22 مايو بين الحلم الوطني والصراع الدولي: اليمن في قلب الحرب الباردة الجديدة
الثلاثاء 20 مايو 2025 - الساعة 06:24 مساءً
في مثل هذا اليوم من عام 1990، رفرف علم الجمهورية اليمنية الموحدة في عدن وصنعاء، ليعلن عن ميلاد حلمٍ ناضل من أجله اليمنيون شمالًا وجنوبًا، جيلًا بعد جيل. لم تكن الوحدة مجرّد اندماج جغرافي أو سياسي، بل كانت حلمًا وطنيًا تبلور من رحم ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر، حلمًا بوطن واحد، وهوية واحدة، ومستقبل لا تقطعه الحروب ولا تمزقه الوصايات.
لكن بعد 35 عامًا من تحقيق هذا الحلم، يقف اليمن على مفترق طرق، بين وطنٍ يتشظى بفعل السلاح، وبين مشروعٍ وطني يتآكله التدخل الخارجي، في لحظة تتكرر فيها مشاهد الماضي، ولكن بأدوات جديدة ووكلاء مختلفين.
من عدن السوفيتية إلى صنعاء الإيرانية: حرب الوكلاء تتجدد
في تسعينيات القرن الماضي، كانت عدن قاعدة متقدمة للاتحاد السوفيتي، وكان الحزب الاشتراكي اليمني حليفًا استراتيجيًا للمعسكر الشرقي. وفي حرب 1994، اتُّهم الجناح الجنوبي بأنه مدعوم من بقايا السوفييت في مواجهة معسكر شمالي حليف للغرب.
اليوم، يتكرر المشهد ولكن بالعكس. صنعاء باتت قاعدة حربية إيرانية، يديرها الحوثي كوكيل للمعسكر الشرقي الجديد (إيران، روسيا، الصين)، بينما تقف عدن تحت نفوذ حلفاء المعسكر الغربي (دول الخليج، أميركا، بريطانيا). إنها نسخة جديدة من الحرب الباردة، ولكن على أرض يمنية هذه المرة.
الوحدة اليمنية… بين حلم شعب وصراع محاور
لقد جرى اختطاف الوحدة كما جرى لاحقًا اختطاف الانفصال. فكما فشلت الوحدة بسبب غياب الإرادة والرؤية وانحرافها نحو المكاسب الحزبية، فإن مشاريع الانفصال الحالية أيضًا تفتقر إلى قيادة موحدة ورؤية واضحة، وغالبًا ما ترتكز على شعارات مناطقية أو ارتهانات خارجية.
الوحدة لم تكن خطأ، بل كانت فرصة عظيمة أُهدرت. والانفصال ليس حلاً، بل إعادة تدوير للفشل تحت رايات جديدة. كلا المشروعين، بلا مشروع وطني جامع، سيظلان فاشلين في حماية اليمن من التمزق والتدويل.
الواقع اليمني اليوم: لا شرعية واحدة ولا مشروع دولة
ما بعد انقلاب 2014 صار اليمن ساحة مفتوحة لصراع إقليمي ودولي:
•الحوثي يقدّم نفسه كذراع لإيران في خاصرة الخليج.
•الغرب لا يرى في اليمن سوى ملف أمن بحري وهجرة و”ألغام مؤجلة”.
•الجنوب منقسم بين مشاريع متعددة لا يجمعها سوى غياب الدولة.
في هذا السياق، تتآكل الدولة اليمنية من الأطراف، فيما تُغتال الوحدة من المركز.
ما الحل؟
•الاعتراف بأن اليمن لم يعد ملفًا محليًا فقط، بل جزءًا من صراع دولي لا حل له إلا بتوحيد الصف اليمني.
•بناء مشروع وطني يتجاوز أوهام الاستقلال الزائف والتبعية العمياء، مشروع يؤمن بالديمقراطية، والمواطنة، والتوزيع العادل للثروة والسلطة.
•الضغط الشعبي والسياسي لإخراج اليمن من لعبة المحاور، واستعادة القرار الوطني من أيادي الوكلاء.
في عيد الوحدة، لا نحتفل بواقع مؤلم، بل نستذكر حلمًا جميلاً لم يكتمل، ونسترجع دروسًا من الماضي لننقذ ما تبقى من الوطن. لقد خضنا الحرب بالوكالة مرارًا، ودفعنا الثمن. حان وقت امتلاك مشروعنا الوطني الحقيقي، بعيدًا عن الشرق والغرب، قريبًا من الأرض والشعب.