اليمن .... سنوات عجاف
الاربعاء 24 ابريل 2019 - الساعة 03:59 صباحاً
أحمد حميد الشامي
مقالات للكاتب
بعد مرور اربع سنوات للحرب والدخول في السنة الخامسة ، قد نسميها بالسنوات العجاف لا يمكن حساب رصيدها بمنطق الموازين السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، سنوات عصفت باليمن وكيانه السياسي وساهمت في تفكيك وحدة شعبة ومزقت النسيج الاجتماعي وأدخلت اليمن في دوامة الفوضى والصراع الداخلي وفي عجز دائم عن مواجهة تحديات التنمية والتطور ، من دون أن تفتح طريقا للخلاص من الجحيم الذي سببة ذلك الانقلاب التي قامت به مليشيات الحوثي على الدولة ، سنوات كفعل الزلزال أدخلت اليمن في دوامة من الصراع الإقليمي المتعدد الأوجة أيضا ، من اجل وتلك الاطماع الخارجية لبعض الدول ، ادات إلى إغراق كيانه الوطني في حزمة من المشاكل في شتى الميادين ، والى خلق واقع شديد التعقيد يصعب إدراك عمق هاويته ، كل ذلك كان ولا يزال يعوم على بحر من الدماء والدمار وغياب الإرادة وغموض الحاضر والمستقبل .
سنوات لايمكن حساب تفاصيلها وتعدد دلالاتها بالأرقام ، فقد تحول اليمن في ظل الانقلاب إلى رقم مجهول الهوية والمعالم ، بل اصبحت تتموضع في حالة " دولة فاشلة " في معايير الأمم المتحدة ، ومتقدمة في الدول الاكثر فسادا في العالم ، وبسجل مفجع للعنف لا يمكن التعبير عنه إلا بوصفة بلد الموت والأوبئة، فمن لم يمت برصاص الحرب مات بتلك الامراض المنتشرة ومنها الكوليرا وحمى الضنك، الى جانب غياب وتدهور الخدمات الأساسية للمواطنين وفي المقدمة منها خدمات الصحة والتعليم والكهرباء ... الخ .
سنوات من الحرب ولم تحسم المعارك ضد مليشيات الحوثي الانقلابية ، ليس من ضعف دول التحالف ولا من قوة جماعة الحوثي ، بل لوجود مآرب أخرى لقوات التحالف ، من اجل التمكن من حكم السيطرة والهيمنة على اليمن ، فقد اقدمت قوات التحالف على تجنيد قوى مناطقية بلا عقيدة قتالية ، وفرضت على اليمن واقع مشوهة المعالم وملغم بعناصر التفجر لمقومات النسيج الوطني ، وليؤسس لتناقضات وتعقيدات داخل بنية الدولة والمجتمع اليمني وليساهم في تشوية وطمس هوية اليمن الموحد ، ليكون هناك دويلات داخل دولة شرخ وفق منطق المحاصصة ليظلل عملية سياسية عرجاء مزعومة لم ولن تستقيم أمورها ، بل ليساهم في تكريس التجاذبات في شكل الهيئات السيادية للدولة وعلى مستوى بنية المجتمع اليمني ، ولينتج علائق داخل كيان الدولة تعيق معنى السيادة وتسمح لتمرير مشاريع الهيمنة على موارد اليمن الحيوية .
ولا يبدو من السهولة بمكان عند معاينة الوضع الراهن في اليمن اكتشاف حجم الكارثة التي خلفها الانقلاب وتداعياته على الفرد والمجتمع اليمني ، السنوات الماضية كانت حرثا سلبيا في كل مرافق الحياة ، ولا يمكن ان تجمع بتوصيق إلا بوصفها كارثة حقيقية أفضت إلى إبعاد اليمن من محيطة القومي وباتجاه تنفيذ مشروع استعماري بتقسيم اليمن إلى كيانات ضعيفة ستصبح لاحقا تابعة للقوى الإقليمية والدولية ، والتمكن من إدخال الفوضى لكي يتحول البلد بأسرة مجتمع مستهلك غير منتج ، ومستورد لكل حاجاتة الاساسية ، بعد تدمير مرافقه وتفكيك بنية الدولة وتعجيزها عن أداء دورها في خدمة المواطن والمجتمع .
سنوات عجاف في حياة المواطن اليمني الذي يعاني من موجة الفقر والمجاعة بسبب الحرب ، وانقطاع تام للرواتب في المناطق المسيطرة عليها مليشيات الحوثي ، وسنوات رخاء في حياة السياسيين وتجار الحروب الذين يتنافسون على الاستثمار بدماء البسطاء ،سنوات سوداء كانت بالنسبة لليمنيين زمنا لا يمكن عد ايامة السوداء ولا حجم الدماء التي سالت فيه ولا العذابات التي عصفت بالمجتمع بكل فئاته وافرادة ، خسائر بشرية كبيرة تجيدت في أعداد القتلى والمفقودين والمعوقين والأرامل والأيتام . سنوات من عمر اليمن قد تعني الكثير والكثير لأبناء هذا الجيل .