تحسن سعر الصرف تبدد الهمّ في مأرب والمناطق المحررة
السبت 02 أغسطس 2025 - الساعة 10:36 مساءً
في قلبِ مأرب، كانتْ الأيامُ تمرُّ بثقلٍ، وتلوّنَ القلقُ وجوهَ الجميع. كانَ حديثُ الناسِ لا ينتهي عن الأسعارِ المرتفعةِ وتآكلِ قيمةِ العملة. سنواتٌ من الشظفِ تركتْ بصماتِها على الأرواحِ والجيوبِ، فغابتِ الابتسامةُ وحلَّ السخطُ مكانَها. كانَ المواطنونَ والنازحونَ يمشونَ في شوارعِ المدينةِ، يحملونَ همَّ لقمةِ العيش، وعيونُ أطفالهمْ تسألُ بصمتٍ عن غدٍ أفضل. كثيرٌ من النداءاتِ والمقالاتِ كُتبتْ عبرَ الإذاعةِ والصحافةِ، لكنْ لا مجيب.
ثمَّ، وكأنَّ فجراً جديداً قدْ بزغَ، جاءَ الخبرُ كنسيمٍ عليلٍ يداعبُ القلوبَ المتعبةَ: تحسُّنٌ في سعرِ الصرفِ، وحملةٌ رقابيةٌ واسعةٌ لضبطِ الأسعارِ. لمْ يكنْ مجردَ خبرٍ عابرٍ، بلْ كانَ وعداً بالتعافي، بإمكانيةِ استعادةِ جزءٍ من كرامةٍ سلبتها الأزماتُ.
لقدْ رافقتُ اليومَ هذه اللحظاتِ التاريخيةَ في مأربَ، وشاهدتُ بأمِّ عينيَّ ما لمْ أرهُ منذُ سنواتٍ طويلةٍ. كانتْ الفرحةُ ترتسمُ على الوجوهِ كلوحةٍ فنيةٍ بديعةٍ، تعكسُ عمقَ المعاناةِ التي سبقتها وعظمةَ الأملِ الذي حلَّ الآن. لمْ يدرِ المواطنونَ كيفَ يعبّرونَ عنْ ارتياحِهمْ وفرحتِهمْ الكبيرةِ بهذه الإجراءاتِ. كانتْ الكلماتُ تتلعثمُ على ألسنتِهمْ، لكنَّ العيونَ كانتْ تتحدثُ بلغةٍ أبلغَ وأصدقَ. كانتْ ابتسامةٌ عفويةٌ، تلكَ التي لمْ نشاهدْها منذُ سنواتٍ، تضيءُ الشفاهَ، وتحوّلُ السخطَ المتزايدَ إلى دعواتٍ صادقةٍ للحكومةِ الشرعيةِ.
لقدْ أدركتُ حينها أنَّ الشعبَ، هذا الشعبَ الصبورَ، ينسى الأوجاعَ بمجردِ أنْ يرى حقوقَهُ تعادُ إليهِ، وبمجردِ أنْ يعيشَ بأمنٍ وأمانٍ، وبوضعٍ اقتصاديٍّ يوفرُ لقمةَ عيشٍ لأطفالِهِ. لمْ تكنْ مجردَ حملةٍ رقابيةٍ، بلْ كانتْ رسالةً مفادُها أنَّ هناكَ منْ يهتمُّ، منْ يسعى لرفعِ العبءِ، منْ يعملُ لإعادةِ الحياةِ إلى طبيعتِها. كانتْ كلُّ دعوةٍ تخرجُ منْ قلبٍ مأربيٍّ ونازح ، وكلُّ ابتسامةٍ ترتسمُ على وجهِ أبٍ أو أمٍّ، تؤكدُ أنَّ الأملَ لمْ يمتْ، وأنَّ التعافيَ وإنْ كانَ بطيئاً، فهو قادمٌ لا محالةَ.