عبقرية سورية تربك إسرائيل وتفسد احلام ايران
الاحد 20 يوليو 2025 - الساعة 07:48 مساءً
تشهد الساحة السورية تحولات جذرية بقيادة أحمد الشرع (الجولاني سابقًا)، الذي يفاجئ إسرائيل والعالم بسياسات فريدة، مُعيدًا رسم خارطة القوة في المنطقة. بعد سقوط نظام الأسد، الذي طالما اعتبرته إسرائيل "جدار حماية" لها، وجدت تل أبيب نفسها أمام واقع جديد: الشعب السوري يتحول إلى جيش جاهز للتحرك لتحقيق أهداف وطنية نبيلة.
تحول الشعب السوري: استراتيجية "الشعب المقاوم" تُربك حسابات إسرائيل
تُظهر القيادة السورية الجديدة عبقرية سياسية نادرة في تحويل الشعب السوري إلى قوة عسكرية فاعلة، مما وضع إسرائيل في مأزق، خاصة فيما يتعلق بذرائعها المستمرة لقصف دمشق بحجة "الدفاع عن الدروز في السويداء".
هذه التجربة السورية في "تجييش الشعب في أحلك الظروف" وتوجيهه لتنفيذ أوامر الدولة والجيش، وتصفية الذرائع الإسرائيلية، هي نموذج فريد يستحق الدراسة. هذا النهج ليس مجرد تكتيك عسكري، بل هو فلسفة سياسية عميقة تؤسس لدور محوري لسوريا وقيادتها في المستقبل، وتؤكد أن قوة الدولة تكمن في وعي شعبها وقدرته على المقاومة المنظمة.
ظنت إسرائيل بعد انهيار نظام الأسد أن الطريق أصبح سالكًا لمواصلة غطرستها وتجريد "جيش الثورة الظافر" من السلاح. لكنها أخطأت في تقديرها لقوة الشعب السوري الذي تحمل أكثر من عقد ونصف من حرب مدمرة مدعومة من إيران وروسيا وميليشياتهما، ليصبح اليوم جاهزًا لخوض غمار الحروب بعد ان شرب الحروب شرب الماء ، ليس كجيش تقليدي فحسب، بل ككيان شعبي مقاوم يمتلك وعيًا استراتيجيًا وخبرة.
دور العشائر السورية: "القوة الناعمة" للمقاومة الشعبية وفضح المخططات الإسرائيلية.
مثَّل إعلان العشائر السورية تدخلها لنجدة إخوانهم في السويداء، إثر جرائم الميليشيات الدرزية المدعومة إسرائيليًا، "قوة ناعمة" فعّالة في لجم إرهاب الدروز. هذا التدخل العشائري، الذي جاء بديلاً عن الجيش بعد انسحابه، يكشف عن حرص القيادة السورية الجديدة على تجنب الانجرار نحو حرب أخرى تحاول قوى دولية، وإسرائيل بالذات، إشعالها عبر ورقة الطوائف. هذا يعكس فلسفة سياسية حكيمة تسعى لفك الارتباط مع المخططات الإقليمية التي تستغل الانقسامات الطائفية، وتعزز الوحدة الوطنية من خلال الدور الشعبي والعشائري.
رؤية إسرائيلية ناقدة: "حماقة" و"سياسة مشوشة" في مواجهة عبقرية الشرع.هنا في مقالي أعرض بمقتطفات من مقال للكاتب الإسرائيلي
يكشف الكاتب الإسرائيلي أربيل كاهانا في مقاله على "يسرائيل هيوم" تحت عنوان "استعراض الحماقة الإسرائيلية في سوريا: أحمد الشرع ليس يحيى السنوار" عن إرباك إسرائيلي واضح تجاه السياسة السورية الجديدة. يؤكد كاهانا أن الشرع (الجولاني) ليس مجرد قائد عسكري، بل هو "يُعيد بناء سوريا"، ويسعى للسلام مع إسرائيل دون أي تهديدات عسكرية أو لفظية.
يتساءل كاهانا: "لماذا على إسرائيل أن تصنع السلام مع سوريا؟" ويجيب بخمسة أسباب فلسفية واستراتيجية:
يقول ان السلام أفضل من الحرب: مبدأ أساسي في العلاقات الدولية يجب أن تتّبعه إسرائيل.
يدعو الى دعم سوريا وعلى إسرائيل الاعتماد الاقتصادي يربط المصالح: مساعدة سوريا اقتصاديًا وتكنولوجيًا وزراعيًا يربطها بمصالح تجعل من الصعب عليها الانقلاب على إسرائيل، وهو نموذج ناجح مع الأردن ومصر هكذا يرون ان العرب يستون في السياسة لايعلمون ان العرب تختلف من دولة لأخرى فالعرب في سوريا هم عرب اقحاح من افخاذ
عدنان وقحطان ذوي الأصول الصافية والنقية أدهى ودهاء في الحروب
إضعاف قوى إشكالية: التقارب مع سوريا يقلل من اعتمادها على قوى مثل قطر وتركيا، ويؤكد كاهانا أن الشرع قادر على التخلي عن داعميه إذا تغيرت مصالحه، في إشارة إلى الواقعية السياسية التي يتبناها الشرع.
