رحلة اكاديمي علي قارعة طريق الحالمة التائه
الخميس 24 يناير 2019 - الساعة 07:09 مساءً
د. منصور القدسي
مقالات للكاتب
غادرت منزلي وانا مهموما بموعد ايجار البيت الجديد الذي نقلت اليه وملزم بسداده اليوم، ولم يحالفني الحظ بتوطيد علاقتي مع مالكه بالصبر لحين صرف راتبنا اليتيم الغير منتظم الصرف ،ومحرج منه لان الرجل فضلني علي علي غيري باعتباري استاذ جامعي متوهما اني اعيش في وضع مختلف عما يعيشه بقية الموظفين ..
حاولت عبثا بالشارع استمد قوتي وانا اترقب حيوية البشر بشوارع الحالمة تعز ، رغم مايتعرضون له من حصار خانق من قبل ذئاب المليشيا باطراف المدينة وعويلهم الذي يزعجهم بصوت مقذوفاته ليخطف ارواح الابرياء ليل نهار ، اضافة لفوضي السلاح المفتعلة في اوساطهم من قبل ديوك المقاومة ، وبينما كنت اسير منهكا بالشارع قطع تفكيري صوت احد طلابي بقسم الفنون الاذاعية والتلفزيونية بجامعة الحديدة تاركا الموتور الذي كان يستقله ونزل يسلم علي بحرارة ،ويخبرني انه يشتغل بمنظمة ويعرض علي خدماته واخذ رقم هاتفي لنجتمع بمعية زملائه النازحين بالمدينة المنكوبة ، تعانقنا وافترقنا كلا باتجاه ، دخلت الشارع المزدحم بضجيج السيارات والبشر وانا تائه بين ذكريات الزمن الجميل بكلية الفنون الجميلة وحالنا البائس بسبب هذه الحرب المجنونة ، استوقفتني سيارة برادو وبداخلها فتاة تناديني وتوشر الي ، ذهبت فوجدتها احدي طالباتي بالحديدة ونازحة الي تعز بسبب الحرب ، حدثين جعلني استعيد صوابي وكبريائي كاستاذ جامعي ، اتذكر نصائحي لهم بعدم الانكسار امام العواصف واحترام شرف المهنة الاعلامية التي يتعلموها ، تدكرت بداية خلافي مع عيال المليشيا عندما رفضت توجيهاتهم بتوجيه طلابي للذهاب لتصوير انشطتهم الطايفية بالجامعة ، وقدمت استقالتي من رئاسة القسم بسبب ذلك، تذكرت كلمتي الارتجالية بحفل تخرجهم كاخر وصية لهم وانا احدثهم بصفتي النقابية عن اسباب الاضراب وان قيادة الجامعة تتحمل مسىئولية الاضراب لرفضها منح المدرس 50الف ريال بدل مواصلات من رسومهم الدراسية والمقدرة وقتها بما يقرب من ثلاثماية مليون ، والتاكيد ان التحريض ضدنا بالعمالة للعدوان الخارجي اسطوانة مشروخة تستخدمها العصابة الثورية لتعتدي علي رسومكم وتنهب ملايين الريالات شهريا لها وتشتري السيارات الفارهة وتزايد علينا بالوطنية الزايفة بلا حيا او خجل ، واعلنت لهم حينها اننا سنكسر الاضراب وسنعود لتدريسكم بشرط ان يتم اعفاءكم من الرسوم ، تقديرا لظرفكم المعيشي القاهر ، وراهنت علي عدم حضور لصوص العدوان الداخلي الجامعة بعد ذلك ، هاجت القاعة بالتصفيق وصعد الخريجين يخلعون عقود الفل من اعناقهم ليغمروني بها حد دمعت عيناي ، عند نزولي من المنصة وهم يتسابقون لعناقي ، انتهي الحفل وطلابي بحالة قلق وتوجس حول مصيري بعد ملاحظتهم غضب عيال المليشيا بالقاعة وابلاغهم لي ان بعضهم تواصل مع قيادة العصابة الثورية بالجامعة والتي بدورها شكلت لجنة للتحقيق ومجلس تاديب ضدي ، لرفضي قلة الادب التي تمارسها داخل الجامعة ، تواصل معي بعض الزملاء يلومني عما حصل ، كما وتواصل معي بعض الطلاب عن اخذ كاميراتهم وحذف فيديو الكلمة ، بادر الخيرين بالضغط علي والتنسيق لترحيلي واسرتي في اليوم الثاني ، بعد تاكدهم تحريض العصابة لمسلحي المليشيا بضرورة اعتقالي ، غادرت السكن الجامعي ليلا الي الحالمة تعز ....لنبدا رحلة الشتات والتشرد في هذا المعتقل الكبير .
وانا اسير بالشارع واثق الخطوة يمشي ملكا وسط اول مدينة قاومت المليشيا ، لاحظت مقر احد الاحزاب ، فتدكرت عبث عيال الاحزاب داخل الحكومة الشرعية بعدن ، تذكرت الامتيازات التي يحصلو عليها دون وجه حق ، والشعب الذي يزايدون باسمه يتضور جوعا ووجعا ، تذكرت مسكني الذي نهبه عيال المليشيا بالحديدة ، وتذكرت لوبي الفساد بالشرعية الذي حرمني من بدل السكن كحق مشروع بسبب انتقادي لفسادهم واعتباره والانقلاب وجهان لعملة اجرامية واحدة ، تدكرت مايصرفه هذا اللوبي اللعين من بدلات بالمخالفة لعيال الاحزاب ( ايجار وسكن ونفاق وطبال) ،
تذكرت اني تجاوزت مكان محل التاجر الذي كنت ذاهب اليه لاقترض ايجار البيت، عدت مهرولا اليه قبل ان يغلق محله وقت الظهيرة ،واخذت منه المبلغ وعدت اواصل رحلة الانكسار والتيه الاكاديمي مجددا بحثا عن وطن خال من جرم المليشيا وفساد عيال الاحزاب ...
2019/ 23/01