14 أكتوبر.. ذاكرة الثورة ومواجهة الإمامة بثوبها الجديد
الاربعاء 15 أكتوبر 2025 - الساعة 01:08 صباحاً
تحل على الشعب اليمني هذا العام الذكرى الثانية والستون لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، التي مثّلت نقطة تحول تاريخية في مسار النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني، وأرست دعائم التحرر والوحدة الوطنية. وجسدت هذه الثورة إرادة اليمنيين شمالًا وجنوبًا في مواجهة الاستعمار والاستبداد، لتصبح رمزًا للوحدة الوطنية وبداية عهد جديد من الكفاح لبناء الدولة اليمنية الحديثة.
لم تكن ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م في جنوب اليمن مجرد انتفاضة محلية ضد الوجود البريطاني، بل شكلت نقطة تحول تاريخية في مسار اليمن والمنطقة بأسرها، إذ مثلت لحظة التقاء الإرادة الوطنية على ضفتي الوطن، شمالاً وجنوباً. وقد تلاقت شرارة التحرر الجنوبي مع وهج ثورة 26 سبتمبر شمالًا، ليتكامل المشروع الوطني في مواجهة الاستعمار والإمامة معًا.
وبينما يحتفي اليمنيون اليوم بهذه الذكرى الخالدة، يجد الأحفاد أنفسهم في معركة مصيرية جديدة مع الإمامة، ولكن بثوب مختلف. فبعد عقود من النضال لبناء دولة الجمهورية والوحدة والحرية، تقف البلاد أمام مشروع طائفي عنصري تسعى من خلاله مليشيا الحوثي الإرهابية لإعادة إنتاج الحكم الإمامي الكهنوتي الذي أسقطته ثورة سبتمبر، في محاولة لطمس الهوية الوطنية الجامعة واحتكار السلطة والثروة.
ومع مرور أكثر من ستين عاماً على انطلاق الثورتين، يعيش اليمنيون اليوم واقعاً مراً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث تتراجع الخدمات الأساسية، وتنعدم الحريات، وتتفاقم الأزمات الاقتصادية والإنسانية، وسط قمع ممنهج لأي صوت معارض. لقد تحوّلت العاصمة صنعاء، التي احتضنت بدايات الثورة الجنوبية، إلى ساحة لإحياء الطقوس السلالية وتقديس الحاكم، في مشهد يعيد إلى الأذهان عصور الإمامة المظلمة التي ثار ضدها اليمنيون.
ورغم هذه التحديات، فإن روح الثورتين لا تزال حاضرة في وجدان اليمنيين. فكما توحدت إرادة الأجداد ضد الاستعمار والإمامة، تتوحد اليوم إرادة الأحرار لمواجهة المشروع الحوثي الطائفي. وفي استطلاع ميداني أجرته إذاعة صوت المقاومة بعدة محافظات، أكد ناشطون وأكاديميون أن ثورة 14 أكتوبر امتداد طبيعي لثورة 26 سبتمبر، وأن المعركة الحالية ضد المليشيا الحوثية ليست سوى فصل جديد من فصول الصراع التاريخي بين مشروعين متناقضين: مشروع الحرية والجمهورية، ومشروع الإمامة والاستبداد.
وبينما يحيي اليمنيون هذه المناسبة الوطنية الخالدة، تتجدد الدعوات لاستلهام دروس الثورة في مواجهة التحديات الراهنة، وفي مقدمتها محاولات إعادة إنتاج الحكم الإمامي عبر المشروع الحوثي الطائفي. ويؤكد اليمنيون أن روح سبتمبر وأكتوبر لا تزال حاضرة في وجدانهم، وأن معركة الحرية والجمهورية مستمرة حتى استعادة الدولة، وترسيخ مبادئ الثورة في واقع اليمن المعاصر.