قضية سعد الجبري ... فصل من فصول المواجهة بين الاخوان وبن سلمان ساحتها اليمن

السبت 08 أغسطس 2020 - الساعة 09:54 مساءً
المصدر : المحرر السياسي

 


تصاعدت بشكل لافت مؤخرا قضية ضابط الاستخبارات السعودي الفار سعد الجبري بعد قيامه برفع دعوة قضائية ضد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يتهمه بمحاولة اغتياله.

 

وقبل الخوض في التداعيات الأخيرة للقضية ، لابد من الإشارة الى ان قضية الجبري تعد صورة تعكس النفوذ الذي كان تحظى به جماعة الاخوان المسلمين داخل مؤسسة الحكم في السعودية ، والذي يسعى محمد بن سلمان الى القضاء عليه منذ تولي والده حكم البلاد عام 2015م.

 

نفوذ حازت عليه جماعة الاخوان عبر عدد من عناصرها المندسين داخل مؤسسة الحكم ، ومثل سعد الجبري ابرزهم ولعب دور كبيرا في التأثير على القرار السعودي وحماية نشاط الجماعة داخل المملكة.

 

الجبري الذي يحمل رتبة لواء ظل لسنوات الذراع اليمنى للأمير محمد بن نايف ولي العهد وزير الداخلية السابق والذي كان يعد الرجل الأقوى داخل السعودية لسنوات طويلة ، وعرف بتعاطفه مع فكر الاخوان.

 

لكن ذلك تغير بشكل جذري مع تولي سلمان بن عبدالعزيز الحكم في السعودية ، بدأت الأمور تتجه في البلاد الى التغيير الشامل داخليا وخارجيا ، والتخلص من سطوة الجماعات الدينية وتأثيرها على الحكم وعلى رأسهم جماعة الاخوان المسلمين.

 

تغيير يقوده بقوة نجل الملك وولي العهد الحالي محمد بن سلمان ، الذي صرح بشكل واضح في حوار له على المعركة ضد فكر الاخوان بل واجتثاثه من المناهج الدراسية.

 

لذا كان من الطبيعي ان يصبح سعد الجبري أحد ضحايا هذه المعركة بالإضافة الى ولي العهد محمد بن نائف الذي أصبح وليا للعهد عام 2015م ، بعدها بأشهر تمت الإطاحة بالجبري من منصبه كوزير دولة وعضو في مجلس الشؤون السياسية والأمنية.

 

وحسب تقارير غربية فقد جاءت إقالة الجبري بعد لقائه بمدير المخابرات المركزية الأمريكية حينذاك جون برينان في واشنطن دون معرفة محمد بن سلمان ، وفوجئ الجبري ورئيسه السابق محمد بن نايف أواخر عام 2015 بإعلان التلفزيون السعودي خبر إقالته من وظيفته.

 

وبعد عودته صدر قرار بإقالته عبر مرسوم ملكي وبعدها سافر مع معظم أفراد أسرته عبر ألمانيا الى الولايات المتحدة وانتقل للإقامة في كندا.

 

وبعد الإطاحة بنايف وحجز أرصدته ووضعه رهن الاقامة الجبرية عام 2017 خشي الجبري أن يلقى نفس المصير ففضل البقاء في الخارج ولم يعد إلى السعودية أبداً.

 

الخطير في الدور الذي لعبة الجبري في قربه من ولي العهد السابق، هو تحوله الى حلقة الربط بين الاستخبارات السعودية وأجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والكندية والاسترالية والنيوزيلاندية وغيرها.

 

لذا تحول الرجل الى ما يشبه بصندوق أسود للأسرار والمعلومات الأمنية، وبخاصة ما يتعلق باليمن بحكم إشراف بن نايف لسنوات على عمل اللجنة الخاصة التي كانت مكلفة بالتعامل مع مجريات الأمور في اليمن.

 

ملف اليمن كان اول صدام بين الجبري وبين ولي العهد الحالي محمد بن سلمان ووزير الدفاع ، حيث مثلت عاصفة الحزم سحب للملف من بين يد الجبري وبن نائف أي من الجانب الأمني الى الجانب العسكري وبات فيها محمد بن سلمان متحكما بالملف اليمني.

 

هذا الخلاف يقر به الجبري ويزعم بأن رفضه لحرب اليمن هو أحد الأسباب التي تدفع ولي العهد محمد بن سلمان لاغتياله ، رغم انه – أي الجبري- سبق له كتابة عدد من المقالات في الصحف الغربية يشيد بها بعاصفة الحزم ويعتبرها اهم قرار عربي اتخذ في السنوات الأخيرة.

 

ومن اللافت الإشارة الى انه وفي خضم التفاعل مع قضية الجبري ، نشر موقع قناة الجزيرة القطرية تقريرا كشف فيه بأنه اطلع على 162 صفحة من الوثائق السعودية السرية التي تكشف عن معلومات مهمة بشأن طريقة إدارة النظام السعودي ملف اليمن منذ انطلاق الثورة الشبابية عام 2011.

 

ورغم العدد الذي ذكرته من الوثائق الا ان الموقع لم ينشر سوى ثلاث وثائق فقط ، مكتفيا فقط بالحديث عن مضمون عام لأهم ما تضمنته الوثائق.

 

اللافت ان احدى الوثائق التي نشرت كانت صادرة عن اللجنة الخاصة ومرفوعة الى مساعد وزير الداخلية السعودي ، وهو ما يشير الى ان مصدر هذه التسريبات هو سعد الجبري الذي هدد بنشر ما لديه من معلومات واسرار ، وبالطبع فأغلبها يتعلق في اليمن بحكم اطلاعه على عمل اللجنة الخاصة عبر عمله الى جوار محمد بن نائف .

 

وهو ما يمكن القول بان ما حصلت عليه قناة الجزيرة هو رسالة تحذير من قبل الجبري لوقف ملاحقته من قبل النظام السعودي عبر الانتربول ، حيث يتهم الجبري بالعبث بنحو 11 مليار دولار خصصت لصندوق مكافحة الإرهاب الذي تولى إدارته لسنوات ، وهي القضية الحقيقية والتي يلاحق بها رسميا من قبل النظام السعودي.

 

ما يمكن الإشارة اليه الى ان هذا السلاح الذي يلوح به الجبري ضرره اكبر من نفعه عليه وعلى جماعته " الاخوان المسلمين " ، وخاصة ما يتعلق بالملف اليمن وإدارته عبر اللجنة الخاصة لعقود طويلة.

 

فكشف اسرار اللجنة لا يعني سوى فضح لرموز الاخوان في اليمن ، فقد كان جل عملها يمر عبرهم وكذلك الأموال التي تصرف من قبل اللجنة وبالملايين لرموز الاخوان من السياسيين والقادة العسكريين ومشائخ القبائل والصحفيين وبخاصة في الشمال.

 

وبدا ذلك بوضوح من خلال الوثائق التي أدعت قناة الجزيرة الحصول عليها ، حيث تتمكن من تناول ونشر سوى ثلاث وثائق فقط والتي تتحدث عن التعامل مع الجنوب ومع الحوثيين.

 

ان قضية الجبري لا تزيد عن كونها صورة مصغرة للابتزاز المالي والسياسي الذي يمارسه التنظيم الدولي للإخوان ضد القيادة السعودية واجبارها على عدم الوقوف ضد مخططاتها في العالم العربي.

 

 

 

 

 

 

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس