العار القومي: كيف استضاف القوميون زعيم ميليشيا طائفية دمّرت اليمن؟
السبت 08 نوفمبر 2025 - الساعة 07:30 مساءً
في مشهدٍ يُلخّص حجم الانحدار الفكري والسياسي الذي أصاب جزءًا من النخب العربية، يظهر زعيم المليشيا الحوثية الإرهابية عبر شاشة «المؤتمر القومي العربي» في بيروت، ليُقدَّم كمنظّر سياسي أو قائد تحرري، بينما هو في الحقيقة رمزٌ للقتل والطائفية والجهل والدمار.
أيُّ عارٍ هذا الذي يسمح لمن تلطّخت أيديهم بدماء اليمنيين أن يخاطب نُخباً كانت يومًا تُنادي بالوحدة والحرية والعدالة؟
كيف لتياراتٍ رفعت راية القومية واليسار والتقدمية أن تُسلم منابرها لمن يقدّس السلالة ويدّعي الاصطفاء الإلهي؟
هل صارت القومية اليوم غطاءً للعنصرية المذهبية؟ وهل أصبح اليسار خادمًا لمشاريع الهيمنة الإيرانية؟
إن ما حدث في هذا المؤتمر ليس مجرد سقطة سياسية، بل فضيحة فكرية وأخلاقية تُعرّي حالة الانحراف التي وصل إليها بعض القوميين واليساريين حين تماهوا مع خطاب طائفي مدمر، واستبدلوا حلم الأمة العربية الواحدة بمشروعٍ فارسيٍّ توسعيٍّ يلبس عباءة المقاومة زورًا.
من بيروت إلى صنعاء، ومن بغداد إلى الضاحية، تتكرر المشاهد ذاتها: نخبٌ تتحدث باسم الأمة وهي في الواقع تُبرّر لمن يُمزّقها. من يصفّق للحوثي اليوم، يبرّر غدًا لسلاح الميليشيا في لبنان، ويُشرعن اغتيال الدولة في العراق، ويغض الطرف عن التدخل الإيراني في كل شبرٍ من الجسد العربي.
لقد آن الأوان أن نعيد تعريف القومية بمعناها الحقيقي: قومية الحرية لا القهر، قومية العدالة لا الاصطفاء، قومية الكرامة لا التبعية.
القومية ليست شعارًا يُرفع فوق المنابر، بل التزامٌ بالكرامة الإنسانية ورفضٌ لكل استعبادٍ طائفي أو عرقي أو أجنبي.
إن صمت الحاضرين في ذلك المؤتمر هو تواطؤ، ومشاركتهم خيانة، واعتذارهم — إن حصل — لا يكفي لغسل هذا العار.
فمن أراد أن يكون قومياً بحق، فليبدأ من اليمن، من صوت الضحايا الذين سُحقت مدنهم وأُطفئت أنوارهم على يد من أراد أن يحتكر الدين والدم والهوية.
لا قومية مع الطائفية، ولا عروبة مع التبعية لإيران، ولا وحدة مع من قتل أبناء اليمن وشردهم باسم السلالة.
▪︎ أكاديمي يمني














