خطواتٌ أربع... إصلاحاتٌ حقيقية أم حلم حكومي
الاثنين 04 أغسطس 2025 - الساعة 11:27 مساءً
في ظل التحديات الاقتصادية المتراكمة، وتضخم المعاناة التي يعيشها المواطن، بدأ الحكومة والبنك المركزي بخطواتٍ أربع حاسمة، جاءت بتوجيهات مباشرة من دولة رئيس الوزراء الأستاذ/ سالم بن بريك، وهي:
1. تفعيل لجنة تنظيم الاستيراد
2. تحديد سقف صرف العملات عبر البنوك وشركات الصرافة
3. فرض ضوابط على السلع المستوردة
4. تشكيل اللجنة العليا للموازنات العامة للسنة المالية 2026
هذه ليست قرارات إدارية عابرة، بل تمثل نواة إصلاح حقيقي إذا ما تم الالتزام بها وتنفيذها ضمن منظومة متكاملة لا ترتهن للمضاربين، ولا تنحني أمام ضغوط لوبيات المصالح.
لكن... نجاح هذه الإجراءات مرهون بتحقيق أربع ركائز غائبة حتى اللحظة، دونها ستظل الخطوات مجرد أُمنيات طيبة:
أولاً: لجنة تنظيم الاستيراد...
اللجنة يمكن أن تتحول إلى مصفاة وطنية تمنع استنزاف العملة الصعبة في استيراد الكماليات، وتعيد توجيه النقد إلى الضروريات: الغذاء، الدواء، الوقود.
ايضاً السؤال الجوهري: هل يملك البنك المركزي احتياطي نقدي كافٍ ليموّل قائمة استيراد وطنية؟
إن لم يكن هناك غطاء نقدي حقيقي، فإن عمل اللجنة سيكون بلا أدوات، وأقرب إلى إخراج مسرحي منه إلى إصلاح بنيوي، خاصةً في ظل توقف تصدير النفط وتراجع الإيرادات السيادية.
ثانياً: تحديد سقف صرف العملات...
هذا الإجراء قد يُقلّص من المضاربات، لكن بشرط وجود نظام رقابة شبكي متكامل، يربط البنك المركزي بجميع شركات الصرافة والبنوك، ويتيح المتابعة اللحظية لحركة الصرف والتحويل.
دون هذه الرقابة، فإن التلاعب سيستمر، والقرارات ستُفرغ من مضمونها.
ثالثاً: ضوابط الاستيراد على السلع...
خطوة ضرورية، لكنها تواجه عقبتين كبيرتين:
1. التهريب:
اقتصاد خفي أقوى من بعض مؤسسات الدولة، يُدار عبر شبكات محمية، ويخترق الموانئ والمعابر دون رادع.
2. غياب البدائل الإنتاجية:
لا يمكن تقييد الاستيراد دون دعم الإنتاج المحلي، الذي لا يزال بلا بيئة استثمارية، ولا منظومة تشريعية مشجعة، ولا بنى تحتية كافية.
رابعاً: تشكيل اللجنة العليا لإعداد الموازنات العامة...
خطوة تنظيمية مهمة لإعادة الاعتبار لدورة الموازنة، لكنها لن تنجح إلا إذا:
- توفرت بيانات مالية دقيقة ومحدثة.
- توحيد الوعاء الايرادي الفعلي وليس التقديري.
- وُجد تنسيق فعّال مع البنك المركزي بمختلف فروعة.
- مراعاة العدالة في تخصيص الموارد بين المحافظات.
- أصبحت الموازنة أداة اقتصادية لتحقيق الأولويات لا مجرد وثيقة محاسبية.
وقد سبق أن افردنا موضوع كامل تم نشره في هذا الشان.
باختصار شديد:
الإجراءات الأربع... إصلاحات ظاهرية أم أسباب حقيقية للتحسن؟
رغم أن الإجراءات الحكومية الأربع الأخيرة تبدو إصلاحية في ظاهرها، إلا أنها لا تكفي لتبرير التحسن الملحوظ في سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، وذلك في ظل غياب بيانات دقيقة حول الأدوات الحقيقية الكامنة وراء أي تحسن فعلي، وهي:
1. وجود احتياطي نقدي حقيقي يدعم توجهات لجنة تنظيم الاستيراد.
2. تفعيل نظام رقابة إلكتروني محكم يربط البنك المركزي بكافة البنوك وشركات الصرافة.
3. حملات أمنية جادة تفكك شبكات التهريب وتغلق منافذ الاقتصاد الخفي.
4. بيئة استثمارية وتشريعية تنهض بالإنتاج المحلي وتمنح الموازنة بعدها التنموي الحقيقي.
5. موازنات عامة واقعية تشمل اليمن كاملًا أو على الأقل مناطق الشرعية بوضوح وشفافية.
وبعيداً عن الاقتصاد، لا استقرار مالي دون استقرار سياسي، ولا إصلاح بدون دعم إقليمي ودولي جاد.
دولة رئيس الحكومة:
لا نطلب المستحيل، بل الممكن والمستحق.
إن أردتم لقراراتكم أن تصنع الأثر وتُخلّد في ذاكرة الناس، فلا تكتفوا بالإعلان... بل احموا التنفيذ، واجهوا المصالح، واصغوا لصوت الناس.