيذية الأخرى  ، ورأينا فيما بعد صراعات الأجيال في سباقات السلطة والثروة ، وإطلاق أيادي الأسرة والقبيلة في الدولة والسياسة واتخاذ القرار بعلاقات لاتحكمها الإستراتيجيات ، بل تحكمها المصالح والمنافع وتبادل الأدوار . 

 

      إن دولة القانون والمواطنة جسدتها حركة 13 يونيو 1974م من خلال اشراك كل القوى في الحكم والإدارة والمسؤولية وفي توجهها الديموقراطي ، و للشهيد/ ابراهيم محمد الحمدي خطاباً واضحاً ولا يحتاج إلى تأويل وقد ألقاه عشية الذكرى الثالثة عشرة لثورة السادس والعشرين من سبتمبر وتحديداً في 25 / 5 / 1975 م أي بعد عامٍ واحدٍ من قيام حركة 13 يونيو يقول فيه : 

     ( نحتاج في اليمن إلى خلق شكلٍ مرنٍ يستوعب الجميع مبني على برنامجٍ واضحٍ محددٍ ومتفقٍ عليه ، وانطلاقاً من هذه المسلمات حول تعدد وجهات النظر والتصورات ومترتبات وجودها داخل الشعوب إيجاباً أو سلباً ، نعتقد مخلصين أن أمثل وأفضل طريق يجب أن نسلكهُ من أجل خدمة بلادنا وشعبنا هو الاستفادة من كل الطاقات ومن كل القوى وذلك من خلال برنامجٍ واضحٍ ومحددٍ يضم الأولويات والضروريات من مطالبنا وﻤطامحنا التي نحن في الأساس متفقون عليها وليست محل خلافٍ ، ولامجال مزايدة او تعجيز تحت سقف إقامة الدولة المدنية الحديثة ، ومفهومها لدينا حكم وطني مستقل ). 

      ويقول : ( إن تجربتنا لابد أن تتيح الفرصة للعناصر الوطنية لتأخذ دورها وتتحمل مسؤوليتها ).

 

       بينما تقاسمت القبيلة أدوارها مع الإمامة ومع الثورة ومعهما معاً في إطار العهد الجديد ممثلاً بالجمهورية الملكية أو الملكية الجمهورية ، وعممت فكرتها في إدارة الدولة ، ونراها عاجزة عن رمي حجر في وجه مستبيح كرامتها. 

    

   الجمهورية الثالثة انتصرت للثورة اليمنية الأم وأهدافها السبتمبرية الستة ولمشروع الدولة الوطنية الذي أجهضته القبيلة بانقلابها سيء الذكر والذي أعاد الملكية للواجهة .

      الجمهورية الثالثة في 13 يونيو 1974م  التصحيحية البيضاء ، انتصرت لفكرة الدولة والجمهورية والقانون ، ومثلت النموذج الوحيد الرائد في تاريخ الدولة اليمنية كله الجمهوري والملكي على حد سواء خلال  مائة عامٍ  تقاسماه الشكلين مناصفة وبالتساوي ( ملكية / جمهورية ) ،  

       انتصرت الجمهورية الثالثة في ثلاث سنوات وأربعة أشهر فقط من تحقيق تجربتها الفريدة بين تجارب الجمهوريات الثلاث أو قل الأربع بمعنى أصح باعتبار ماتلاها كان منفصلاً عنها ولاينتمي إليها مشروعاً وتوجهات دولة ، واستطاعت أن تحقق لليمن في هذه السنوات الثلاث فقط مالم تحققه الدولة اليمنية في مائة عامٍ  إنجازاً واعجازاً واستقلالاً وطنياً  بل ومشروعاً وطنياً جامعاً ، و نظاماً وقانوناً ، وإرادةً وكرامةً وتقدماً وتحولاً نحو الدولة اليمنية الحديثة . 

 

      كما لايخفى على أحدٍ أيضاً دور المملكة العربية السعودية في إذكاء الصراع .

     أما كان لقرارات النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي  1975 م والذي أزاحت مشائخ الرجعية من مفاصل الدولة المدنية والعسكرية مما دفع بعبدالله بن حسين الأحمروقبيلته لاقتحام العاصمة صنعاء بقوةٍ مدججةٍ عقب تعيين (علي الربيدي)  محافظاً لحجة خلفاً للشيخ / مجاهد أبو شوارب الذي كان نسباً للشيخ الأحمر،  وكان حينها متواجداً في الصين ، وهو من أقوى الأجنحة الموالية للأحمر  ،  وكان إضافةً لذلك محافظا للواء حجة  ،  وكان نائباً للقائد العام ، وقائداً للواء المجد .. فتم تعيين كلاً من علي محمد صلاح قائداً للواء المجد ،  وتعيين الغشمي نائباً للقائد العام، والربيدي محافظاً ، وكان لهذه القرارات مابعدها من تداعيات ومواجهات ومؤامرات . 

       عن أي تعطيل للحياة التشريعية تتحدث ياضبيبي ، وقد انتهت المدة القانونية لمجلس الشورى وأضيف اليها مدةً زمنيةً لانجاز قوانين ومراجعة نصوص دستورية ، وأخفقت في بعض ما أوكل إليها من مهام ، وقد اﻧتهت مدة المجلس  في 22 اكتوبر 1975 م منذ انتخابه في عام  1971 م. 

