تهامة وتعز: من ذاكرة الشهداء إلى أفق الدولة العادلة

الجمعه 08 أغسطس 2025 - الساعة 08:05 مساءً

 

(كلمات نعمان جاءت مغموسة بغضب مقدس، موجهة إلى جميع الأطراف، داخل الشرعية وخارجها)

 

 وقف الأستاذ عبدالله نعمان، الأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، أمس الأول كمن يستنهض من الركام وطنا توارى خلف دخان الحرب، ليلقي كلمة ليست كبقية الخُطب، بل صرخةٌ سياسيةٌ وشهادةٌ تاريخية في أربعينية القائد الشهيد عبدالرحمن حجري، زعيم الحراك التهامي والمقاومة التهامية، في مدينة الخوخة، تلك التي لا تزال تعاني ازدواجية الاحتلال والتجاهل، كما تعاني اليمن كلها.

جاء ذلك في صباح تهامي تفوح منه رائحة الملح والدم .

 

فالشهيد الحجري لم يكن رجلا عاديا، بل كان ذا قامة أخلاقية ونضالية، حمل لواء تهامة لا ليتقوقع داخل حدودها، بل ليجعل منها بوابةً نحو مشروع وطني جامع، يرى اليمن بعدلها لا بتشظيها، وبمواطنتها لا بطوائفها. 

 

والحق يقال لم يكن مناطقيا، بل وطنيا بالمعنى الأعمق للكلمة، وقدم حياته من أجل أن تكون تهامة ندا لا تابعة، جزءا لا فتاتا، رأسا لا ذيلا.

 

فيما كلمات نعمان جاءت مغموسة بغضب مقدس، موجهة إلى جميع الأطراف، داخل الشرعية وخارجها، ممن تلاعبوا بمصير اليمن كما لو كان رقعة شطرنج إقليمية.

 

بل لم يتردد في تحميل القوى المتصارعة في معسكر الشرعية، وكذلك أطرافا في التحالف العربي، مسؤولية إدامة الحرب، وتمزيق جبهة الداخل، واحتكار القرار الوطني لحساب أجندات خارجية ومشاريع صغيرة.

 

ولقد كان صريحا في توصيفه لمجلس القيادة الرئاسي، لا كأداة توحيد، بل كمرآة لانقسام اليمن، إذ أصبح ملاذا لتشكيلات مسلحة متباينة الولاءات تتنازع باسم اليمن ولا تُمثله، كلٌ يحرس مشروعه الضيق بينما تتآكل الدولة من الداخل، وتتسع هوة الجراح.

 

أما الح..وثي، فقد وضعه نعمان في سياقه الصحيح، لا كمجرد فصيل يمني، بل كخطر إقليمي ودولي يهدد الممرات المائية، ويعيد تشكيل ملامح الجغرافيا السياسية في المنطقة، من البحر الأحمر إلى باب المندب وقناة السويس.

 

وحذر من تبسيط هذه الجماعة، فالمأساة لا تنحصر في صعدة أو تعز، بل تتجاوز اليمن إلى أمن الطاقة العالمي.

 

كما حملت كلمته نفحة شعرية وهو يسخر من مفارقة الجوع في اليمن والتخمة في دول الجوار، متسائلا: "كيف يمكن لجار أن يموت من التخمة وجاره يموت من الجوع؟" .

 

وطبعا.ظإنها ليست فقط مفارقة سياسية، بل مأساة أخلاقية تُدين صمت العالم وتواطؤ القريب.

 

على ان تهامة اليوم ليست مجرد جغرافيا، بل ضميرٌ مقاوم يذكر الجميع بأن الإنصاف يبدأ من الأطراف، وبأن الدولة لن تُبنى بمدافع المليشيات ولا بصفقات الطغاة، بل على قاعدة المواطنة المتساوية، التي مات من أجلها الحجري، ويناضل من أجلها الشرفاء من تعز حتى المخا، المحاذية للخوخة وتحت إدارة طارق صالح.

 

تلك المدينة التي تزدهر ويقول البعض إن طارق صالح أحكم قبضته عليها، فيما لا تزال تنوء تحت أوجاع القهر وتفتقد هوية الدولة.

 

فيما طارق صالح، قائد يتميز بالثبات والشجاعة، حمل على عاتقه مهمة صعبة في لحظة وطنية حرجة، فكان صموده في وجه الميليشيات مصدر حلم تحرري، ورؤيته لبناء جيش وطني مهني خطوة نحو استعادة الدولة اليمنية.

 

لذلك فإن  في استعادة الدولة لا الهيمنة، وفي توحيد الجبهة الوطنية لا توزيع الغنائم، يكمن الحلم، وتنبض ذاكرة الشهداء.

فمن الساحل الغربي لتعز وتهامة، تبدأ الحكاية.

بل ومن تعز..يُكتب الوعي.

وبينهما وطن ينتظر العدالة.

وطن ينتظر العدالة، نعم.!

فلا تهامة دون تعز، ولا صنعاء دون قلوبها الجنوبية.

فيما التعزي والتهامي والصنعاني جسد واحد، إذا اشتكى طرفه، تألمت اليمن كلها حتى تنهض كاملة.!

 

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس