القبيلة ليست درعًا لمن كسرها: ردّ على حملة سبأ الحوثية
الخميس 20 نوفمبر 2025 - الساعة 11:56 مساءً
حين تتحدث جماعة الحوثي باسم القبيلة، فهي لا تمارس السياسة فقط، بل تمارس أعلى درجات الوقاحة السياسية. كيف لجماعة قضت عشر سنوات في إذلال القبيلة اليمنية، أن تعود اليوم بوجهٍ بارد لتطلق حملة بعنوان: “القبيلة.. درع اليمن وجيشه الشعبي في مواجهة الغزاة”؟
سؤال لا يطرحه الصحفيون فقط، بل كل يمني يعرف حجم الدم الذي سال، وكم شيخ أُهين، وكم بيت قُصف، وكم قبيلة دُمّرت على يد من يدّعون اليوم حمايتها.
الحملة ليست سوى إعادة تدوير لخطاب تعبوي قديم، خطاب فقد مفعوله منذ اللحظة التي بدأت فيها الجماعة تتعامل مع القبيلة كحطب لحروبها، وكخزان بشري يُستدعى وقت القتال ويُهان وقت السلم.
أي قبيلة يقصدون؟
قبيلة حجور التي قُصفت حتى آخر بيت؟
أم قبائل أرحب التي وُصمت بالإرهاب لتبرير الاجتياح؟
أم قبائل تهامة الذين اعدمتم تسعة من ابنائها
ام قبائل سفيان الذين قتلتموهم في السجون تحت الجوع والموت وبعد اعوام ظهر قبحكم
أم قبائل البيضاء التي اتهمتموها بالقاعدة وقدّمتم تقارير للخارج لتسهيل قصفها؟
الوقائع لا تكذب: من رفع سيوفه على القبيلة بالأمس لا يستطيع اليوم أن يتدثر بها. ومن قتل مشايخها ووجهائها وطلابها ومدرسيها، لن يمنحه وسمٌ في منصة رقمية شرعية الحديث باسمها.
ذاكرة القبيلة ليست مثقوبة او ورقة يمكن مسحها. ذاكرة القبيلة دمٌ ووجوه وشواهد لا تُمحى.
لقد انهار خطاب الجماعة تجاه القبيلة منذ لحظة فرض الجبايات والخُمس، ومنذ لحظة سحب السلاح من بيوت المشايخ، ومنذ اقتحام البيوت وتصفية حسابات سياسية على حساب أسماء وعائلات وسمعة اجتماعية عمرها قرون.
كيف تطلبون من القبيلة اليوم القتال إلى جانبكم، وأنتم أول من طعن ظهر القبيلة؟
كيف تطلبون الولاء، وأنتم أول من صادر كرامة رجالها؟
إن الحملة التي أطلقتها وكالة سبأ ليست حبًا في الوطن ولا دفاعًا عن قضايا الأمة. بل هي حملة تعبئة جديدة، محاولة يائسة لحشد دماء جديدة تُساق إلى محرقة جديدة.
المجتمع اليمني أصبح يرى هذه الحملات كما هي:
محاولات لتغطية الفشل، لا لمواجهة “غزاة”.
محاولات لكسب ولاء، لا لحماية قبيلة.
محاولات لاستخراج آخر ما تبقى من طاقة الناس المنهكة.
اليمني اليوم يريد دولة.
يريد سلامًا حقيقيًا.
يريد مواطنة لا يتحكم فيها شيخ سلالة ولا مشرف.
يريد توقف الجبايات والخُمس والدورات الإلزامية واقتحام البيوت قبل الفجر.
يريد أن يعيش، قبل أن تُطلب منه تضحيات جديدة.
أن تتحدث جماعة الحوثي باسم القبيلة اليوم هو إهانة جديدة للقبيلة اليمنية.
إهانة لا تقل قسوة عن الرصاصة، لأنّها محاولة لتزوير ذاكرة مكتوبة بالدم.
وإذا أرادت الجماعة أن تفهم رسالة الناس، فهي واضحة:
من أسقط القبيلة لا يحق له أن يتحدث باسمها.
ومن قتل أبناءها لا يحق له أن يطلب منهم القتال.
ومن أشعل النار لا يحق له أن يرفع شعارات المقاومة.
هذا البلد لم يعد يحتمل المزيد من الوهم.
ولم يعد اليمنيون مخدوعين.
وحان الوقت أن تواجه الجماعة الحقيقة التي تهرب منها:
اليمن يريد دولة لا حملة… وسلامًا لا تعبئة… وكرامة لا جبايات.
