 

صدور قرارمجاس القيادة بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية رقم 27 للعام 1975 م بحسب مانص عليه دستور 1970 م،  وتكونت من تسعة اعضاء مرشحين من مجلس الرئاسة وثلاثة مرشحين من مجلس الشورى ، وتكونت بذلك اللجنة العليا للانتخابات برئاسة القاضي / عبدالله الحجري ، وحدد الإعلان الدستوري بتمديد الفقرة الانتقالية لرئاسة الدولة حيث يتم اجراء الانتخابات وتكوين مجلس الشورى الجديد إضافةً إلى دراسة دستور 1970 م وتعديل بعض نصوصه لتتلائم مع طموحات حركة 13 يونيو 1974 م التصحيحية ، وحتى لا تكون هناك ثمة ازدواجيةٍ في اختصاصات السلطات الثلاث. 

 

تم إصدار الإعلان الدستوري الثالث في 22 أكتوبر 1975 م والقاضي بتنظيم الأوضاع الدستورية للمرحلة الانتقالية الجديدة  ،  والغاء العمل بالإعلان الدستوري الثاني الصادر في 22 أكتوبر1974 م بحسب مانصت عليه المادة الأولى التي اعتبرت مجلس الشورى  موقوفاً لانتهاء مدته،  ونصت المادة الثانية فيه على سريان مفعول دستور1970 م في المرحلة الانتقالية الجديدة ،  وتمتع مجلس القيادة بكامل الصلاحيات الممنوحة للمجلس الجمهوري وفق دستور 1970م ، وبخصوص المادة الثالثة تمنح كافة الصلاحيات لرئيس الدولة ، والمادة الرابعة أكدت على ضرورة إجراءات الانتخابات لمجلس الشورى طبقاً للنصوص والقواعد الواردة في قانون الانتخابات (جلوبوفسكايا) ص 267

 

 

      وجاء مؤتمر خمر الثاني الرافض لهذا الإعلان الدستوري ومطالبين بعودة الحياة الدستورية ، (إن مجلس الشورى قد انتهى أتوماتيكياً في موعده المحدد ) كما يقول ذلك الحمدي في إحدى خطاباته.  

      أن قرار تجميد مجلس الشورى  كان موفقاً وحكيماً  لاسيما وأن المؤسسة التشريعية تحوَّلت من سلطة تشريعية ورقابية الى تنفيذية ، وانتهت مدتها بحكم القانون  . 

       فهل يعني تجميد المجلس بالضرورة تجميداً للشورى ؟؟ 

       أخيراً : نقول إن على الإعلام والإعلاميين  أن يرتقوا بأنفسهم وأن يساهموا في خلق وعي حقيقي وقيمي بالتاريخ وبالقضايا الوطنية بمعلوماتٍ حقيقيةٍ من غير تهوينٍ أو تهويل ، ومن غير تدليس أو تزييف. 

 

فطرفا سلطات انقلاب 5 نوفمبر1967م  أجمعا على ثقتهم بالشهيد الحمدي ( لم نستولِ على الحكم بانقلاب عسكري أو بقوةِ السلاح ) ، وبدلالة تسليم استقالتهما إليه وإلى الجيش ووطنبته الذي قدم مشروع التصحيح الذي كان الشهيد الحمدي على رأسه _ رغم امتلاك مراكز القوى للجيوش البديلة المنحازة للقبيلة _ ، و بدلالة رسالة الاستقالة الخاصة بالشيخ الأحمر ، وبدلالة توديع  الرئيس الإرياني في 17يونيو 1974م توديعاً رسمياً كرئيس دولة ، وبدلالة تصريح الإرياني في أول تصريح له عقب وصوله سوريا الشقيقة والذي قال فيه : ( أشعر بالاطمئنان وراحة الضمير، فالسلطة في اليمن قد سلمت الى  أيادي شابة قوية وأمينة ، وهي عناصر وطنية وغيورة فالحمدي رجل ثائر عايش الثورة منذ قيامها وزملاؤه أعضاء مجلس القيادة هم رجال الثورة وحماتها…. إننا نشعر بالرضا والسعادة  فنحن واثقون بالرجال الذين استلموا الراية ، واثقون بوطنيتهم اليمنية الصحيحة ، وحرصهم على استقلال اليمن وذاتيته الحرة العزيزة واثقون بقدرتهم على يسيروا بالركب إلى الأمام نحو يمنٍ متطورٍ جديدٍ ).

 

       إن خطاب الإساءة لا يتصالح مع التاريخ رغم مرور نصف قرنٍ على قيام حركة 13 يونيو ، ومرور ستة وأربعين سنة على استشهاد قائدها بتصدير مثل هذا الخطاب المسيء والمضلل لحقائق التاريخ الدامغة التي تُنَاقِضُ ما يحاول هذا العاهة ومن على شاكلته من أشياع عفاش وأيتامه تسويقه. 

وللضبيبي نقول: 

 ومبلغُ العلمِ أنَّهُ رجلٌ 

  وأنَّه خيرُ من ذكرتَ كلِهِمِ  .

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس