الإخوان… خطاب القوة عند السيطرة، وخطاب المظلومية عند السقوط
الاربعاء 03 ديسمبر 2025 - الساعة 08:36 مساءً
من يتابع المشهد في حضرموت خلال الأيام الماضية يدرك تمامًا أن ما حدث ليس مجرد تبدّل مواقع أو إعادة انتشار عادية، بل سقوط واضح لنفوذ ظلّ لسنوات يُدار بعقلية الإقصاء والتعالي السياسي، ويُغلف كل ذلك بخطاب ديني انتقائي يُستخدم عند الحاجة ويُسكت عندما يشتد النقد.
عندما كانوا في موقع السيطرة…
خلال فترة تمكّن الإخوان من مفاصل القرار في حضرموت، لم يكن مسموحًا لأحد أن يقترب من مناطق نفوذهم، فضلًا عن مناقشتهم أو مراجعة سياساتهم.
الخلاف معهم كان يُصوَّر خيانة، والاختلاف يُعتبر استهدافًا للدين والوطن، وكل من يطرح سؤالًا بسيطًا كان يُواجه بحملات تشويه منظمة، تُدار من غرف إعلامية تستمد قوتها من سلطة أمر واقع لا تقبل المراجعة.
كانت المواقع تُدار بعقلية “إما معنا أو ضدنا”، وهي العقلية التي أفقدتهم حتى حلفاء الأمس، وخلقت حالة نقمة شعبية تراكمت بصمت، إلى أن جاء يوم الانكشاف.
وحين سقطوا… تغيّر الخطاب فجأة
ما إن بدأت ملامح تراجعهم في حضرموت حتى تبدّل خطابهم 180 درجة.
الذين كانوا بالأمس يرفضون النقاش، صاروا اليوم يرفعون راية حرية التعبير.
والذين كانوا يصادرون رأي المخالف، صاروا يتحدّثون عن “المظلومية” و”الإقصاء” و”الاستهداف”.
الأغرب من ذلك أن خطابهم انتقل فورًا إلى استخدام الآيات واستدعاء المشاعر الدينية، وكأن الهزيمة لا تُفسّر سياسيًا، بل دينيًا… وكأنهم وكلاء لله على الأرض!
ثم جاءت أسطوانة “إنزال علم اليمن” — وهي شماعة جاهزة يستخدمونها كلما ضاقت عليهم الدائرة.
يتناسون أن المشكلة ليست علمًا مرفوعًا أو منزّلًا، بل سلوكًا سياسيًا خلق قطيعة بينهم وبين الناس، وفتح الباب أمام قوى أخرى لكي تفرض حضورها.
المظلومية… الملاذ الأخير
الإخوان بارعون في شيء واحد:
عندما يمسكون السلطة تصير الانتقادات عندهم مؤامرة، وعندما يخسرونها تتحول الهزيمة إلى مظلمة.
لا يعترفون بفشلهم التنظيمي ولا بقناعاتهم الإقصائية، ولا بأن خطابهم الديني لا يمكن أن يستمر كأداة سياسية في زمن تفتحت فيه أعين الناس على النفاق السياسي المغلف بالورع المزيّف.
حضرموت تتحرر… وهم يبحثون عن شماعة
الذي جرى في حضرموت ليس انقلابًا على أحد، بل تصحيح مسار تأخّر كثيرًا.
أبناء المحافظة يريدون دولة تحترمهم، لا جماعة تتعامل معها كغنيمة.
يريدون أمنًا مستقرًا لا يخضع لخطاب تحريضي، ولا لابتزاز سياسي، ولا لولاءات تابعة لمكاتب خارج الحدود.
ومع أول خطوة فعلية لكسر هذا الاحتكار، ظهرت نبرة البكاء السياسي المعتادة:
– “استهداف لهويتنا!”
– “محاربة للمشروع الوطني!”
– “انقلاب على الشرعية!”
– “إنزال العلم!”
لكن الحقيقة أوضح من كل هذا:
سقط نفوذهم لأنهم فشلوا في تقديم نموذج يحترمه الناس… لا أكثر.
ختامًا…
حضرموت اليوم تدخل مرحلة جديدة، لا مكان فيها لابتزاز سياسي أو استثمار ديني.
والإخوان، كما جرت العادة، يسعون لجرّ الناس إلى خطاب العاطفة بدل مواجهة السؤال الحقيقي:
لماذا ينهزم مشروعهم كلما فقد الغطاء والسلاح والتمكين؟
الجواب بسيط:
لأن مشروعًا قائمًا على الإقصاء لا يمكن أن يعيش طويلًا مهما غُلّف بالشعارات.
حضرموت أغلقت هذا الفصل…
والبكائيات الصاعدة اليوم لن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء.














