قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم (١١) لعام ٢٠٢٥م بشأن الموافقة على خطة أولويات الإصلاحات الاقتصادية الشاملة

الاثنين 03 نوفمبر 2025 - الساعة 01:09 صباحاً

 

هذا القرار هو أهم وثيقة إصلاح اقتصادي ومالي تصدر عن مجلس القيادة الرئاسي منذ تشكيله، إنه ليس مجرد خطة، بل هو محاولة لإعادة هندسة السلطة المالية للدولة، والانتقال من اقتصاد الجزر المنعزلة الذي فرضته الحرب إلى دولة مالية مركزية وهو ما طلبنا به مرراً لوقف التدهور الاقتصادي.

 

من الناحية الاقتصادية الفنية البحتة، القرار ممتاز ممتاز ممتاز

لماذا؟

 إنه يضع يده مباشرة على جوهر الانهيار المالي: تجزئة الإيرادات السيادية وغياب السيطرة المركزية، ودعونا نوضح ذلك كما يلي:

١- توحيد الوعاء المالي هو جوهر القرار  و هو إجبار جميع المحافظات، وتحديداً (عدن، مأرب، حضرموت، المهرة، تعز)، على توريد كافة الإيرادات المركزية (جمارك، ضرائب، نفط، غاز) إلى حساب الحكومة العام في البنك المركزي اليمني.

 

٢- الأهم هو منع تجنيب أو الصرف من هذه الموارد. 

هذا يهاجم مباشرة ممارسة التجنيب التي كانت المصدر الرئيسي لتمويل سلطات الأمر الواقع المحلية.

 

٣- إغلاق منافذ الفساد والهدر:

 القرار دقيق جداً في تحديد المنافذ:

المنافذ غير القانونية: أمر بإغلاق موانئ بحرية مستحدثة بالاسم (قنا، الشحر، نشطون، راس العارة).

 

٤- الرسوم غير القانونية: ألغى كافة الرسوم المفروضة من المحافظين أو الوزارات وكافة الصناديق المستحدثة والجبايات في مداخل المدن.

 

٥- القرار يمثل تجفيفاً لمصادر الاقتصاد الأسود الذي نما داخل هيكل الدولة الشرعية.

 

٦- إعادة هيكلة قطاع النفط والغاز:

هذه النقطة (البند 1-ح) هي قنبلة مالية، فإلزام شركات (مصفاة عدن، بترومسيلة، وصافر) بتسليم كامل إنتاجها لشركة النفط اليمنية، التي تتولى وحدها التسويق وتوريد الإيرادات للبنك المركزي، هو استعادة كاملة لسلطة الدولة على أثمن مواردها، وهذا يوقف بيع المشتقات بشكل مجزأ من قبل هذه الشركات.

 

٧- تعزيز السياسة النقدية:

 القرار يربط بذكاء بين الإصلاح المالي (الإيرادات) والإصلاح النقدي (العملة).

 

٨- تحرير الدولار الجمركي: ربط تحرير سعر الدولار الجمركي بنجاح ضبط الإيرادات أولاً، وهذا يمنع حدوث صدمة تضخمية ويضمن أن الدولة لديها حصيلة دولارية (من الإيرادات الموحدة) للدفاع عن العملة عند تحرير سعر الصرف، مع تحفظي على ضرورة عدم تحرير سعر الدولار للمواد الاساسية.

 

٩- إغلاق الحسابات وهذا يعني إجبار كل الوحدات الحكومية والاقتصادية على إغلاق حساباتها في البنوك التجارية وشركات الصرافة، خطوة حاسمة لوقف المضاربة بالمال العام وضمان دخول كل الأموال للبنك المركزي.

 

لكن يكمن الاختبار الحقيقي للتنفيذ في الواقع لما له من قوة كبيرة في قطع مصالح تجار الحروب، فالقرار صحيح اقتصادياً، ولكنه انتحاري سياسياً ما لم يكن هناك إجماع مطلق داخل مجلس القيادة ونية صادقة لدى جميع الاعضاء ودعم خارجي هائل لفرضه.

 

 شكراً مجلس القيادة فالقرار هو إعلان حرب صريح على المصالح الراسخة.

