قصة وجع ..
الثلاثاء 08 يوليو 2025 - الساعة 09:38 مساءً
بعد يوم موغل في التعب كباقي أيامي، نعود إلى المنزل فارغ اليدين لا احمل شيء، منذُ ثلاثة أشهر ونحن بلا مرتبات ولا مستحقات مالية التي أصبحت لا تساوي شيء بسبب انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وفي المساء أجلس في غرفتي انظر إلى الجدران الذي يمتلئ بالظلام، أمامي مصباح الهاتف تشاطرني الأسى محاولة التغلب على سطوة الظلام، بعد سماع إلى صوت البطارية الذي يدل على فراغها من الشحن الكهرباء .
راودني تفكير بالهجرة ومغادرة البلاد ، وبعد أن حاصرتني أسئلة كثيرة، إلى أين يمكن أن تذهب للعيش بحياة امنة وكريمة ..؟ فلا أرض لنا ولا وطن! فلا يمكن لأحد أن يعيش خارج أرضي الوطن ! ولا يمكن لي أي دولة أن تسمح لك بالعيش بحرية وكرامة .
نعيش في مدينة عدن تلك المدينة الساحرة بجمالها، والتي أصبحت تعيش في ظلام دامس بسبب نخبة من اللصوص ينهبون خيرات البلد ويتحكمون بالقرار، كئيب ليل هذه المدينة يرتدي السواد كعزاء أبدي .
وعند الخروج من المنزل والنزول إلى الشارع، تنظر إلى تلك النظرات المتعبة والمنهارة في أوجه الناس، وعند المرور من الأزقة تسمع أصوات ألانين لكبار السن المصابين بأمراض مزمنة وبكاء الأطفال العاجزين عن النوم بسبب جحيم الصيف وغياب الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة 18 ساعة، تسكن في مدينة تتهادى إلى مسامعي أنات التعب من هنا وهناك، وعند عودة التيار الكهربائي لمدة قصيرة جداً ساعتين تشاهد الجميع يهرولون إلى استغلال مدة عودة التيار ومحاولة النساء استغلال ذلك الوقت القصير من أجل غسل وكوي الثياب.
أشعر بأن روحي مطفأة استفحل فيها اليأس، وأسال نفسي! هل يعاني بقية الناس مما أنا فيه؟
وعند الجلوس في أحد أركان الشارع اتصفح موقع الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي ، اقراء عن اجتماعات رئيس مجلس القيادة و رئيس مجلس الوزراء ، وفي كل موقع ادخلة اقراء عن اجتماعات لاعضاء مجلس القيادة واعضاء الحكومة "أسمعُ جَعْجَعَة ولا أرى طِحنًا " ما أكثر تلك الاجتماعات وما أقل الخدمات في أرض الواقع، نخبة عاجزة عن توفير أبسط الحقوق والخدمات للمواطن.
وعند التصفح نبحث عن أخبار الكهرباء، وتطرق في ذهني تلك الجملة السرمدية ( خروج المحطة عن الخدمة بسبب نفاذ الوقود) أصبح هذه الجملة مسلسلاً مملا وطويلاَ جداً، يضاهي طول المسلسلات التركية أو أكثر قليلاً، وما زاد الطين بلة أن النخبة السياسية تبحث عن شماعة تعلق عليها الأخطاء والفشل.
اعود إلى المنزل وبرفقتي كيسا يحوى بعض الفحم الذي ساضعه في الثلاجة الكهربائية، كي يمتص تلك الرائحة المقرفة المنبعثة منها، بعد بقائها ساكنة لفترة طويلة مما أدى إلى تلف المواد الغذائية القابعة في أحشائها.
وعند النوم يحتل الألم قلبي وأنا أتذكر بعض الأحداث المؤسفة التي مرت هذا اليوم، وأنا أشاهد ذلك الرجل المسن الذي خرج بين لهيب أشعة الشمس للبحث عن راتبه التقاعدي الذي أصبح لا يغطي احتياجاته الأساسية، وتسمع منه تلك الكلمات الممزوجة بانين القهر بأن الراتب لم ينزل بعد، وعند النظر إليه تشاهد تلك الدموع تذرف من عينه دموع التعب والجوع، وتلك الام الوقفة أمام المخبز مع أطفالها بانتظار احد يتصدق عليها بحبات من الرغيف لتسد جوع أطفالها.
أصبح المواطن اليمني يعيش جحيم الوقع فلا يوجد أحد يعاني مثل ما يعاني المواطن اليمني، بسبب نخبة سياسية فاسدة وفاشلة لا تستطيع أن تقدم أبسط الحقوق للمواطن.