عفواً أقصد أن أكتب (آلاء)

الاثنين 10 ديسمبر 2018 - الساعة 06:43 صباحاً

 

 

هذه صورتها ، ظلها الذي تبقى ليحفر في قلوبنا وجع غروب روحها ، ومرة أخرى تغرب روح الطفولة دون أن يلتفت إليها الكثيرين في زحمة الحرب ..
لكن اسمها ينضم لقائمة طويلة من الأطفال الذين دفعوا ثمنها ، ثمن حرب اللصوص وأمراء الجماعات وتجار الحروب ، وبكل قسوة كائنات الحرب أضافوا الآلاف لقائمة الخسارة ..
فريد
ياسمين
آلاء
آيات
أحمد
أسنات
ذكرى
طلال
هالة
فاطمة

اقتطافة من القائمة المنظورة للأطفال الضحايا ، ضحايا الوجه الموحش لأيامنا القاحلات ، جرب الأطفال طيلة الحرب كيف يصبحون أهدافاً للموت ، للاغتصاب ، للجريمة ، للجوع ، للعطش ، للمعاناة ، للتفكك ، للغدر ، للقذائف ، للصواريخ ، للقنص ، للألغام .. وتطول قائمة أسباب وأدوات وأساليب الموت، التي لا يوازيها في استطالتها إلا قائمة الأطفال أنفسهم كضحايا.
من جرب أن يجد طفلهُ (جثة) مضافة لتركة الحرب هو من سيتذوق طعم هذه الأحرف القليلة ، من عاش اللحظة التي يحتضن فيها طفله بارداً ، هامداً ، تسربت الحياة منها لأسباب لا تنقطع ولا يكفُ رجال الظلمة والليل عن ابتكارها وحده من سيتعرف على لون الأسية في هذه المرثية.

لم تفارق (لا تقبروناش) ذهني ولو لوهلة منذ اختطف الموت يمننا الصغير الذي عرفناه باسمه المجرد (فريد) ، ومثلها تجددت ذاكرة الموت مع براءة (فاطمة) وهي تسأل المصور (ليش تصورني؟ أيش فيبي؟ اتعورتُ برصاصة؟ قل والله !!)، تصبح الطفولة هنا لقمة سائغة لوحشية الإنسان الذي فقد بوصلته ، صار يطلق قبحه على الجميع ، معلناً كل ما يطاله كضحية، لا تنقطع الأيام إلا وتأتينا برواية رمادية عن طفولة أخرى هزمتها الحرب ، أو هزمها الإنسان الذي استوحش - لاستطالتها - الحياة وما يتعلق بها.

ما هي الروح التي يتدثر بها ذلك الغول وهو يفقد كل قدرته على التمييز بين الضوء والظلمة وبين الأمل والانهزام ، والحياة والموت ؟
الأصابع التي اقتطفت أرواح الأطفال أو سعادتهم هي بحاجة للبتر لكي يستمر الأمل ، والأمل هو الفكرة الوحيدة التي يمكن لنا أن نعلق عليها كل خساراتنا ، لنبقى على انتظار انكسار شوكة هذه الحرب الموجعة.
حين انهزمت الحياة بجسد الطفلة (آلاء) مرمية على (ضاحة) انقطعت لغة الألفة ، وانصهرنا في الخوف أكثر ، صار العالم كله عدواً إضافياً لـِ (آلاء)ـنا.
من يحسب الموت بالدمع ؟ لقد فاض الموت حتى استحالت الحياة لبكائية طويلة.
من يحسب الموت بالخوف ؟ لقد اقترنت بنا المخاوف حتى صار ظلنا ألد عدوٍ لنا.
من يحسب الموت بالأسية ؟ لقد اشتعلنا أسياتٍ وحسرة.
من يحسب الموت بالحرب ؟ لقد تناسلت الهزيمة حتى استفاقت فينا كـ قبر.

على الأقل ..
كان يمكننا أن نعزل (آلاء) ومن سبقوها عن هواجسنا القبيحة ، ونمنعهم عن جبهات جرائمنا ، كان يمكننا أن نتركهم يقومون بوظيفة البهجة دون أن نقاطع طقوسهم في تجاهل جرائمنا المتكررة بحق الحياة وبحقهم ، على الأقل كان يمكننا أن نحتفظ بأيقونات وجوههم البرئية لتذكرنا بأن نتعجل للخلوص من الحرب / وليمة الموت ، ونفتح نوافذنا لغدٍ ماثل على انتظار أمامنا.

هذا وجه ( آلاء ) حينما كانت ابتسامتها آخر نافذة يمكن لنا أن نفتحها صوب الغد المأمول.

،،،
،،
،
.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس