جوازك بيد التاجر.. لا بيد الدولة .. السفارة اليمنية في ماليزيا مثالا
الاثنين 23 يونيو 2025 - الساعة 10:25 مساءً
في مشهد يبدو أقرب إلى سوق سوداء منه إلى مؤسسة دبلوماسية، تمضي السفارة اليمنية في ماليزيا في إدارة ملف الجوازات والفيز بأسلوب لا يمت بصلة للحوكمة ولا للشفافية، بل يرقى لكونه استغلالاً فاضحًا لحاجة المواطن اليمني، وابتزازًا مُمَنهجًا تحت عباءة "التمثيل الدبلوماسي".
كل عام، ومع نهاية ديسمبر، تبدأ "حفلة الجباية السنوية". يُطلب من أكثر من عشرة آلاف يمني مقيم في ماليزيا دفع مبلغ 720 رنجت نقدًا، نقدًا فقط، وكأننا نعيش في زمن ما قبل البنوك في العصر الحجري وفي عصر الخيشة والتنك والجواني، يزعم أن 600 منها قيمة الفيزا مع ان هناك اخبار مؤكدة بأن الفيز هبة من مملكة ماليزيا، و120 تُسمى "أتعاب السفارة". والنتيجة؟ ما يزيد عن 1.6 مليون دولار أمريكي يتم جمعها يدويًا دون أي رقابة مصرفية، ولا شفافية في التوثيق، ولا كشف حساب يوضح أين ذهبت هذه الملايين.
لكن الفضيحة لا تتوقف هنا.
فبعد أن يتم جمع الأموال وتسليم الجوازات، تُفاجأ الجالية اليمنية بعبارة "الفيز محدودة – فقط 400 فيزا شهريًا"، بمعنى أن البعض سيحصل على جوازه بعد عشرة أشهر، وربما لا يحصل عليه أبدًا قبل نهاية العام. من يحتاج للسفر؟ من لديه التزام دراسي؟ من يواجه خطر الترحيل؟ ليس من أولويات السفارة. المواطن يظل تائهًا، مطاردًا، ينام وجوازه بيد السفارة، ومستقبله معلق على رف مزاجية البيروقراطية.
وفي خضم هذه الفوضى، تنتشر روايات أبناء الجالية عن استغلال السفير لهذه الأموال الضخمة في مشاريع تجارية خاصة، حيث يتم تشغيلها طيلة العام، ثم يُعاد صرف مبلغ تغطية 400 جواز شهريًا من أرباحها. إنها "مشروع جوازات استثماري" بامتياز، لا علاقة له بالتمثيل الدبلوماسي، بل بالربح والتلاعب.
الحل الذي نقترحه واضح وعقلاني:
1. تحويل العملية برمتها إلى منصة إلكترونية شفافة: يبدأ المواطن بالتسجيل وتقديم بياناته إلكترونيًا، ويحصل على تأكيد رسمي يفيد أنه ضمن قائمة الانتظار، دون الحاجة للتنقل وتكاليفه أو السؤال في تعليقات الفيسبوك.
2. ترتيب الجوازات حسب الأسبقية أو الأبجدية، وإشعار المواطن فقط حين يحين دوره لإصدار الفيزا لدفع الرسوم في نفس الشهر، لا قبل سنة!
3. الدفع الإلكتروني فقط عبر المحافظ المعتمدة مثل "تاتش آند جو" أو التحويل البنكي الرسمي لحساب السفارة، و ليس نقدا.
4. الغاء ما يسمى بأتعاب السفارة من 120 رنجت، لأن ما يحدث الآن هو عملية استغلال فجّة، لا أكثر.
5. تحديد جدول زمني شهري معلن مسبقًا حتى يعرف كل مواطن متى سيتم إصدار جوازه، بدلًا من مطاردات المنشورات والتعليقات.
الجالية اليمنية في ماليزيا لا تطلب معجزة. هي تطالب فقط بما هو بديهي: أن تكون السفارة مؤسسة خدمية، لا شركة ربحية؛ أن يكون السفير ممثلًا لبلده، لا تاجرًا باسمها.
فهل ستتوقف هذه "المهزلة السنوية"؟ أم سيبقى المواطن اليمني رهينة لجواز بيد التاجر لا بيد الدولة؟