غياب الوعي هو من حول حكامنا إلى آلهة..
الاربعاء 05 فبراير 2025 - الساعة 10:26 مساءً
رائد عبدالكريم المليكي
مقالات للكاتب
تكمن المشكلة التي نعيشها اليوم في مستوى تعامل وتفاعل الشعب تجاه تحركات القادة وإدارتهم للبلد. فلو علم القائد أو رئيس الحزب أن الشعب واعٍ ويراقب كل تحركاتهم، لما تجرؤوا يومًا على ممارسة الفساد.
ولو علم القائد أن هناك شعبًا يترقب أبسط هفواته، لما تجرأ وغادر وطنه ليحكم أربعين مليون كائن حي من خارج الجغرافيا الوطنية وعلى مدى عقد واحد من الزمن.
وبالمختصر، فقد علموا نقاط ضعفنا، لذلك يحكموننا كالقطيع، فقد تكشف لهم أن الشعب سيتمترس كلا خلف مشروعه الذي تم إهامة به من قبل قائد الذي يراه ملهمًا، وقطاع واسع من الشعب سيتمترس حول منطقته أو قبيلته التي يراها من وجه نظره بمثابة محور الكون.
تم إيهامهم عبر الكثير من الوسائل المرئية أو المسموعة أو حتى مجالس النقاش أن أي خروج ضد الحكومات الحالية لن يجدي نفعًا لأنه ببساطة البلد في وضع حرب والحكام مغتربون.
تم تخديرهم على عدة مراحل بأن موعد التحرير قد حان، وما عليهم إلا مواصلة الصبر لأن ما بعد التحرير ليس كما قبله، وكل الإشكاليات الحاصلة لن يكون لها حل إلا في ظل ذلك التحرير الاصطناعي.
تم تفريخهم لعدة كيانات وكنتونات ومشاريع وهمية لا حصر لها حتى تنشغل فئات الشعب عنهم وتتحول إلى أبواق تسبح وتكافح في سبيل تلك الآلهة من المشاريع التي لا تشبه إلا السراب، وكلما كدت تصل إليها، إذا بها تبتعد عنك أكثر وأكثر.
وبكل بساطة، كل حالات التيه والانكسار والتخبط وغياب الرؤية وانعدام وضوح المخرج، والكثير من العجز، والأكثر من قلة الحيلة، لعل أحد مرتكزاته الأساسية يكمن في حالة التغيب الكلي واندثار الوعي الشعبي في الأوساط الاجتماعية أو النقابية الفاعلة، وغياب الضمير الجمعي لدى نخب ومثقفي الأمة. كل تلك العوامل ساهمت بقصد أو بدون قصد في تذليل الصعاب أمام حكام البلد، وقدمت الشعب كوجبة مندي يأكلون لحمها ويرمون عظمها إلى أقرب سلة قمامة مهترئة، وبدون أي شعور بالخجل.