بصمات حوثية في اغتيال الطفولة
السبت 10 مايو 2025 - الساعة 11:17 مساءً
أحمد حوذان
لم تكتفِ مليشيات الحوثي الإرهابية بتحويل اليمن إلى ساحة حرب ودمار، بل تجاوزت كل الخطوط الحمراء لتستهدف أثمن ما يملكه هذا الوطن المنكوب: طفولته البريئة. إنها حربٌ قذرة تُشنّ على أجيالٍ لم تُدرك بعد معنى الصراع، تُغتصب أحلامها في مهدها، وتُستبدل براءة عينيها بنظراتٍ خائفةٍ مُرتعبة. حوثيون.. قتلة البراءة، هذا هو الوصف الدقيق لمن ارتضوا أن تكون دماء أطفال اليمن وقودًا لحروبهم العبثية وأيديولوجياتهم المريضة.
إن استقطاب الأطفال وتعبئة عقولهم بعقائد فاسدة، وتحويلهم إلى قنابل موقوتة تُزرع في خاصرة الوطن، لم يعد سرًا. تعمل هذه المليشيات الظلامية على غسل أدمغة الصغار، وحقنهم بالكراهية والعنف، وتسريع وتيرة تجنيدهم لدفعهم قسرًا إلى جبهات القتال، ليواجهوا الموت بدلًا من مقاعد الدراسة وأحضان الأمهات. إرهاب الطفولة.. بصمات حوثية واضحة المعالم في كل جريمة تُرتكب بحق أطفال اليمن.
جريمة البيضاء الأخيرة ، حيث اغتيلت طفلة لم تتجاوز العاشرة وأصيبت شقيقتها ، ليست سوى قمة جبل الجليد لجريمة أوسع وأبشع. وجريمة اغتيال طفلة في لحج بقذائف حوثية. إنها ليست حادثًا عابرًا، بل تجسيدٌ لنهجٍ مُتأصل في عقلية هذه المليشيات التي لم تتورع يومًا عن سفك دماء الأبرياء. اليمن.. مقبرة أحلام الطفولة (صنعها الحوثي)، ففي كل يوم يُضاف اسم طفلٍ جديد إلى قائمة ضحايا هذا الإرهاب المُمنهج.
لم يكن اغتيال الطفولة أمرًا مستغربًا على هذه العصابات الإجرامية، فقد مارسته أسلافهم لعقود طويلة، وهو ديدنهم الذي يتسترون خلف شعارات زائفة عن نصرة المظلومين ومقاومة "أعداء الأمة". براءة مُغتالة.. وحوش بزيّ بشر (الحوثيون)، هكذا يراهم أهالي الضحايا الذين اكتووا بنيران حقدهم. فجريمة يريم وتفخيخ جثة الطفل البريء ليست ببعيدة عن الذاكرة، وهي شاهدٌ حيّ على مدى انحطاطهم الأخلاقي.
الألغام المموهة على شكل ألعاب الأطفال، التي زرعوها في الحقول والطرقات، تكشف عن تعمدٍ سافر في استهداف الطفولة وتجريف الأجيال. إنها ليست أفعالًا عشوائية، بل خططٌ شيطانية تهدف إلى تدمير مستقبل اليمن من أساسه. وكم من القصص المروعة تُروى عن أطفالٍ دفعوا حياتهم ثمنًا لأفكارٍ مُسممة غُرسَت في عقولهم في معسكرات الموت الحوثية، ليقتلوا أقرب الناس إليهم.
لقد أصبحت الطفولة في اليمن تعيش في كابوسٍ مُستمر، تحت تهديد الموت والخوف في كل لحظة. فتجنيد الأطفال وقتلهم يُعد جريمة حرب يُجرمها القانون الدولي والإنساني. طفولة مُستباحة.. جرائم حرب حوثية تُرتكب على مرأى ومسمع العالم الصامت.
إن منع الأطفال من تعلم لغات العالم وحصرهم في أيديولوجياتهم الضيقة، وتجنيدهم قسرًا، وزرع الألغام القاتلة في طريقهم، وقنصهم بدم بارد، كلها جرائم تُضاف إلى سجلهم الأسود. ورغم إدانة المنظمات الحقوقية المتكررة لهذه الانتهاكات الصارخة، تستمر هذه الجماعة الإرهابية في تحدي القوانين والأعراف الدولية، مُتعمدةً استهداف الطفولة اليمنية وإشراكها في أعمالها الإرهابية.
إن حرب الحوثيين على اليمنيين ليست مجرد صراع سياسي، بل هي حرب فكرية خبيثة تستهدف الأجيال القادمة، وتسعى لتغيير هويتهم وربطهم بأجندات خارجية لا تخدم مصلحة اليمن. فاستهداف عقول الأطفال من خلال المراكز الصيفية المسمومة هو أخطر أنواع الإرهاب الذي يهدد مستقبل هذا الوطن.
إن صمت العالم على هذه الجرائم البشعة بحق الطفولة اليمنية هو عارٌ سيلاحق الإنسانية جمعاء. يجب على المجتمع الدولي أن ينتفض لوقف هذا الإرهاب المُمنهج، ومحاسبة قادة هذه المليشيات على جرائمهم، لإنقاذ ما تبقى من براءة وأمل في أطفال اليمن.