في حضرة النور والعلم: وداعٌ لأسطورة اليمن النقيب البرفيسور / فضل ابو غانم
الاحد 16 مارس 2025 - الساعة 11:36 مساءً
بقلوب مؤمنة بأن الحياة حقٌ مؤقت والعطاء خالدٌ، نستذكر اليوم شخصيةً صنعت الفرق وأضاءت دروب اليمن؛ النقيب الدكتور فضل علي أحمد أبو غانم، الذي كان زميلي وأستاذي في جامعة صنعاء، ورمزاً للتنوير الفكري والوطني.
كان الدكتور فضل منارةً في سماء التعليم، حيث جمع بين الحكمة القبلية العريقة والمعرفة العلمية الراقية، مجسداً بذلك وحدة الهوية اليمنية وروح الوطنية التي لا تلين. لقد كرّس حياته لبناء جسرٍ من العلم والتربية يربط بين مختلف شرائح المجتمع، وساهم في إطلاق مشروع توحيد التعليم في الجمهورية اليمنية، في مشوارٍ حافل بالتحديات والانتصارات.
لم يقتصر دوره على ساحات الجامعات، بل كان للدكتور فضل بصماته في ساحة السياسة أيضاً؛ إذ خاض معركة حامية الوطيس ضد جماعات الإسلام السياسي، لا من أجل الخلاف السياسي أو الانقسام، بل دفاعاً عن كرامة الوطن وحقوق شعبه. لقد كان صوت العقل والحكمة في مواجهة تيارات التخريب والتفرقة، متسلحاً بفكرٍ رصينٍ ورؤيةٍ مستقبلية تسعى إلى إشاعة النور في أرجاء البلاد.
في كتابه “البنية القبلية في اليمن”، خطَّ الدكتور فضل أفكاره على صفحاتٍ من ذهب، جامعاً بين الدراسات الاجتماعية والواقعية، موسعاً مداركنا حول عمق الروابط القبلية التي تُشكل هوية هذا الوطن. كان الكتاب بمثابة دعوة للتأمل وإعادة النظر في مفاهيم الوحدة الوطنية، حيث رسم طريقاً نحو تلاحم الدولة والقبيلة في إطار من الانسجام والتقدم.
واليوم، ونحن نستقبل هذا المصاب الأليم، نودع رجلاً ترك بصمةً لا تُمحى في ذاكرة الأمة. نتقدم بأحر التعازي إلى أولاده، وإلى الأسرة الكريمة مشائخ بيت أبو غانم، وإلى أبناء قبيلة أرحب وكل من حمل اسم اليمن عالياً بفخر وإباء.
سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان في هذا الفراق الأليم.
إن الدكتور فضل علي أبو غانم، الذي خلد اسمه في سجل العطاء والإبداع، سيظل نجمًا يضيء سماء اليمن، رمزاً للأمل والعلم، وذكرى لا تنسى في قلوب كل من آمن بأن للعلم قوة في بناء الوطن.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
▪︎ اكاديمية ودبلوماسية سابقاً