الضربات الأمريكية على الحوثيين: بين الأهداف العسكرية والرسائل السياسية

الاربعاء 26 فبراير 2025 - الساعة 06:57 مساءً

 

منذ بداية التدخلات العسكرية الأمريكية في اليمن، تظل الضربات الجوية الأمريكية موضوعا مثارا للجدل المستمر. إذا لم يكن عبد الملك الحوثي وقيادات الصف الأول للجماعة ضمن قائمة الأهداف العسكرية للبنتاغون، فإن هذه الضربات، رغم تأثيراتها المدمرة على البنية التحتية والمدنيين، تبدو جزءا من تكتيك ضمن استراتيجيات ومعركة سياسية واسعة، لا تهدف بالضرورة إلى حل نهائي للحرب اليمنية.

 

في الآونة الأخيرة، شهد اليمن تصعيدا في الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت مواقع حوثية في مناطق متفرقة من حجة، الحديدة، وصنعاء. وتزامن هذا التصعيد مع التوترات المتزايدة بين واشنطن وطهران، حيث يسعى كل طرف لتعزيز نفوذه في المنطقة. وبينما تؤكد الولايات المتحدة أن هذه الهجمات تأتي في إطار مكافحة الإرهاب والجماعات الإرهابية، الواقع على الأرض يشير إلى عدم تحقيق تقدم حاسم في إنهاء نفوذ الحوثيين، بل تساهم هذه الضربات في تعقيد الوضعين السياسي والإنساني في اليمن، مع استمرار معاناة المدنيين جراء تدمير البنية التحتية وارتفاع الضحايا.

 

وفي هذا السياق، يمكن ملاحظة أن الحوثيين، رغم بعض الخسائر التي تلحق بهم، يستغلون هذه الضربات لصالحهم، حيث يظهرون كضحايا "للعدوان الأمريكي"، مما يعزز موقفهم داخليا ويجذب المزيد من اليمنيين للانضمام إلى صفوفهم. في المقابل، تقتصر المناورات الأمريكية على ضربات جوية محدودة دون استهداف قادة الجماعة بشكل حاسم، مما يثير تساؤلات حول جدية واشنطن في إنهاء هذا التهديد، خصوصا إذا ما قورن بحسم عملياتها ضد تنظيمات إرهابية أخرى.

 

وبينما تستمر الضربات الجوية، تجد الولايات المتحدة نفسها في موقف معقد، حيث تسعى لموازنة مصالحها الاستراتيجية في المنطقة مع المخاطر المحتملة لتصعيد الصراع. وبالتالي، تظل هذه الضربات جزءا من استراتيجية أوسع تهدف إلى فرض التوازن، ولكن دون أن تكون جزءًا من حملة عسكرية حاسمة. النهج المتبع حاليا لا يحقق الأهداف المرجوة، بل قد يصب في صالح الحوثيين وإيران.

 

هذا يفتح المجال لمقترح بديل يتمثل في وضع استراتيجية أمنية شاملة وطويلة المدى تربط أمن الملاحة البحرية بعملية السلام في اليمن. في هذا الإطار، يصبح من الضروري النظر في بدائل استراتيجية لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، وهي تتطلب الإطاحة بقادة الحوثيين، بالإضافة إلى دعم الحكومة اليمنية لتتمكن من استعادة أولوياتها وإعادة دفع قواتها لطرد الحوثيين من الحديدة وصنعاء، ودفعهم نحو صعدة. كما يتطلب هذا وجود رؤية دولية واضحة لدعم عملية السلام بعيدا عن التدخلات العسكرية المستمرة.

 

في النهاية، يبقى السؤال مطروحا: هل تهدف الضربات الجوية الأمريكية في اليمن حقا إلى إلحاق الهزيمة بالحوثيين ومن ثم تغيير الواقع الميداني، أم أنها مجرد خطوة تكتيكية ضمن لعبة جيوسياسية أكبر؟ وإذا كانت واشنطن قد أظهرت قدرتها على توجيه ضربات خاطفة ضد قادة إرهابيين آخرين في المنطقة، فلماذا لم تفعل الشيء نفسه مع قادة الحوثيين؟ هل تخشى واشنطن سقوط الحوثيين فعليا، أم أنها بحاجة إليهم كورقة ضغط؟ وبينما تبقى هذه الأسئلة بلا إجابة، يظل الشعب اليمني يدفع الثمن الأكبر في هذه المعادلة العمياء.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس