الجمع بين" السلطة والثروة"حرام في دستورنا

الخميس 14 أغسطس 2025 - الساعة 08:33 مساءً

 

يُعد مبدأ الفصل بين السلطات حجر الزاوية في أي نظام حكم رشيد، وهو ما أكد عليه الدستور اليمني الذي يحظر على موظفي الدولة ممارسة أعمال تجارية تؤدي إلى تضارب المصالح. لكن الواقع في اليمن يكشف عن ظاهرة مقلقة، تتمثل في تولي تجار مناصب قيادية في مؤسسات الدولة، وهو ما تحوّل إلى كارثة إنسانية، لا سيما في القطاع الصحي، حيث أصبح المواطن ضحية لمصالح تجارية بحتة.

 

​تسعيرة الأدوية الجديدة: دليل على تضارب المصالح

 

​تُعد الهيئة العليا للأدوية مثالًا صارخًا على هذا التضارب. وفي هذا السياق، جاءت التسعيرة الجديدة التي أصدرتها الهيئة لتثير جدلاً واسعًا، لا سيما بعدما فضحها الصحفي ماجد الداعري. فقد كشفت التسعيرة عن ارتفاعات كبيرة في أسعار الأدوية، مما يلقي بظلال من الشك حول دوافعها، ويؤكد على أن المسؤولين في الهيئة يعملون وفق مصالحهم التجارية الخاصة، لا لصالح المواطن.

 

​إن الجمع بين سلطة اتخاذ القرار في هيئة رقابية وبين امتلاك مصالح تجارية في نفس المجال، يفتح الباب أمام استغلال المنصب لاحتكار استيراد الأدوية وعرقلة دخول المنافسين. هذا التلاعب لا يقتصر على الأسعار فقط، بل يمتد إلى جودة الدواء، حيث يمكن للمسؤول التاجر أن يتغاضى عن معايير الجودة لخدمة شركاته، مما يهدد صحة وحياة المواطنين.

 

​غياب الرقابة وفساد ممنهج

 

​عندما يضع من يملك المصالح التجارية القوانين واللوائح، فإن الرقابة تصبح بلا جدوى. فالأنظمة والقوانين تُصاغ لتناسب مصالح التاجر، مما يُضعف آليات المراقبة على الأسعار والجودة. هذه الظاهرة لا تساهم في تدهور القطاع الصحي فحسب، بل تفتح الباب على مصراعيه للفساد، من خلال منح امتيازات غير مشروعة، أو تسهيل عمليات تهريب، أو استيراد منتجات غير مطابقة للمواصفات.

 

​وفي النهاية، يتحمل المواطن اليمني العبء الأكبر لهذه الممارسات، حيث يجد نفسه عاجزًا عن الحصول على الدواء بسعر معقول، أو يُجبر على شراء أدوية رديئة الجودة، مما يعرض حياته للخطر. إن هذه التداخلات السلبية بين التجارة والسلطة لا تقتصر على القطاع الصحي، بل تمتد لتؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني بأكمله.

 

​لذلك استمرار هذه الظاهرة يُعد تحديًا حقيقيًا لمؤسسات الدولة، ويُظهر فشلًا في تطبيق مبادئ الحكم الرشيد. ولن يستقر الوضع في اليمن إلا عندما يتم الفصل التام بين السلطة والثروة، وتُفعّل آليات الرقابة والمحاسبة، وتُمنح المناصب القيادية للكفاءات التي تخدم المصلحة العامة، لا المصالح الخاصة.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس