صمود اليمنيين في وجه فوضى الحوثيين
الاحد 01 يونيو 2025 - الساعة 10:25 مساءً
سأتحدث عن بداية "تفحيط" الحوثيين، وبالتحديد في العام 2015، حين انهارت الدولة اليمنية وسيطر الحوثيون على المشهد، تحولت البلاد إلى فوضى عارمة. لكن من رحم هذا الانهيار، ولدت إرادة الصمود لتكتب قصة بطولة غيرت ملامح المشهد.
من الانهيار إلى المقاومة: شرارة الصمود في مأرب
في قلب مأرب، تشكلت نواة المقاومة. القبائل الأبية أحاطت بالمنطقة، تمشط المداخل والمخارج حماية لها. وفي تلك الأوقات العصيبة، كان القائد الشدادي يطوف على المتارس، من شارع 26 إلى جولة المؤسسة، وصولاً إلى قسم المنطقة الرابعة أمام مدخل الجفينة. كان الحوثي آنذاك يعلن بقرب استسلام "المنافقين" في مأرب خلال ساعات، لكن صمود المقاومة كان له رأي آخر.
إعادة بناء الجيش وإنجازات الشرعية
في غمرة الفوضى، غادر الرئيس صنعاء، ووصل محمد المقدشي إلى العبر ليُعين رئيسًا لأركان جيش لم يكن له وجود. ومع تساقط الشهداء، توافد الأحرار من كل مناطق اليمن، حاملين راية النضال والأكفان، ومضحين من أجل إعادة دولتهم. بصبرهم وتحملهم، وبدعم من التحالف، تمكنوا من تشكيل الجيش وتحرير مناطق واسعة يمينًا وشمالاً، وأعادوا الاعتراف الدولي بالشرعية.
ومع صرف المرتبات، أطلق الحوثيون عليهم وصف "مرتزقة" في محاولة يائسة لإسكات من تحت سيطرتهم ودفعهم نحو المزيد من الذلة والهوان.
صمود تعز وبناء الحياة
الأبطال صمدوا رغم الجراح، وعمرت المساجد بعقيدة أهل السنة، وعبد الناس ربهم بحرية وكرامة. مدينة تعز، "تعز العز"، امتصت صدمة الحوثي الكبرى، وضحت بشبابها، وكسرت عنجهية الحوثي وغروره وسفاهته، ودعست خيانته وغدره، فلله درها من مدينة.
وفي المناطق المحررة، بدأت الحياة تعود تدريجيًا. عمرت الأرض، واشترى الناس الباصات والسيارات والفساتين والبدلات. تبادلوا الزيارات، وأقيمت الأعراس، وزفت الجنائز للشهداء، ورفرف العلم اليمني على معاناتهم وأفراحهم وأتراحهم.
ثقة لا تتزعزع في استعادة الجمهورية
يستمر الأبطال في معاناتهم، لكنهم يحملون ثقة مطلقة بأن الله سبحانه سيعيد جمهوريتهم المسلوبة من "لصوص العقيدة والانتماء لهذا الوطن". بدأوا المسيرة من العدم، حين كان الناس يتعاقبون على البندقية بثلاثة أفراد، واليوم تسلح البعض ثلاث مرات، بينما لا يزال البعض الآخر ينتظر. تحركوا بما تبقى من دبابات اللواء 14 بلا قذائف، وعربات متهالكة تعمل وتتوقف، ومع ذلك، سلبوا الحوثي فرحته وأرغموه على الاعتراف بحبهم للحرية والعدالة والكرامة.
عهد متواصل رغم التحديات: مقاومة شاملة لفوضى الحوثيين
اليوم الأبطال ليسوا في تعز ومأرب فقط. أعداء الحوثيين منتشرون من الساحل الغربي إلى تعز، مرورًا بالضالع، لحج، أبين، شبوة، مأرب، والجوف. وكل من نزحوا إلى هذه المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا سيقاتلون ويواجهون التحديات.
وبعد حرب عبثية شنتها مليشيا الحوثي المصنفة إرهابية والمدعومة من إيران على مؤسسات الدولة، يعيش اليمن، هذا البلد الذي طالما عُرف بكرم أهله وطيبتهم، اليوم تحت وطأة صراع لم يكتفِ بتدمير البنى التحتية وتهجير السكان، بل امتد ليشن حربًا ضروسًا على أرزاق اليمنيين ومعيشتهم.
منذ سيطرة مليشيا الحوثي على مؤسسات الدولة، تحولت حياة المواطنين إلى جحيم لا يطاق. فبينما يتشدقون بشعارات المقاومة والممانعة، يمارسون في الخفاء أبشع أشكال الابتزاز والنهب، محولين لقمة العيش إلى ورقة مساومة وسلاح قمع. لم تعد الحرب مقتصرة على الجبهات العسكرية، بل تغلغلت في الأسواق، والموانئ، والمزارع، والمصانع، لتدمر كل مقومات الحياة الكريمة. إنها فوضى عارمة أحدثتها المليشيا، لا تفرق بين صغير وكبير، ولا تراعي حرمة مال أو جهد، تاركة خلفها ملايين اليمنيين يواجهون الجوع والفقر المدقع.
اليوم، بعدما أحدثته هذه الجماعة الإرهابية من تغول، كل من في مناطق سيطرة الحوثيين يترقب اللحظة التاريخية التي سيلتهم فيها جماعة الحوثي. وما تزال التحديات متواصلة، لكن الأبطال يدركون أن كل مشكلة واختلاف يهون أمام الخضوع للحوثي والعبودية للسلالة من جديد. يواصلون الحفاظ على ثغورهم رغم المعاناة، متمسكين بعهدهم ووفائهم للشهداء الأبرار، ليعيش الأطفال والنساء والضعفاء والمرضى والجرحى في أمان.
حصاد الفوضى: اليمنيون يدفعون الثمن
بعد سنوات من الحرب والسيطرة، يتضح جليًا أن مليشيا الحوثي لم تجلب لليمن سوى الدمار والخراب، ليس فقط على الصعيد العسكري، بل الأخطر من ذلك، على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي. لقد تحولت حربهم المعلنة ضد "الأعداء" إلى حرب حقيقية ضد أرزاق اليمنيين وكرامتهم. فمن خلال فرض الإتاوات غير القانونية، واحتكار السلع الأساسية، وتدمير مصادر الدخل، وإغلاق الطرق، ومصادرة الممتلكات، خلقت المليشيا بيئة من اليأس والعوز. الأسر اليمنية، التي كانت تعتمد على عملها الشاق لتأمين قوت يومها، وجدت نفسها فجأة في مواجهة خيارات صعبة بين الجوع والنزوح أو الانخراط في صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
إن الفوضى التي أحدثها الحوثيون في القطاعات الاقتصادية والخدمية هي التي أدت إلى انهيار العملة، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وتوقف الرواتب، وانتشار البطالة، وتفشي الأمراض. لقد أصبح اليمنيون يدفعون ثمنًا باهظًا لهذه الحرب العبثية على معيشتهم، بينما يستمر قادة المليشيا في إثراء أنفسهم على حساب معاناة شعب بأكمله. إن الخروج من هذه الكارثة يتطلب إنهاء هذه السيطرة العبثية وإعادة بناء الدولة ومؤسساتها، ليعود لليمنيين حقهم في العيش بكرامة وأمان.