الـ 21 سبتمبر ..حين إنتقم الحوثي للإمامة من الجمهورية.
الاثنين 21 سبتمبر 2020 - الساعة 11:33 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي
في مثل هذا اليوم قبل ستة أعوام ، كانت جحافل الحوثي تجوب شوارع العاصمة صنعاء معلنة إنتصار ثورتها على " الجرعة وحكومة الوفاق وتطبيق مخرجات الحوار ".
لكن الحقيقة التي اثبتتها الأيام لم تكن كذلك،فقد كان ذاك اليوم إنتصارا للإمامة وعودتها على حساب الجمهورية والدولة ومؤسساتها،وعلى كل ما تحقق لليمن منذ ثورة 26 سبتمبر.
الإنتصار الأول الذي سجلته جماعة الحوثي بحق الجمهورية كان في التاريخ ذاته ، الـ 21 من سبتمبر ، فقد كان ذلك التاريخ عام 62م هو يوم تنصيب الإمام البدر خلفا لوالده يحيى الذي توفي بعد صراعه مع إصابته على يد الثوار في الحديدة قبل عام.
لم يكمل البدر إمامته لأسبوع واحد ، فقد أطاحت به ثورة الـ 26 سبتمبر بعد أن دكت دبابة الضباط الأحرار قصر البشائر على رأسه ، ليفر في غفلة منهم من تحت الركام إلى جبال صعدة وحجة ويخوض منها حربا يائسة ضد الجمهورية لسبع سنوات إنتهت بطي صفحته عبر المصالحة التي تمت بين الجمهوريين والملكيين عام 1970م.
أراد عبدالملك الحوثي من دخول صنعاء في هذا التأريخ بالتحديد ، أن يوصل رسالة مفادها أن: إماما جديدا قد تم تنصيبه في هذا التأريخ بدلا من البدر،ليعيد للإمامة الهاشمية مجدها الذي اندثر بعد اكثر من نصف قرن!
عودة تحققت عبر تنفيذ مخطط مدروس تم العمل عليه منذ أربعين عاما عبر المجلس الأعلى لحكماء آل البيت الذي أسسه أحمد محمد الشامي رئيس الوفد الملكي في المصالحة وعضو المجلس الجمهوري بعدها.
وضع المجلس السري الذي تم تأسيسه عقب المصالحة وضم رموز الهاشمية الإمامية ، مخطط لعودة الإمامة إلى اليمن خلال 50 عاما،عبر عدد من الوسائل منها إختراق الجيش والأحزاب والقيادات والقبائل وزرع المؤمنين بفكرة الولاية والإمامة في مفاصل الدولة.
فلم يكن الحوثي الا حصادا لهذا المخطط الذي رسمه المجلس السري ورئيسه الشامي ، الذي تنسب له ابيات شعرية مشهورة يتوعد فيها بعودة الإمامة ويخاطب فيها الملك السعودي آنذاك فيصل بدعم الامامة البدر ضد الجمهورية حيث قال :
قل لـ(فيصل) والقصور العوالي ... إننا نخبة أباة أشاوس
سنعيد الإمامة للحكم يوما .... بثياب النبي أو بثوب ماركس
فإن خابت الحجاز ونجد ... فلنا إخوة كرام بـ(فارس).
وفعلا عادت الإمامة عبر الدعم السخي من النظام الإيراني ( فارس ) ، الذي سارع احد قادته عقب سقوط صنعاء بيد الحوثي في الـ 21 من سبتمبر 2014 م ، إلى القول بان العاصمة العربية الرابعة قد سقطت بإيديهم.
بتأمل بسيط يمكن إدراك حقيقة إمامية الحركة الحوثية وأنها صنيعة مخطط طويل المدى، يسعى للإنتقام لفكرة الامامة من الجمهورية ، مخطط صنعته عقول لا تزال يرعبها ما حصل في ثورة الـ 26 من سبتمبر.
ورغم المفاوضات السياسية في صنعاء التي اثمرت عن اتفاق السلم والشراكة كمحاولة أخيرة لإستعادة الدولة من السقوط ، كانت جحافل مليشيات الحوثي تحشد لإجتياح المناطق التي شكلت الحاضنة الإجتماعية للجمهورية ولثورة 26 سبتمبر.
والبداية كانت بالحديدة والإنقضاض على ميناءها ، الذي لعب دور حاسما في امداد ثوار سبتمبر بالعتاد النوعي من قبل مصر، فكان أشبه برئة تتنفس منها الجمهورية ، لذا كان من الطبيعي ان يكون أول تحرك لمليشيات الحوثي بعد سقوط صنعاء ، واليوم تستميت في الحفاظ عليه مهما كلف الثمن.
واتجهت جحافل الإمامة الحوثية بعدها إلى البيضاء وإب وتعز معاقل الجمهورية ومن كان لهم الدور الحاسم في إنقاذ الجمهورية وكسر حصار صنعاء من قبل مليشيات البدر ، ومثل الإنتصار في هذه المعركة المسمار الأخير في نعش الإمام البدر وتبخرت نهائيا أحلام عودة الإمامة.
هذه الهزيمة النكراء، كان لابد لها من إنتقام يشفي جراح الإمامة ، فكان ذلك عبر الإعلان الرسمي للإنقلاب على الجمهورية من قبل جماعة الحوثي من خلال ما سمي بـ " الإعلان الدستوري".
إختارت جماعة الحوثي لهذا الإنقلاب تأريخ الـ 7 من فبراير 2015م ومن داخل القصر الجمهوري في صنعاء، وهو اليوم الذي اعلن فيه الإنتصار في معركة حصار السعبين في الـ 7 من فبراير 1968م ، فكانت اشد رسالة انتقام في صدر الجمهورية.
وما تلى هذا الانقلاب لم يكن سوى تطبيق لنظام الإمامة في التسلط على الشعب بالقوة وباسم الله ورسوله ، فلا صوت يعلو فوق صوت الإمام ، فلا أحزاب ولا معارضة ولا أعلام ولا حرية للكلمة في مناطق سيطرتها.
واليمنيين صاروا إما تابع أو عدو لأنهم يرفضوها ، حتى وأن كانوا 70 % من اليمن خارج سيطرتها، فهم دواعش ومرتزقة وعملاء يجب تحشيد المقاتلين لغزوهم واجبارهم على الخضوع لها بقوة السلاح.