عشر سنوات من الصمت: الأمم المتحدة تخذل اليمن وتفشل في حماية الشعب
الثلاثاء 18 مارس 2025 - الساعة 11:20 مساءً
على مدى العقد الماضي، شهد العالم تقارير مروعة عن معاناة الشعب اليمني تحت وطأة الصراع المستعر، بينما بقيت الأمم المتحدة – التي كان يُفترض بها أن تكون منارة العدالة والدفاع عن حقوق الإنسان – عاجزة عن اتخاذ إجراءات حاسمة. جلسات مجلس الأمن تحولت إلى مسرح للكلمات الفارغة والتصريحات المتكررة حول “ضبط النفس”، دون تقديم حلول فعلية تردع الفاعلين.
إهمال الأمم المتحدة وتصريحات “ضبط النفس”:
في التصريحات الأخيرة، دعت الأمم المتحدة جميع الأطراف إلى “ضبط النفس” في ظل تصاعد الأحداث؛ إلا أن هذه الدعوة لم تكن سوى غطاء للتقاعس عن مواجهة الأطراف التي تواصل تدمير اليمن. فمنذ إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية وحتى الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت مواقعهم، ظل المجلس الأمني يعجز عن اتخاذ موقف جريء، متفضلاً تقديم تحذيرات رنانة بلا إجراءات رادعة.
بعثة “أنمها” في الحديدة: فشل ذريع في حماية المدنيين:
ومن أبرز الأمثلة على هذا التقاعس، بعثة “أنمها” في الحديدة، التي كان يُتوقع منها تقديم دعم إنساني عاجل وحماية للمدنيين في مواجهة التصعيد العسكري. إلا أن البعثة لم تتمكن من فرض أي نوع من النظام أو تقديم حلول فعالة، بل أصبحت شاهدة على استمرار الانتهاكات والإهمال الدولي، مما زاد من معاناة الأهالي وزاد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
اتفاقية ستوكهولم: وعد بالسلام وانتهى بالفشل:
على صعيد متصل، كانت اتفاقية ستوكهولم التي جاءت بوعد إنهاء الصراع وبدء مرحلة جديدة من الحوار السياسي بمثابة أمل لعلاج الجراح اليمنية. لكن الاتفاقية لم تحقق سوى خيبة أمل كبيرة، إذ فشلت في فرض أي رقابة أو آليات رادعة ضد جماعة الحوثي، مما مكنهم من مواصلة أعمالهم العدائية دون أي تبعات حقيقية. هذا الفشل الذريع يعكس صورة مأساوية عن قدرة الأمم المتحدة على حماية الشعب اليمني أو حتى فرض نظام عادل في محافلها.
جلسات مجلس الأمن: حوار بلا جدوى وإحاطة ضعيفة:
في كل جلسة يُطرح فيها ملف اليمن، يبرز ضعف الإحاطة المقدمة من قبل الجهات المسؤولة، مما يؤدي إلى جدالات طويلة لا تثمر عن نتائج ملموسة. هذا التردد وتلك الكلمات الرنانة أصبحت عذرًا لإبقاء الأزمات قائمة، دون أن يكون هناك أي محاولات جادة لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.
إن عدم اتخاذ إجراءات رادعة ضد الحوثي والجهات الداعمة له لا يظهر إلا استهانة بالدماء المسكوبة وحياة الأبرياء، الذين يستمرون في دفع الثمن في ساحة الصراع.
الشعب اليمني بين أيدي الأمم المتحدة؟
ما يُؤسف له أن هذه السياسات البالية تركت الشعب اليمني في وضع مأسوي، بين وعود “ضبط النفس” وتصريحات عابرة، وبين بعثات إنسانية فشلت في تقديم الأمان. فبدلاً من أن تكون الأمم المتحدة صرحًا للحماية والعدالة، أصبحت منصة لتأجيل القرارات الجوهرية التي يمكن أن توقف دائرة العنف المستمرة.
ختاماً:
لقد حان الوقت لإعادة النظر في دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وإجراء تغييرات جذرية تضمن حماية الشعب اليمني وإنهاء معاناته. العقد الماضي من الصمت والتهاون الدولي لم يعد مقبولاً، والآن يُطلب من المجتمع الدولي – وعلى الأمم المتحدة بوجه خاص – تحمل مسؤوليتها التاريخية والإنسانية. اليمن يستحق أكثر من كلمات “ضبط النفس”؛ إنه يستحق إجراءات حاسمة وإنصافًا حقيقيًا لشعبه الذي ينزف في صمت.