اغتيال افتهان المشهري: جرس إنذار أخير لمصير تعز

الخميس 18 سبتمبر 2025 - الساعة 07:35 مساءً

 

لم يكن اغتيال الأستاذة افتهان المشهري، مديرة مكتب النظافة والتحسين في تعز، حدثاً عابراً في سياق الانتهاكات الأمنية التي تعيشها المدينة منذ سنوات الحرب. 

 

بل هو مؤشر خطير على مستوى الانهيار الذي بلغته مؤسسات الدولة في مناطق يفترض أن تكون تحت سلطة "الشرعية"، ومحاولة صريحة لإسكات أي صوت مدني يصرّ على العمل في خدمة الناس رغم أجواء الصراع والانقسام.

 

الاغتيال في وضح النهار ليس مجرد جريمة جنائية، وإنما رسالة سياسية عميقة الدلالات. فهو يكشف عن هشاشة البنية الأمنية، وتواطؤ ــ أو عجز ــ الجهات الرسمية، بدءاً من المحور العسكري والسلطة المحلية، مروراً بجهازي الأمن العام والشرطة العسكرية، وانتهاءً بكامل منظومة إدارة المدينة. 

 

إن فشل هذه الأجهزة في حماية الشخصيات المدنية والكوادر الإدارية ليس مسألة إهمال عارض، بل دليل على عجز بنيوي يكرّس مناخ الفوضى والعنف.

 

لقد تحولت تعز تدريجياً إلى ساحة مفتوحة للاغتيالات والانتهاكات، ما جعلها أشبه بـ"قندهار القرن الجديد"، حيث يختلط العنف المسلح بالمصالح الضيقة، وتُستباح أرواح المدنيين بلا رادع. إن استمرار هذه الحالة يعني بالضرورة تآكل ما تبقى من شرعية الدولة في المدينة، ويؤسس لمرحلة طويلة من الفوضى الأمنية التي ستنعكس على مجمل الوضع الوطني.

 

دماء افتهان المشهري تمثل صرخة في وجه كل أشكال الفساد والتواطؤ والصمت، وتضع المجتمع أمام معادلة حاسمة: إما استعادة الدولة وسيادة القانون، أو الانزلاق نحو فوضى شاملة لن تستثني أحداً. 

 

إن المسؤولية هنا لا تقع على القتلة المباشرين فحسب، بل تمتد لتشمل البنية السياسية والعسكرية والأمنية التي سمحت بحدوث مثل هذه الجرائم، وغضّت الطرف عن تكرارها.

 

إن اغتيال المشهري ليس حادثة فردية، بل هو مرآة تعكس مصير مدينة تُغتال كل يوم. وبالتالي فإن الاستجابة المطلوبة ليست بيانات شجب أو لجان تحقيق شكلية، بل إرادة سياسية حقيقية لإعادة بناء المنظومة الأمنية في تعز على أسس مهنية ووطنية. 

 

وإلا فإن اغتيال اليوم سيُتبع باغتيالات الغد، وسيظل النزيف مفتوحاً حتى تنهار فكرة الدولة ذاتها.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس