الريال …السلاح الجديد في حرب اليمن
السبت 09 أغسطس 2025 - الساعة 09:10 مساءً
استكمالاً لمقالي السابق تحت عنوان: حقيقة تحسن الريال والسياسة
أحببت ان اعطي القارئ نظره أكثر دقة حول حقيقة تحسن الريال في مناطق الشرعية كما يلي:
في اليمن تتغير قواعد اللعبة كل يوم، لكن التغيير الأعمق هذه المرة لم يأتِ من جبهات القتال ولا من طاولات المفاوضات، بل من شاشات الصرافين ولوحات أسعار العملات. هناك، في قلب السوق، تُدار معركة هادئة وصاخبة في آن واحد، طرفيها الأبرز الأشقاء في المملكة العربية السعودية، الذين أظهروا حرصاً على إنهاء حرب اليمن واستقراره أكثر من بعض القيادات اليمنية ذاتها، اختارت الشقيقة أن تمسك بخيوط الاقتصاد كما يمسك القائد الماهر بزمام المعركة، حيث لم تعد الرصاصات ولا المدافع هي الأداة الأكثر تأثيراً، بل الأوراق النقدية، التي تتحول اليوم إلى سلاح استراتيجي يضرب ويُداوي في نفس الوقت، يرفع ريال الشرعية ويدفع ريال الحوثي نحو الاختناق، هذه ليست مجرد لعبة أرقام… إنها معركة نفوذ تُكتب بلغة الاقتصاد، وتُحسم بميزان العملة.
العزيزة السعودية أدركت أن تحريك الجبهة الاقتصادية قد يحقق ما عجزت عنه سنوات من القتال، فاعتمدت خطة ثنائية:
1. دعم ريال الشرعية: عبر رسائل تمويلية مدروسة، وتنسيق مباشر مع البنك المركزي بعدن لضبط السوق ورفع الثقة بالعملة المحلية.
2. خنق ريال الحوثي: بتقييد تدفق العملة الصعبة إلى مناطقهم، ما عمّق الفجوة السعرية وضرب قوتهم الشرائية.
3. تحويل خطوط التجارة: ربما ستعمل السعودية بشكل اقوى على توجيه الواردات نحو الموانئ الخاضعة للشرعية لتقليص عوائد الموانئ الحوثية.
4. ضبط الطلب على الدولار: من خلال تنظيم الاستيراد وتشجيع التداول بالريال المحلي.
الرسالة واضحة: استقرار مناطق الشرعية اقتصاديًا، مقابل دفع الحوثيين إلى مأزق مالي يجبرهم على تقديم تنازلات سياسية. هذه المعركة المالية ليست لإصلاح السوق فحسب، بل لإعادة تشكيل موازين القوى قبل أي تسوية قادمة، مع تقديم نموذج يظهر الفرق بين إدارة مسؤولة تدعم الاستقرار وأخرى ترعى الأزمات.
النتائج المتوقعة:
اولاً: تراجع المضاربة وتحسن القدرة الشرائية في مناطق الشرعية.
ثانياً: زيادة الفجوة بين اقتصاد الشرعية واقتصاد الحوثيين، ما يضع الأخيرين تحت ضغط تفاوضي أكبر.
ثالثاً: تكريس المملكة كمهندس المشهد الاقتصادي والسياسي لليمن، وضامن للاستقرار بعد الحرب.
وليفهم الجميع ان في هذه المرحلة، لم تعد الورقة الرابحة في اليمن بندقية أو طائرة، بل عملة.
الاشقاء السعودية، بفهمها العميق للعبة الاقتصاد، حولت الريال إلى سلاح استراتيجي، يفتح أبواب السياسة ويفرض شروطها دون إطلاق رصاصة واحدة، في وقت يثبت فيه أن حرص الأشقاء على إنهاء الحرب وبناء السلام يتجاوز في جديته حرص بعض القيادات اليمنية التي لا تزال أسيرة الحسابات الضيقة.
اللهم اجعلها خاتمة لحرب أنهكت كل اليمنيين من صعدة حتى المهرة.