العالم لا ينتظر إسرائيل: يؤكد كاهانا أن العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة بقيادة ترامب، قد تعامل مع الشرع ورفع العقوبات عن سوريا، مما يدل على أن المصلحة الدولية تتجاوز المعارضة الإسرائيلية.
الذكاء أفضل من الصواب المطلق: فلسفة سياسية تدعو إسرائيل للتصرف بذكاء وواقعية بدلًا من التمسك بموقف "كونها على حق" في كل الظروف.
وينتقد كاهانا "المبادرة الخاطئة" لإسرائيل بالالتزام بحماية الدروز في السويداء، مشيرًا إلى أنها مبادرة غير مدروسة لم يطلبها الدروز أنفسهم، وتكشف عن "حدود القوة" الإسرائيلية.
يؤكد أن الصدامات بين البدو والدروز في جبل الدروز، التي اندلعت بسبب اختطاف الدروز، لم تبرر التدخل الإسرائيلي. يرى كاهانا أن إسرائيل تعمل ضد مصالحها الأمنية والسياسية، وأن سياستها "المفرطة في العدوانية" دفعت بالشرع إلى التهديد الضمني بالحرب، مما وفر له "عدوًا خارجيًا يتوحد الشعب ضده".
ويختتم كاهانا وصفه للقيادة الإسرائيلية بأنها لا تفهم من هو الشرع، وتتعامل معه بـ "سياسة مشوشة"، مرة تصفه بـ"الإرهابي"، ومرة كـ"شريك محتمل للسلام"، مما يعكس غياب الرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية. يرى كاهانا أن المصلحة الإسرائيلية تكمن في وجود حكم مركزي في سوريا، وأن الفوضى ستصب في مصلحة إيران والتنظيمات الإرهابية. ويدعو إلى "إعادة ضبط السياسة" الإسرائيلية لتكون عقلانية وغير عاطفية، والعمل على جذب الشرع نحو مسار تسوية.
إسرائيل ومخططات "من الفرات إلى النيل": انهيار "جدار الحماية" السوري
بعد انهيار نظام الأسد، الذي كان بمثابة "جدار حماية" لإسرائيل، أصبحت الجبهة المحاذية لسوريا غير آمنة. تسعى إسرائيل الآن لدعم الدروز وفرض شروطها لإفراغ جنوب سوريا من السلاح والجيش، متجاوزة خطوط فك الاشتباك بعد حرب 1973، وصولًا إلى السيطرة على جبل الشيخ.
لا يخفى على أحد أن إسرائيل تسعى لتوسيع سيطرتها من "الفرات إلى النيل". تحركاتها العسكرية وتوغلها في الجنوب السوري تهدف إلى حماية حدودها بعد انتهاء النظام الذي كان يحميها. تدرك إسرائيل أهمية سوريا في تحقيق حلمها، وتسعى للسيطرة على مناطق "ممر داوود" مثل درعا والسويداء والتنف، وصولًا إلى العراق. الدروز هم إحدى الحلقات التي تستغلها إسرائيل لتحقيق هذا الهدف البعيد على حساب المنطقة العربية وسوريا خاصة، وهي بذلك تتبنى "فلسفة التمدد الاستعماري" تحت غطاء الحماية.
لماذا نحن كيمنيين لا نستلهم من التجارب
لا أحد في المنطقة العربية بمنأى عن تهديدات إسرائيل، التي استفحلت بعد العدوان على غزة. المواقف العربية المتفرجة أغرت إسرائيل بتحقيق حلمها، مستغلة الانقسام والفرقة الكبيرة في صفوف الأمة.
في اليمن، وبظل غياب قيادة فاعلة تمثل قضية اليمن، فإن الشعب اليمني مدعو لاستلهام التجربة السورية في التحرك الشعبي لطرد الميليشيات وإنهاء احتلالها. بعد سنوات من العجز السياسي للشرعية في استعادة الدولة وإسقاط الانقلاب، بسبب انغماس ممثليها في المصالح الخاصة التي تدر عليهم دخلا اقتصاديا وتوفر لهم المال لهم ولاقاربهم ، أصبح الشعب اليمني وقبائله الحرة أمام اختبار عسير.
إن العشائر السورية قدوة ومثل حي في نجدة المظلوم وتحرير اليمن من كابوس الميليشيات التابعة لإيران، التي دمرت كل شيء في البلاد خلال العشر سنوات الماضية. هنا تبرز فلسفة "اليمن أولًا" كضرورة حتمية، تستدعي وعيًا شعبيًا يمنيًا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أسوة بالتجربة السورية في "الصحوة الوطنية".