عدم صرف رواتب الموظفين كارثة سياسية اقتصادية اجتماعية
السبت 21 يونيو 2025 - الساعة 10:34 مساءً
لا يمكن فصل أزمة الرواتب والانهيار المتسارع في سعر صرف العملة الوطنية عن السياق السياسي المأزوم في اليمن، فالصراع المحتدم بين أطراف الانقسام يفرض كلفته على مؤسسات الدولة ومواردها، حيث تتعطل الرواتب الذي يعتبر أخر مؤشر لوجود الدولة بينما تُضيع الإيرادات مع وجود مراكز قوى متصارعة، تفتقر للشفافية وتتحرك وفق أجندات لا تعير الوطن او المواطن أي اعتبار.
وفي ظل غياب سلطة موحدة ومؤسسات فاعلة، تُدار الموارد العامة بشكل جزئي ومشتت، بعيداً عن أي رؤية إصلاحية حقيقية. يأتي ذلك في وقت تشهد فيه صادرات النفط والغاز باعتباره المورد الأهم لتمويل الموازنة العامة تراجع خطير وغير مسبوق، مما يجعل الدولة تعتمد بصورة شبه كلية على المساعدات والمنح الخارجية لتمويل الموازنة، وهي موارد غير مستقرة ولا تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية، كما انها تخضع لمزاج المانحين وظروف الخارج، أما الداخل، فبلا خطة إنقاذ، وبلا رؤية، وبلا مسؤولية كما هو ملاحظ حتى الان.
أزمة الرواتب، كما أزمة العملة، ليست أرقاماً في جداول اقتصادية، بل تجسيد حي لانهيار بنيوي عميق في جسد الدولة اليمنية، إن استمرار هذا الوضع دون تدخل جاد ومسؤول من الأطراف المحلية والدولية ينذر بمزيد من الانهيار، وسيظل المواطن البسيط اولاً ثم الموظف يدفع الثمن وحده، في وطنٍ أنهكته الحروب وطال عليه زمن الغياب.
ونحن نعرف جيداً جذور هذا الانهيار السياسي والاقتصادي والمالي، لكن يبقى من المهم أن نطرح الأسئلة الصعبة والجريئة على أنفسنا وعلى صناع القرار إذا أردنا فهم ما يجري والانتصار للحقيقة، وهي:
- من المستفيد الحقيقي من استمرار هذا الانهيار؟
- لماذا لم تتحقق أي إصلاحات رغم التغييرات المتكررة في قيادة الدولة وقد سبق اجراء تغيير لم يكن في حسبان اي يمني بتغيير الرقم١ الى الرقم ٨؟
- أين هي الأحزاب السياسية مما يجري؟ وهل تخلّت فعلياً عن دورها الوطني؟
- من يعرقل توحيد الموارد وإدارتها بشفافية؟
- هل يُراد للدولة أن تفشل تماماً كي يُعاد رسم المشهد والاستسلام للامر الواقع الذي يخطط له المخرج؟
- كيف يُطلب من الموظف أداء عمله دون راتب؟ وهل يمكن للمؤسسات أن تستمر بلا موظف ولا موازنات (لا تعتبر المبالغ المعتمده حالياً على غرار العام ٢٠١٤ موازنات يعتمد عليها في تحقيق اداء فعال لها خصوصاً في ظل تهاوي اسعار الصرف، وايضاً، عدم وجود موازنات راسمالية؟
- ما دور المجتمع الدولي في هذه الأزمة؟ وهل يُمكنه الاستمرار في دعم حالة اللاحلّ إلى ما لا نهاية؟
- إلى متى سنبقى أسرى لمعادلات سياسية لا تُنتج دولة، ولا تحمي شعباً، ولا تصرف حتى راتباً؟
إن تجاهل هذه الأسئلة أو الالتفاف عليها يعني أن ما هو قادم سيكون أكثر وجعاً، وأكثر فقراً، وأكثر انهياراً، في بلد لم يعد يملك ترف الانتظار.
رسالة أخيرة.......
إن استمرار هذا العبث ليس خياراً.
الصمت الرسمي والسياسي للمستوى الأول المتمثل في رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والقيادات الحزبية تجاه كارثة الرواتب يعني بكل وضوح انهم المسؤولون عن هذا الانهيار، وأن أبناء هذا الوطن لن يكونوا وحدهم من سيدفع الفاتورة، في وطنٍ فقد صوته، وكاد أن يفقد ما تبقى من مؤسساته وإنسانيته.