بعد حصار مطار صنعاء والحديدة: الحوثيون يبحثون عن بدائل برية
السبت 31 مايو 2025 - الساعة 08:37 مساءً
بعد عقد كامل من التعنت والمعاناة، فجأة عادت مطالب فتح الشرايين الحيوية بين المحافظات اليمنية لتتصدر المشهد، ولكن هذه المرة بدافع حوثي ظاهر. لعشر سنوات، رفضت الميليشيات كل النداءات الإنسانية، متجاهلة حجم الألم والمعاناة التي لا تُحصى. اليوم، في ظل قيود مفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة، يبدو أن جماعة الحوثي تعمل بنشاط على إعادة فتح الطرق المعبدة وغيرها من المسارات، في تحرك يثير تساؤلات جدية حول الأهداف الحقيقية وراء هذه الخطوة المفاجئة.
تاريخيًا، لم تُبدِ جماعة الحوثي اهتمامًا كبيرًا بفتح خطوط التماس التي تؤدي إلى المحافظات الجنوبية، وعدن تحديدًا. طوال سنوات الصراع، ظلت هذه الطرق مغلقة، مما فاقم معاناة المواطنين وعزل المناطق عن بعضها. هذا الصمت المطبق يتحول اليوم إلى حراك محموم، حيث تُرسل الجماعة ما يُوصفون بـ "أصحاب الرايات البيضاء" والوسطاء الذين يظهرون بمظهر دعاة السلام، لإنجاز هذه "المهمات الصعبة".
تحركات مشبوهة وراء "مبادرات السلام"
المعلومات المتوفرة تشير إلى أن الهدف الأسمى للحوثيين من وراء فتح هذه الطرق، وخصوصًا تلك التي تصل إلى مطارات الشرعية كعدن، هو تسهيل مرور الخبراء والمسلحين والقيادات التابعة لهم. ففي ظل القيود المفروضة على منافذهم الرئيسية، يصبح فتح الطرق البرية البديل الاستراتيجي لضمان استمرارية الإمدادات البشرية واللوجستية، وهو ما يخدم أجنداتهم العسكرية والسياسية بشكل مباشر.
في سياق سياسات الصراعات والنزاعات، نعلم جيدًا أن دوافع الأطراف الفاعلة يمكن أن تختلف بشكل كبير بناءً على وجهة النظر والمصالح. إن هذه التحركات والأساليب الدبلوماسية أو التفاوضية غالبًا ما تُستخدم في النزاعات لتحقيق مكاسب على الأرض أو لتعزيز موقف معين، خاصة عندما تكون هناك قيود على الموارد أو الوصول. إغلاق المطار والميناء يمثل ضغطًا كبيرًا على الحوثيين، مما يدفعهم للبحث عن طرق بديلة لتأمين احتياجاتهم أو لتسهيل حركتهم ونفوذهم. هذا ما يفسر التركيز الحالي على فتح الطرق التي طالما كانت مغلقة بقرار حوثي.
على الشرعية إدراك أهداف الميليشيات
من هنا، يجب على الحكومة الشرعية أن تدرك مغازي المليشيات وأهدافها. على الشرعية والقوى الوطنية أن تكون حذرة جدًا في التعامل مع هذه المطالب. فبينما يمكن أن يخفف فتح الطرق من معاناة المواطنين، فإنه قد يشكل في الوقت نفسه ثغرة أمنية وعسكرية تخدم أجندات الجماعة الإرهابية. هذا يزداد تعقيدًا مع وجود عناصر مزروعة ومندسة في صفوف الشرعية، تعمل من مناطقها لصالح الحوثي مقابل أموال للمهربين والمندسين.
لذا، يجب أن يتم أي فتح للطرق ضمن اتفاق شامل يضمن الرقابة الكاملة ويحول دون استغلالها لأغراض عسكرية أو لتعزيز نفوذ المليشيات. الدرس المستفاد من سنوات الصراع الماضية هو أن النوايا الحوثية غالبًا ما تكون ذات وجهين. فهل تكون هذه المبادرة بادرة سلام حقيقية تخفف من معاناة اليمنيين وتدعم جهود التهدئة، أم أنها مجرد تكتيك جديد لتحقيق مكاسب على الأرض وتوسيع نطاق السيطرة والنفوذ في ظل الظروف الراهنة؟ الإجابة ستتضح في الأيام القادمة، ولكن الحذر يبقى واجبًا.