اليمن… حين يشتد خناق الجوار عليه "والجار يحلف أنه يحبك… وهو يخنقك معيّة!"

السبت 06 ديسمبر 2025 - الساعة 07:43 مساءً

 

مقدمة لا تحتاج إبريق شاي… فقط جرعة أوكسجين...

أيها الجوار الطيب… الطيب جداً… الذي لا ينام إلّا على ضجيج صراعاتنا، ولا يفطر إلّا على أخبار موتنا، ولا يتعشى إلّا على بيانات “القلق العميق”..

إذا قررتم التدخل في اليمن، فاجعلوا تدخلكم مثل بقايا القات في آخر الليل: ثقيل في الرأس… لكن بدون “تخزين” إضافي من الدمار .. فاليمني اليوم لا يحتاج قنابل… بل يحتاج بطارية شاحن، وربطة خبز، وجرعة كرامة..

 

تحليل نفسي: 

شعب بشخصية متعددة… لكنها دائماً ضاحكة ..

اليمني ظاهرة نفسية نادرة في التاريخ:

يضربه الجوع… يبتسم.

يجرحه الخذلان… يضحك.

تنهار الدولة… يقول: “خير يا رجال، ما نقص إلا شوية ديزل”..

هذه ليست قوة شخصية، بل نوع من آلية الدفاع النفسي ضد أخبار الكوارث اليومية.

الشعوب عادة تنهار بعد الحروب… اليمنيون بدأوا الحرب وهم منهارون، لذا لم يعد لديهم ما يخافون خسارته.

 

تحليل اجتماعي: 

مجتمع قبلي لكن مكسور… مدني لكنه مقطوع ..خلقت الجغرافيا مجتمعاً صعباً:

القبيلة أقوى من الدولة، والسلاح أقوى من القانون، والخطاب الطائفي أسرع انتشاراً من الإنترنت. ومع ذلك… 

ما زال المجتمع اليمني يحمل نسيجاً اجتماعياً كان يمكن أن يكون نموذجاً للوحدة الإنسانية لو تُرك يعيش بشروطه الطبيعية، بعيداً عن مختبرات الجوار التي حولته إلى تجربة لمعرفة: كيف يتحول الشعب إلى مليشيا مجانا؟

 

تحليل ثقافي: 

الثقافة اليمنية… من “البن” إلى “البنادق”

الثقافة اليمنية كانت يوماً ما ثقافة البن والدان، واليوم أصبحت ثقافة البنادق والدانات.

اليمني الذي علّم العالم التجارة قبل آلاف السنين، أصبح اليوم يتعلم:

كيف يصنع فيديو تهانٍ لقيادته على “بيك أب” مهترئ، وكيف يكتب تغريدة عن الوطنية وهو بلا جواز سفر.

لقد تحولت الثقافة من فن العود إلى فن الوقود.

 

تحليل سياسي: 

أكثر دولة فيها حكومات… وأقل دولة فيها دولة .. في اليمن، يمكنك أن تجد:

رئيس شرعي في المنفى، رئيس أمر واقع في صنعاء، مجلس قيادي في عدن،مجلس انتقالي في الجنوب،حكومة ظل،وقائد ميداني يعتقد أنه “رئيس دولة مصغرة” في الجبل.

 

السؤال الوحيد الذي لا يستطيع أحد الإجابة عليه:

من يمثل اليمن؟

والجواب الحقيقي: سلاح الجوار يمثل اليمن… واليمنيون يمثلون جمهوراً في مدرج الألم.

 

تحليل اقتصادي: 

دولة بلا اقتصاد… واقتصاد بلا دولة.

اليمن اليوم أفقر دولة بأغنى موقع.

بحار، موانئ، نفط، غاز، تاريخ، موقع استراتيجي… ولا شيء يعمل.

الناس يتاجرون بالموت، لأن الفرقة العسكرية أصبحت أكثر ربحاً من الشركة التجارية.

العملة تنهار، والوظيفة حلم، والراتب أسطورة، والخبز معركة، والكهرباء وهم موسمي.

 

اقتصاد اليمن الآن هو اقتصاد الحوالات:

من المغترب إلى العائلة، ومن الجار إلى الوكيل، ومن الوكيل إلى المليشيا، ومن المليشيا إلى سلاح جديد…

وهكذا تستمر الدورة الاقتصادية… أو لنقل الدورة الدموية للسلاح.

 

تحليل عسكري: 

جيش بلا ذخيرة… ومليشيات بلا نهاية

الجيوش تصنع لحماية الأوطان، في اليمن صنعت لحماية الحدود التي رسمها الجوار.

القوات اليمنية قاتلت سنوات… ثم اكتشفت أن المعركة ليست لتحرير صنعاء… بل لتوزيع النفوذ على خريطة اليمن.

السلاح ليس مشكلة… المشكلة من يمسك الزناد ولأي مشروع؟

والنتيجة:

جيش بلا دولة، دولة بلا قرار، قرار بلا سيادة، وسيادة بلا حدود.

 

تحليل دبلوماسي: 

دبلوماسية القلق… ودبلوماسية التخدير

الدبلوماسية اليمنية اليوم تشبه حسابات تويتر الرسمية للدول:

كلها “قلق”، “إدانة”، “متابعة”، “اهتمام”.

الحقيقة أن الدبلوماسية لم تعد قراراً يمنياً، بل جغرافيا تمشي على قدمين.

أي خطوة داخل اليمن لها ارتداد في الجوار:

تغير محافظ… تتحرك جيوش.

تعيين وزير… يتحرك المال.

إقالة مسؤول… تتحرك الوساطات.

ببساطة… اليمن ليس دولة مستقلة، بل مساحة اختبار للتاريخ الحديث.

 

سخرية الواقع: الحب من الوريد إلى الوريد

لم يشهد التاريخ علاقة جار وجاره بهذا الشكل:

يقول الجوار: “نحن نحب اليمن”.

لكنهم يحبونه كحقل نفطي محاصر،

ويخافونه ككتاب تاريخ طويل،

ويحتاجونه كساحة معركة بعيدة عن عواصمهم.

أقسى أنواع الحب، الحب الذي يأتيك بالدبابات.

 

رؤية للخروج من الدمار… بدون شعر وخطابات

أولاً: داخلياً :

1. اتفاق تاريخي يمني-يمني بدون وساطات إقليمية.

2. تفكيك الاقتصاد العسكري وإعادة بناء الاقتصاد المدني.

3. دمج السلاح في الدولة لا دمج الدولة في السلاح.

4. انتقال سياسي واضح يحدد من يحكم وكيف ولماذا.

5. استعادة المجتمع من يد الأيديولوجيا لصالح الدولة.

 

ثانياً: خارجياً:

1. الجوار يتعامل مع اليمن كدولة لا كولاية خلف الحدود.

2. وقف المشاريع المتضاربة داخل اليمن.

3. دعم التنمية لا الدعم العسكري.

4. احترام القرار اليمني والاعتراف بتكلفته.

 

خاتمة… تشبه صرخة ..

الشعوب لا تموت… لكن العلاقات بين الجيران يمكن أن تموت إذا تحول الحُب إلى خنق.

اليمن اليوم لا يطلب صدقات سياسية، بل يطلب فرصة واحدة فقط للقيام.

إن توفرت إرادة السلام… سينهض.

وإن توقفت شهية التدخل… سيتنفس.

أما إن بقي الجوار يضغط على عنق اليمن باسم الأخوة، فسيُكتب في التاريخ:

أقسى أنواع الإخوة… تلك التي دفنت أخاها حيّاً.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس