من يصحح المسار أولاً الشعب أم الانتهازيون..

الثلاثاء 09 ديسمبر 2025 - الساعة 12:07 صباحاً

 

منذ حرب صيف 1994م بدأت ملامح تحوّلات عميقة في بنية الدولة اليمنية تتضح حين جرى تفريغ مفهوم الوحدة اليمنية من محتواها الوطني وتحويله إلى شبكة واسعة من الامتيازات والمنافع التي توزعت في دوائر الرئيس علي عبدالله صالح ومراكز النفوذ المحيطة به حتّى التجربة الديمقراطية التي يفترض أن تكون بوابة لمشاركة سياسية حقيقية تخرج الأحزاب من جغرافيا الخوف والاضطهاد تحولت تدريجيًا إلى وسيلة لتوزيع الوظائف والمكاسب على بعض القيادات الحزبية بدل أن تكون أداة لإنتاج سلطة رشيدة.

 

ثم جاء الربيع العربي، فكانت لحظة فارقة قدم فيها الشعب اليمني أحد أنبل نماذج التضحية والانضباط الثوري خرج الناس مطالبين بدولة مدنية تعيد التوازن الاجتماعي والتوزيع العادل للثروة لكن تلك اللحظة سرعان ما اختطفت أيضا بدل أن تترجم تضحيات الشباب إلى مشروع وطني جامع تحولت السلطة الجديدة إلى مساحة لتقاسم المنافع بين نخبة سياسية أعادت إنتاج الفساد نفسه الذي ثار الناس ضده.

 

وحين دخل الحوثيون صنعاء واحتلوا مؤسسات الدولة كانت الضربة الأعمق لمشروع الوعي الجديد الذي بدأ يتشكل بايمان اليمنيين بمبدأ التداول السلمي للسلطة بعد عقود من العنف السياسي ورغم الصدمة احتشد الشعب مجددا حول الشرعية أملاً في استعادة الدولة لكن الشرعية نفسها جرى تفريغها من مضمونها. تحولت إلى غلاف بلا سلطة، وإلى مؤسسة منهكة يديرها سياسيون هربوا من المعركة وتركوا شعبهم تحت نيران الحرب بينما هم انشغلوا في الخارج ببناء شبكة مصالح جديدة وظائف وامتيازات ولجان ورواتب وكان الحرب مجرد فرصة أخرى للنهب.

 

السؤال المحوري اليوم إلى متى سيقدم الشعب تضحياته ليحولها الفاسدون إلى مكاسب شخصية؟

 

من الذي سيعود إلى رشده أولا الشعب الذي يقدم دماثم يصمت أم الانتهازيون الذين يجيدون ركوب كل موجة تاريخية..

 

اليمن اليوم لا يفتقر إلى الشجاعة ولا إلى القدرة على النهوض ما يحتاجه هو ارادة سياسية وطنية تعيد الاعتبار للدولة وتحترم تضحيات الناس وتضع حدا لدوامة تحويل كل حدث تاريخي إلى صفقةوكل لحظة أمل إلى غنيمة..

وإلى أن يحدث ذلك سيظل السؤال معلقًا

هل يتوقف الشعب عن منح ثقته لمن يخونه أم يتوقف الانتهازيون عن سرقة تضحياته

التاريخ يقول إن الشعوب لا تهزم لكنها تتاخر حين تسلّم مصيرها لمن لا يؤتمن عليها

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس