تجمع الإصلاح: النجاحات والإخفاقات
الاربعاء 10 ديسمبر 2025 - الساعة 10:13 مساءً
إن المتتبع الحصيف لنشأة التجمع اليمني للإصلاح في العام 1990م ككيان سياسي، سبقه قبل ذلك عمل شبه سرّي لجماعة الإخوان المسلمين، يجد أن تاريخه ونزعته للسلطة جعلته يسلك طريقًا غير سوي في جعل بحور الدم هي البساط الأحمر الذي يرتفع به على كراسي الحكم والتسلّط. ولم تكن مرحلة الاغتيالات للكوادر الجنوبية التي قام بها بعد العام 90م، وسلسال الدم الذي تُوّج في العام 94م بفتاواه الشهيرة بتحليل دماء الجنوبيين: نساءً وأطفالًا وشيوخًا، هي البداية، بل سبق ذلك الكثير من بحور الدم التي أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك دموية هذا التنظيم قبل 90م ولابعده. وكانت أحداث الثمانينات في الانتهاكات التي تزعمها الإخوان في المناطق الوسطى تحت مبرر الوقوف ضد المدّ الشيوعي، والتي تم فيها سفك دماء أبناء تلك المناطق بدون أي وازع ديني أو أخلاقي، خير دليل على ذلك، وكذلك جريمة إحراق قرى بأكملها مع ساكنيها، وقرى بيت الوجرة مثال بسيط على ذلك، يؤكّد أن مسيرة هذا الحزب إن لم تُروَ بالدماء والأشلاء فلن ترى طريقها إلى الوجود.
ومع كل ما سبق، دعونا نترك الماضي ونتفحّص الوضع الحالي لهذا التجمع ونرى ما هي النجاحات والإخفاقات التي رافقته حتى هذه اللحظة لننصفه ونضع النقاط على الحروف، ولنتصف بالعدل ولنبدأ بنجاحاته.
استطاع التجمع خلال هذه الفترة، ولا أحد يستطيع إنكار نجاحه المبهر، في بناء إمبراطورية مالية ضخمة تمتلك الكثير من العقارات والشركات الكبرى الموزعة في كثير من الدول، أهمها تركيا وأمريكا وهولندا، مع سلسلة مطاعم ومزارع في إثيوبيا وجيبوتي ودول شتّى، ابتدأها من خلال جمع التبرعات لصالح قضايا إسلامية عديدة منها البوسنة والهرسك والشيشان وأفغانستان والقضية الإسلامية والعربية الأولى فلسطين، وكانت المساجد هي الشركات التي من خلالها تمت هذه الأعمال الربحية “المشروعة” في فكر هذا التنظيم.
تلا ذلك المساهمات الوهمية في شركات ومصالح اقتصادية أخرى كبنك الاعتماد وشركة الأسماك والأحياء البحرية، التي كان لها الفضل – بحسب توصيفهم – في تحرير كثير من نساء اليمن من اكتناز الذهب “المحرّم شرعًا” والتحلل منه، وهذا ما اعتق كثيرًا من رقاب اليمنيات من النار وضَمِن لهن “الجنة”.
ومن الموارد المهمة أيضًا لهذه الإمبراطورية المالية الضخمة أموال التحالف بعد العام 2015م والتي تم توريدها وبشكل منتظم إلى تركيا وقطر والقاهرة لِتُري العالم مدى “الازدهار التنموي” لليمنيين، وكيف أن وجودهم يزيد من الاستثمارات في تلك الدول.
استطاع أيضًا أن ينجح في إنشاء جيل “مسلم” -بحسب توصيفهم- غير مسالم لغير التنظيم، لا يرده رادع عن تنفيذ العمليات المكلّف بها سواء كانت قتالية أو انتحارية، وهذا ما تم في كثير من الاغتيالات اللاحقة ومنها اغتيال القائد الشهيد جواس، أو حتى إعلامية وهنا بيت القصيد.
فالحزب يمتلك منظومة إعلامية ضخمة، سواء بالقنوات الإعلامية المعروفة للجميع، أو بالسطو أيضًا على قنوات أخرى كالقناة اليمنية الأولى أو غيرها، كما يمتلك أعدادًا كبيرة من المواقع ومشاريع مهولة من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، يميز كل هؤلاء الانحلال الأخلاقي والقيمي، وهي نتيجة متوقعة لما عانوه في بدايات حياتهم، منها مثلًا “المبيت الليلي” وما آل إليه حال بعضهم، والتهديد الذي يمارس ضدهم بعد ذلك. رافق هذا تفننهم في الكذب والتدليس وإطلاق الشائعات وتفانيهم في تبرير جرائم حزبهم والسب والشتم لكل من عارض توجه التنظيم أو كشف جرائمه.
أما الإخفاقات، فقد أخفق هذا التنظيم في:
1. أن يكتسب حب أبناء اليمن، بل على العكس، فكل طوائف ومواطني اليمن، وحتى الكثير من أعضائه المهددين، يكنّون له الكره والاحتقار وتمنّي الزوال.
2. أن يخرج من نظام إدارة الجمعيات إلى إدارة الدولة، وهذا جعله عارًا أمام كل اليمنيين دون استثناء.
3. أن يتجاوز القتل في العمل السياسي إلى مرحلة السلام والعمل المدني.
4. لم يستطع التجمع تجاوز كونه تنظيمًا ارهابيا حتى اللحظه














