مرة أخرى: من يشوّه سمعة الجيش الوطني في تعز؟
السبت 20 سبتمبر 2025 - الساعة 10:50 مساءً
قبل أيام تم اختطاف الشاب الجريح "رأفت صادق الشميري" والاعتداء عليه من قبل أفراد تابعين للواء 170، والذين برّروا فعلتهم وجريمتهم بأن "رأفت" قام بتشويه سمعة الجيش الوطني، لأنه كان قد كتب منشورًا عن قيام نفس هؤلاء الأفراد بالاعتداء على الدكتورة عزيزة شرف وابنتها... فأصبح الشاب المقاوم والجندي الجريح رأفت الشميري في نظرهم يستحق العقاب والاعتداء بحجة تشويه صورة وسمعة الجيش الوطني، بينما ما ارتكبوه من جرائم ومن اعتداءات لا يستحق العقاب ولا يشوّه سمعة وصورة الجيش الوطني!!
وبنفس هذا المنطق العجيب يتحدث بعض المدافعين والمبررين بشكل مباشر وغير مباشر عن أفعال وتصرفات وجرائم بعض الأفراد التابعين لبعض الألوية العسكرية، وبعض المدافعين عن المقصرين والفاشلين والمتهاونين من القيادات العسكرية والأمنية وقيادات السلطة المحلية.
وبنظر هؤلاء، فإن كل ما يرتكبه المفصعون والمسلحون المنفلتون التابعون لبعض الألوية والوحدات العسكرية من جرائم وإثارة للفوضى والانفلات الأمني لا يشوّه سمعة الجيش الوطني، ولا يستحق الذكر ولا يستدعي النقد والاستنكار والأدانة، بل يستلزم الصمت صونًا لسمعة الجيش وحفاظًا على صورة الجيش.
فإذا كان أغلب المطلوبين أمنيًا يتبعون بعض الألوية أو الوحدات العسكرية، فإن ذلك لا يشوّه سمعة الجيش الوطني.
وإذا كانت هناك قيادات عسكرية تحتضن وتحمي القتلة المفصعين والمسلحين المنفلتين والمطلوبين أمنيًا وتتستر عليهم وترفض تسليمهم، فإن ذلك لا يعتبر تشويهًا لسمعة الجيش الوطني.
وإذا تحولت بعض الألوية إلى ملاذ ووكر للقتلة والمجرمين والمنفلتين والمطلوبين أمنيًا، فذلك لا يعتبر تشويهًا لسمعة الجيش الوطني.
وقيام بعض الأفراد والضباط والقيادات العسكرية بالاستيلاء على منازل وأراضي المواطنين وأراضي وممتلكات الدولة والأوقاف، لا يعتبر تشويهًا لسمعة الجيش الوطني.
وتفرغ بعض الأفراد والضباط لغزوات الطرق والشوارع والأسواق والمحاكم والمستشفيات، والجري وراء الجبايات وممارسة الابتزاز، واقتحام وإغلاق المؤسسات والمكاتب الحكومية، لا يشوّه سمعة الجيش الوطني.
والجرائم والحماقات التي يرتكبها أبناء وأشقاء وأقارب بعض القيادات العسكرية، وعدم ضبطهم وتسليمهم للعدالة، لا يشوّه سمعة الجيش الوطني.
واستخدام سلاح وذخيرة وأطقم ومركبات الجيش والدولة من قبل المفصعين والمنفلتين من أفراد الجيش في أعمال الابتزاز والنهب والسلب والقتل وارتكاب الجرائم، لا يشوّه سمعة الجيش الوطني.
وتهاون وعجز وفشل القيادات العسكرية في ضبط هؤلاء القتلة والمنفلتين والمفصعين والمطلوبين أمنيًا وتسليمهم للجهات المختصة وتقديمهم للعدالة، لا يشوّه سمعة الجيش الوطني.
وتحول منطقة معينة أو مربع معين في المدينة إلى ملاذ ووكر للعصابات والقتلة والمنفلتين والمطلوبين أمنيًا، وخروج هذه المنطقة وهذا المربع عن سيطرة الجيش والأمن، لا يشوّه سمعة الجيش الوطني.
كل ذلك وغيره مما لم يُذكر من الأفعال والجرائم والممارسات والتصرفات لا يشوّه سمعة الجيش الوطني ولا يسيء للجيش الوطني في تعز.
ومن يشوّه سمعة الجيش ويُسيء للجيش هم فقط الكتاب والصحفيون والناشطون والمفسبكون، الذين يكتبون عن الانفلات الأمني وعن كل ما سبق من الاختلالات والجرائم والتصرفات والحماقات التي يرتكبها الأفراد التابعون لبعض الوحدات والألوية العسكرية، والذين ينتقدون سلبيات وأخطاء ومخالفات وتجاوزات وتقصير وفشل وتهاون المسؤولين والقيادات المحلية والأمنية والعسكرية، ويدعون إلى محاسبتهم وإقالتهم وخضوعهم للنظام والقانون، والذين يطالبون برفع الغطاء عن المنفلتين والمجرمين والمتهمين والمطلوبين أمنيًا التابعين لبعض الألوية والوحدات العسكرية وتسليمهم إلى القضاء والعدالة، وتنظيف الجيش والألوية العسكرية من المنفلتين والمفصعين وخريجي السجون والمطلوبين أمنيًا، ومعالجة الاختلالات وإعادة ترتيب وإصلاح وضع بعض الألوية العسكرية المختلة.
فالمشكلة عند البعض ليست في الانفلات الأمني ولا في الجريمة ولا في النهب والسرقة والاقتحام والقتل والسحل وسفك الدماء، ولا فيمن يرتكب الجريمة وفي صفته العسكرية وموقعه العسكري، ولكن المشكلة وكل المشكلة في تسليط الضوء على الجريمة والكتابة عنها ونشر صور الضحايا ومناظر الأشلاء والدماء، وفي رفع الصوت والاستنكار والنقد والمطالبة بتطبيق القانون وتحقيق العدالة.
والمشكلة عند البعض ليست في الجرح ولا فيمن سبب وأحدث الجرح وعمق الجراح، ولكن المشكلة فيمن يشير إلى الجرح وينكئه ويحاول الكشف عنه وتعريضه للضوء ولأشعة الشمس، وفيمن ينبه إلى خطورة الجرح ويدعو إلى معالجة وتنظيف الجرح وإيقاف النزيف، ويحذر من تفاقم الجراح.
فمن هو الذي يقوم فعلًا بتشويه سمعة الجيش الوطني، ومن هو المسؤول الحقيقي والفعلي عن تشويه سمعة وصورة الجيش الوطني في تعز؟