بحاح رجل الدولة عميد الدبلوماسية اليمنية.
الثلاثاء 20 مايو 2025 - الساعة 11:57 مساءً
في أروقة السياسة الدولية حيث تتقاطع المصالح وتتشابك التحالفات يبرز دبلوماسيون يحملون رسالة أوطانهم بعزيمة لا تلين. ومن بين هؤلاء، يقف سعادة السفير خالد محفوظ بحاح شامخا ً كواحد من أبرز وجوه الدبلوماسية اليمنية حيث ترك بصمته في أكثر المحطات تعقيدا ً مدافعا ًعن قضايا اليمن بكل حكمة ومهنية.
في محافظة حضرموت وُلد خالد محفوظ بحاح في بيئة جمعت بين أصالة التراث الحضرمي وثراء الثقافة العربية تلقى تعليمه الإبتدائي والإعدادي والثانوي في محافظة عدن وحصل على شهادة البكالوريوس في التجارة من جامعة بونا الهندية ثم حصل على ماجستير تجارة وإدارة أعمال من نفس الجامعة حيث برع في اللغات والعلاقات الدولية ما مهّد الطريق لتحقيق حلمه بدخول السلك الدبلوماسي.
بدأ بحاح مسيرته السياسية بمناصب وزارية متعددة، حيث شغل منصب وزير النفط والمعادن لثلاث مرات متتالية، مما أهّله ليكون من أكثر السياسيين اليمنيين خبرة في مجال إدارة الموارد الطبيعية والاقتصادية . إلا أن المحطة الأبرز في مسيرته كانت عندما كلفه الرئيس عبد ربه منصور هادي بتشكيل الحكومة في 13 أكتوبر 2014م خلفا ً لحكومة محمد باسندوة، وذلك في ظل ظروف سياسية وأمنية بالغة التعقيد .
ومنذ بداية مشواره الدبلوماسي، حمل السفير بحاح هموم وطنه، متنقلا ً بين عدد من أبرز العواصم العالمية. سفيرا ً فوق العادة ومفوضا ً للجمهورية اليمنية لدى كندا ثم مندوبا ً في الامم المتحدة نيويورك.
في 31 أكتوبر 2023م، صدر قرار جمهوري بتعيين خالد محفوظ بحاح سفيرا ً فوق العادة ومفوضا ً لدى جمهورية مصر العربية، هذا التعيين يعكس الثقة المستمرة التي يحظى بها بحاح كممثل لليمن في واحدة من أهم المحطات الدبلوماسية العربية، خاصة في ظل الأزمة المستمرة. حيث تلعب مصر دورا ً محوريا ً في الملف اليمني، وتعد بوابة اليمن إلى العالم العربي، مما يجعل مهمة بحاح في القاهرة بالغة الأهمية في هذه المرحلة الحرجة .
عُرف السفير بحاح بقدرته على التعامل مع الأزمات، خاصة في فترات الإضطرابات التي مرت بها اليمن. في واشنطن، عمل على تعزيز العلاقات اليمنية الأمريكية أثناء فترة تعيينه مندوبا ً لليمن في الأمم المتحدة، ودعا إلى دعم الإستقرار في بلادنا. وفي القاهرة لعب دورا ً محوريا ً في التنسيق مع جامعة الدول العربية لتعزيز الدعم السياسي والإنساني لليمن. وفي كل محطة كان بحاح صوتا ً للسلام حاملا ً رسالة اليمن إلى العالم.
السفير بحاح يجسد الدبلوماسي المحنك الذي يعرف كيف يوازن بين مبادئه وضرورات المرحلة. كان دائما ًيدعو إلى الحوار والتفاهم حتى في أحلك الظروف. كما أن توازنه السياسي ورؤيته الشاملة وخبرته التخصصية جعلت منه نموذجا ً للسياسي الذي يعمل على بناء الدولة.
وخلف الزي الرسمي واللقب الدبلوماسي يبقى السفير بحاح إنسانا ً قريبا ً من الجميع. زملاؤه يذكرون تواضعه وروحه المرحة، حتى في أصعب الأوقات. كما عُرف بدعمه للشباب اليمني الطموح، حيث شجع العديد من الدبلوماسيين الناشئين على تطوير مهاراتهم.
يحظى السفير خالد بحاح بقبول إقليمي ويمني وله علاقات بالمجتمع الدولي ومنظماته المختلفة، فهو يقف على مسافة واحده من كل القوى السياسية اليمنية من نيل تقديرها وإحترامها.
وعلى الرغم من سنوات العمل الطويلة خارج اليمن، يبقى الوطن حاضرا ً في قلب السفير بحاح. في إحدى كلماته، قال: أينما حللت يحمل قلبي هموم اليمن وأبنائه فالدبلوماسية ليست وظيفة بل رسالة نبلّغها للعالم عن شعب يستحق السلام والازدهار.
و يعد السفير بحاح أحد أبرز من حملوا رسالة اليمن إلى العالم بكل إخلاص واحترافية. مسيرته تذكرنا أن الدبلوماسي الحقيقي ليس مجرد ممثل لبلاده بل جسر للتفاهم وسفير للسلام.
في الوقت الذي تواصل فيه اليمن مواجهة التحديات، تبقى تجربة بحاح السياسية نموذجا ً يحتذى به في الإدارة الرشيدة، والتفاوض السياسي، والالتزام ببناء مؤسسات الدولة رغم كل الصعوبات. كما قال في أحد لقاءاته: "الجانب الأمني والوضع الصحي والإقتصاد الوطني كل هذا يتطلب تظافر جهود الجميع" ، وهي رؤية تلخص فلسفته في العمل السياسي كرجل دولة يبني ولا يدمر، يجمع ولا يفرق، ويعمل من أجل الصالح العام فوق كل الاعتبارات.
يظل سعادة السفير خالد محفوظ بحاح ليس مجرد ركن من أركان الدولة بل هو قصة وطن يتحدّى الصعوبات في سجله عشرات المفاوضات السرية والعلنية، ومئات اللقاءات التي كرّسها لخدمة اليمن ربما تكون الدبلوماسية مهنة لكنها في حالته.. إيمان.
وأخيرا ً سعادة السفير خالد بحاح، مسيرة عطاء تستحق أن تُروى بكل تفاصيلها الملهمة.