كتبت عن تعز كمواطن و ليس ككاتب
الاثنين 10 ابريل 2017 - الساعة 06:16 صباحاً
زرتُ مدينة تعز 2012 و ذهبت إلى الباب الكبير، و رأيت الهوية التعزيه بحضن امرأة بالزي التعزي، كانت تقعد هناك بجوار الباب الكبير، كانت تحمل باقات من المشاقر والورد الصبري، كنت حينها اتمني لو كنت رساماً لأرسم مثل هذه الملامح حتى لا تزول من ذاكرتي..
قبل شهر من هذا العام هربت من جماعة الحوثي من صنعاء إلى تعز رأيتُ فيها مناطق التماس، والحماية و اﻹستعداد لأي تسلل من جماعة الحوثي، والأجمل أني رأيت في عيون المواطنيين مشروع واحد، والحديث عن التصدي للحوثيين ومشروعهم الوهمي الذي لايستطيعون أن يفرضونه على أهل المدينه، استمعت لحديثهم وانتقادهم الأنيق لجميع الأطراف والجماعات المسيطره على وسط المدينه...
ذهبت أتجول في الباب الكبير، تخيلت بأني ساجده كما كان، وسأجد المرأة التي مازلت محتفظاً بملامحها من الأعوام السابقه ورائحة مشقُرها، الذي يجعلك تصلي على النبي اكثر من الجزار حين يقطع اللحم، تغير فيها كل شيء لا مشاقر ولا جبن ولا فطائر العجوز لم تعد تملك الرغبه بأن تذهب إلى هذا المكان، وحين سألت إحدى القاعدات عن مكان النساء اللاتي يبعن المشاقر.. ابتسمت وقالت: التنظيم ماخلي لنا حالنا يا ابني، وتشير بأصبعها الى احدى المحلات المكدسه بالسلاح، تقربت منها لتحدثني أكثر لعلى النساء لا يعملن في السلك الأمني في المناطق التي لا نعرفها او نكون غرباء فيها.
قالت: و بني التنظيم يقص المسمار ما احد يقدر يعمل حاجه هنا ، قم امشي لك شوف كيف الأمير واصحابه كدسوا السلاح بالمحلات التجارية لو راحوا يحاربوا الحوثي بإطراف المدينه انه قد تعز انتصرت من زمان، وبعدين يا ابني مش ابو العباس وحده، كتائب حسم و المقاومه كل واحد مسك له مؤسسه تابعه للدوله وعملها مخزن اسلحه داخل المدينه، هيا شوف وابني قدامك يتجولوا بالأطقم العسكرية.
من حديث المرأة دوت كلمة الأمير داخل رأسي ، و كيف اصبح الباب الكبير عبارة عن إمارة، رأيت أحلامي تتساقط كحبات المسبحه، عدت خائباً الى الفندق لأتصل بخطيبتي وارفع صوتي عليها ما الذي يحدث في تعز، هل هذه حقيقه ان الجماعات الإرهابية التي كنا نخاف منها دخلت وسط المدينه، ردت عليا مالكش دخل بالناس قم سافر وبعدين سهل.
اتجهت إلى احدى المقاهي لأجد الحديث يدور عن التجنيد وعن الكشوفات التي سملت الى المعنيين في كل حارة، عندها عرفت انهم استطاعوا ان يعلنوا دولة القبيلة والجهل في مدينة تعز عبر هذه الكشوفات والأعداد التي لا نتخيلها للتجنيد في الجيش.
اتجهت نحو شارع 26 وجدت الشارع شبه خالي، رغم ان هذا الشارع مشهور بازدحامه وخاصة من قبل النساء، رأيت لوحات المحلات التجارية التي تضع اعلان لإحدى الفساتين النسائية او الملابس النسائية قد وضعت عليها لواصق، وعارضات الأزياء البلاستيكه التي توضع في أبواب المحلات وضعت على أعينها وشفاهها لاصق أبيض. احدث نفسي ماذا لو جاءت صحيفه عالمية تابعه لقناة مشهوره او صحفي اجنبي والتقط مثل هذه الصور لا يمكن أن ننكر أن هناك جماعات ارهابيه وسط المدينه، قد يقول قائل كيف عرفت بأنهم جماعات إرهابيه، تعرف الهويه من القميص للركب والبنطلون والقعشه و التصرفات الدخيله على تعز عاصمة الثقافه.
اتجهت إلى مؤسسة السعيد رأيت فيها دمار الجهل وكيف فكروا بأن يضربوا مثل هذه المؤسسه الثقافيه التي كانت تمثل ثقافة تعز بأكملها، رأيت فيها دمار ومعسكر لكتائب حسم، وحين أردت ان اخرج تلفوني لألتقاط صورة للمؤسسه، حدثني احد المارة قم امشي لك من هنا، الخبره بيضربوا بك داخل والله ما احد بيعرف وينك، تركت هناك تنهيدتين ، تنهيدة على مؤسسة السعيد وتنهيدة على أول لقاء كان بيني وبين حبيبتي.