 المحافظون الذين يسيطرون على الموارد، والقادة العسكريون الذين يديرون الجبايات ونقاط التفتيش، والكيانات التي تدير الموانئ غير الرسمية، لن يتنازلوا عن مكتسباتهم بسهولة.

 

تسمية المحافظات (مارب، حضرموت، المهرة، عدن) بالاسم هو مواجهة مباشرة مع السلطات المحلية القوية في هذه المناطق.

 

يملك مجلس القيادة الرئاسي السلطة القانونية لإصدار القرار، لكن الأسئلة الأهم هي: 

- هل يملك مجلس القيادة القوة العسكرية والأمنية لإنفاذه؟

- ماذا لو رفض محافظ أو قائد عسكري الامتثال؟

- ما هي الإجراءات القانونية التي سيتم اتخاذها ضد كل معرقل؟ آلية العقوبات المذكورة تبدو غامضة وفضفاضة.

 ايضاً:

القرار يركز على (التوريد الإجباري، الإغلاق، العقوبات)  مقابل تثبيت المبالغ المجنبة لشهرين (نوفمبر وديسمبر ٢٠٢٥م) والجلوس لاحقاً للاتفاق على الموازنات.

قد لا يكون هذا كافياً لإقناع المحافظات بالتخلي عن مليارات الريالات التي كانت تحت تصرفها المباشر، مقابل انتظار تعزيز مالي من عدن قد يتأخر.

 

ملف البنك المركزي - فرع مأرب:

 توجيه اللجنة باستكمال اغلاق حسابات الحكومة لدى فرع البنك المركزي مأرب و تفعيل الربط الشبكي لفرع البنك بالمركز الرئيسي هو بند شديد الحساسية، إنه يلمس العصب المالي والسياسي لأحد أهم معاقل الحكومة، وهو خطوة ضرورية تقنياً لكنها محفوفة بالمخاطر سياسياً.

 

هذا القرار هو خطة الصدمة التي تحتاجها الحكومة لإنقاذ نفسها، من الناحية الاقتصادية والمالية، بل هو التشخيص الصحيح والعلاج الدقيق، إنه يعالج الأسباب الجذرية لانهيار العملة وفشل الدولة في دفع الرواتب.

 

نجاح هذا القرار ليس قراراً اقتصادياً، بل هو قرار سياسي بامتياز، وباعتقادي النتيجة احد السيناريوهات التالية:

- السيناريو المتفائل (إذا نجح): سيؤدي إلى استقرار هائل في سعر الصرف، وتمكين الحكومة من دفع الرواتب بانتظام، واستعادة هيبتها أمام المواطنين والمجتمع الدولي.

- السيناريو الواقعي (الأكثر ترجيحاً): سيواجه القرار مقاومة شرسة، سنشهد تنفيذاً جزئياً ومماطلة من قبل مراكز القوى. ستحاول بعض المحافظات التفاوض على نسب، بينما قد ترفض أخرى بشكل قاطع.

- السيناريو المتشائم (إذا فشل): سيكشف فشل تطبيق القرار عن الضعف الحقيقي لمجلس القيادة الرئاسي، وسيعزز سلطات الأمر الواقع، وقد يؤدي إلى تفكك أكبر في التحالف الحكومي.

 

المعيار الحقيقي للنجاح هو:

١- ما سيحدث بعد أول تقرير يرفعه رئيس الوزراء كل أسبوعين والذي يحدد الجهات التي لم تلتزم بالتنفيذ. 

٢- الإجراءات التي سيتخذها المجلس بناءً على هذا التقرير ستحدد مصير هذا القرار، ومصير السلطة الشرعية في اليمن.

 

باعتقادي القرار بداية حقيقية لاستعادة الدولة اليمنية الموحدة.

كل الشكر مرة أخرى مجلس القيادة الرئاسي منفردين ومجتمعين.

جزيل الشكر لمعالي دولة الاستاذ سالم صالح بن بريك رئيس مجلس الوزراء الرجل الذي يدفع بقوة لاستعادة الدولة اليمنية الموحدة والقوية.

 

ونسأل الله التوفيق،،،

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس