فهد العميري: ملف تعز بيد علي محسن
الثلاثاء 30 مايو 2017 - الساعة 05:00 صباحاً
المصدر : «العربي»
يتهم القيادي الناصري في محافظة تعز، والناطق الرسمي لمسيرة «البطون الخاوية»، فهد العميري، حكومةَ الرئيس عبد ربه منصور هادي بفرض عقاب جماعي على موظفي تعز وحرمانهم من رواتبهم. ويشير العميري، في حوار مع «العربي»، إلى أن بعض قوى الإسلام السياسي تسعى إلى فرض هيمنتها على مقاليد الأمور السياسية والعسكرية في المحافظة.
هل كشفت مسيرة «البطون الخاوية» عن رفض بعض الأحزاب لأي مطالب سلمية لموظفي تعز؟
نعم، أثناء التحضير للمسيرة أصدرت بعض الأحزاب، ومنها «الإصلاح»، بيانات ضد المسيرة، ووجهت عناصرها بعدم المشاركة فيها، وأعتقد أن ذلك يعود إلى الرغبة في إفشال المسيرة ووأدها قبل الانطلاق ورفع الغطاء السياسي عن المشاركين فيها، إضافة إلى بعث رسالة لـ«التحالف» بعدم مسؤوليتهم عن المسيرة، والتنصل من أي تبعات لها، لكن المسيرة انطلقت رغم كل محاولات الوأد والتحريض الإعلامي والحرب النفسية التي سبقتها واستمرت أثناء سيرها.
ولكن حكومة هادي صرفت مرتبات المعلمين، لماذا تجاهلت جميع الموظفين الموالين لها؟
لم يتم صرف رواتب جميع المعلمين في محافظة تعز، بل تم صرف الدفعة الأولى من رواتب شهر ديسمبر 2016 لعشر مديريات، وهي المديريات الواقعة في مدينة تعز ومحيطها، بمبلغ يزيد على مليار ريال، فيما لم تصرف رواتب المعلمين في بقية المديريات، وكذلك الحال مع موظفي بقية المكاتب التنفيذية، بمبلغ يزيد على اثني مليار وستمائة مليون ريال، منها للمعلمين 2 مليار. أعتقد أن صرف الدفعة الأولى لمديريات المدينة ومحيطها كانت بمثابة رشوة من حكومة «الشرعية» لهؤلاء الموظفين، من أجل عدم المشاركة في الاحتجاجات المطالبة بصرف الرواتب، وللأسف الشديد فقد نجحت في ذلك.
مع بدء مسيرة «البطون الخاوية»، هل تلقيتم أي عروض من حكومة هادي؟
مع بدء المسيرة التقى وفد من المسيرة بنائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية حسين عرب، والذي وجه وزارة المالية والبنك المركزي بسرعة صرف رواتب موظفي تعز البالغ عددهم 58 ألف موظف، وصرف ما تبقى من رواتب شهر ديسمبر. وأفاد بأنه تلقى توجيهات من رئيس الجمهورية بسرعة الصرف. كذلك التقينا بنائب وزير المالية ونائب محافظ البنك المركزي، والجميع وعد بسرعة صرف رواتب الموظفين، إلا أن هذه الوعود تبخرت وذهبت أدراج الرياح، ولم ينفذ منها شيء.
لكن حكومة هادي تعهدت بصرف المرتبات بعد عودة المسيرة؟
لقد عودتنا حكومة «الشرعية» على توزيع الكثير من الوعود التي تتبخر ولا نجد لها أثراً على الأرض. هذه الحكومة للأسف الشديد أصبحت حكومة وعود لا أكثر، وغدت عاجزة تماماً عن الوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية، وتحديداً أمام الموظفين، ولا تجيد سوى المراوغة والتسويف والتفنن بزيادة معاناة المواطنين والموظفين وتجويعهم، وكأن ذلك يدخل في سلم أولوياتها، وهذا ما فعلته بعد إعادة المسيرة من محافظة لحج إلى تعز.
قلتم إن تعز لا وجود لها في قائمة اهتمامات «الشرعية»، هل أصبحت تعز ضحية حرب؟
تتعرض تعز يومياً للقصف والحصار من قبل ميليشيا الحوثي وصالح، واستهداف الأحياء السكنية بمختلف الأسلحة، إضافة إلى التجويع الممنهج من قبل الحكومة «الشرعية» وكل ذلك بهدف تركيع هذه المحافظة وإذلالها كونها حاملة المشروع المدني والوطني ومفجرة ثورة 11 فبراير، إضافة إلى دورها في كل حركات التحرر الوطني. تعز تعاقب لأنها تنشد بناء دولة مدنية مؤسساتية قائمة على النظام والقانون والحرية والعدالة والكرامة والمواطنة المتساوية واحترام الحقوق والحريات وحيادية الجيش والقضاء.
طالبتم أخيراً بالإطاحة بمحافظ تعز؟
عملياً لا يوجد محافظ لتعز، إذ يواصل المحافظ المعمري غيابه عن تعز ويقضي يومياته بين عدن والقاهرة واسطنبول، بل إنه لم يقض حتى أسبوعاً واحداً في تعز منذ صدور قرار تعيينه. المحافظ المعمري لم يستطع المحافظة على نفسه وتوفير الحماية لنفسه حينما تمت محاصرته والاعتداء عليه من قبل عارف جامل ومرافقيه في اليوم الثالث من وصوله تعز، وفي اليوم التالي تمت محاصرته من قبل محسوبين على اللواء 22، وتمكنوا من إرغامه على توزيع رواتب أفراد الجيش التي كانت بحوزته وفقاً للكيفية التي تكفل لهم الإستحواذ على المبلغ، ومن حينها غادر تعز دون عودة.
هل الرجل عجز عن المحافظة على تعز؟
بالفعل فشل المعمري بالمحافظة على تعز وبناء مؤسسات دولة، بل ترك المافيا تعبث بمصير المحافظة وتبني كياناتها الخاصة والموازية لمؤسسات الدولة، مستغلة الإيرادات التي كان ينبغي أن توجه للدولة، لا أن توجه 90 % منها لحسابات خاصة، ناهيك عما لم يورد أصلاً، إضافة إلى تعييناته المخالفة للقانون، حيث عيّن خمسة مدراء عموم غير موظفين ولا يملكون الخبرة في مناصب مدراء عموم بالمخالفة لشروط التعيين في الخدمة المدنية.
قبل أسبوع تعرض محافظ تعز لمحاولة انقلاب، ما الدافع برأيك؟
تسعى بعض قوى الإسلام السياسي إلى الاستمرار في فرض هيمنتها على مقاليد الأمور المدنية والعسكرية في تعز، وما إن شعرت بانكشاف الغطاء عنها والحديث عن توجه بإقالة المحافظ حتى بادرت إلى فرض سلطة الأمر الواقع من خلال اقتراح قائد المحور نقل صلاحيات المحافظ إلى الوكيل عارف جامل، بهدف إعاقة أي عملية تغيير حقيقية في المحافظة وفرض سلطة الأمر الواقع، ولكن محاولتها فشلت بانسحاب الوكيل رشاد الأكحلي من الاجتماع اعتراضاً على ذلك.
لكن اللواء علي محسن الأحمر يريد بقاءه، ما السر؟
يسعى المحافظ المعمري إلى تمكين «الإخوان المسلمين» ممثلة بـ«حزب الإصلاح» من السيطرة على مقاليد الأمور في تعز. أصبح أداة طيّعة لهم، ينفذون من خلاله كافة أجندتهم ويستحوذون على كل شيء فيها، ولهذا يريد علي محسن إبقاءه محافظاً، فهو لا يباشر سلطاته إنما يشرعن من خلال بقائه كمحافظ كافة أفعالهم ويصدر القرارات التي تخدم أجندتهم، ووحدها تعز التي تدفع ثمن ذلك.
هل تتجه تعز لإعلان مجلس انتقالي وآخر عسكري على غرار عدن؟
لا يمكن أن تتوجه تعز لإعلان مجلس انتقالي أو عسكري رغم ما تتعرض له من حصار وتجويع من قبل الحكومة «الشرعية»، بل ستواصل دعمها لشرعية الرئيس هادي، وفي ذات الوقت ستعمل على التعبير عن مطالبها واحتجاجاتها بالوسائل السلمية المكفولة قانوناً.
هناك بعض الأحزاب تسعى لاستثمار تلك الفاتورة لتحقيق مكاسب خاصة، فهناك تسابق في التوظيف وهناك صراع استحواذ حزبي على قيادة المحافظة؟
بالطبع هناك بعض القوى التي تسعى جاهدة إلى استثمار الفاتورة التي تقدمها تعز من خلال الاستحواذ على التوظيف والترقيم (تسجيل) في السلك العسكري والحصول على التعيينات التي تمكنها من السيطرة على المحافظة وأخونتها في السلك المدني وتعطيل المشافي الحكومية والمدارس، لصالح استثماراتها الخاصة وبناء كيانات موازية لمؤسسات الدولة وتعمل على الحيلولة دون بناء مؤسسات دولة حقيقية.
عجزت حكومة بن دغر عن صرف مرتبات الآلاف من الموظفين، ورغم ذلك هناك توظيف وتجنيد كبير من قبل «الإصلاح»؟
هناك اختلالات واعتلالات كبيرة في ما يتعلق بالتجنيد، إذ يوجد أكثر من سبعة آلاف شخص تم ترقيمهم بالجيش، وهم قابعون في بيوتهم ولا يتواجدون في الجبهات، إضافة إلى ترقيم أكثر من 700 موظف، وتم توزيع استمارات الأمن من خلال مقرات «الإصلاح»، وليس هناك مرتبات يصرفها «الإصلاح» للمجندين الجدد حسب معلوماتي، لكن هناك مصاريف تصرف بشكل يومي أو أسبوعي.
هل تشعرون بأن تعز تتعرض للإنتقام من كل أطراف الصراع؟
بالطبع نشعر كأبناء تعز بأن المدينة تتعرض للانتقام، في ظل معلومات تتحدث عن أن الرئيس هادي أسند ملف تعز للجنرال محسن، والذي بدوره يسعى إلى تمكين «الإصلاح» من السيطرة على المحافظة والانتقام منها على مواقفها الوطنية والثورية ودورها في إسقاط نظام صالح الذي كان محسن وجهه وواجهته الأخرى، وتوق أبنائها لبناء مؤسسات الدولة المدنية، ناهيك عن الانتقام والقصف اليومي الذي تشنه ميليشيا الحوثي وصالح على المحافظة كل يوم انتقاماً منها لانحيازها إلى «الشرعية» ضد المشروع الإمامي الكهنوتي، إضافة إلى دورها الرائد في حركات التحرر الوطنية ابتداء من ثورة 26 سبتمبر.
هناك صراع بين الفصائل في تعز، هل تعتقد أن ذلك يعكس وضع الانقسام بين دول «التحالف»؟
لا أعتقد أن هناك انقساماً بين دول «التحالف»، بل هناك توزيع للأدوار وإدارة للملفات. والاختلاف القائم في تعز يعبر عن اختلاف المشاريع، إذ هناك من يسعى إلى بناء دولته وكياناته الخاصة التي لا علاقة لها بالدولة المدنية الحديثة، ولا تنتمي إلى مؤسساتها ولا تتفق نهائياً مع مخرجات الحوار الوطني.
في ظل تعدد تلك الفصائل، بيد من قرار تعز حالياً؟
أعتقد أن القرار الآن بيد «الإصلاح» من خلال إدارته للشأن العسكري بواسطة قائد المحور، خالد فاضل، الذي للأسف الشديد يغلب فيه السياسي على العسكري، وللشأن المدني الذي أصبح المحافظ فيه مجرد أداة بيد «الإصلاح» مع تواجد لـ«الجيش الوطني» ممثلاً باللواء 35 ووجود لـ«كتائب أبو العباس» في الجبهات وعلى الأرض.
أليس بالأحرى بأطراف الصراع تحييد المدينة عن المواجهات؟
يفترض بالحكومة الشرعية وبمساندة «التحالف» توفير كافة الإمكانيات اللازمة لتحرير تعز وإنقاذ المدنيين من القصف الذي تشنه ميليشيا الحوثي وصالح عليها، وذلك لن يكون إلا من خلال إيكال الأمر إلى قيادات عسكرية ليس لها أي أجندة سياسية وتوفير الدعم العسكري واللوجستي اللازم لذلك، خاصة وقد أثبتت لنا الأيام أن لا عهود أو مواثيق لمليشيات الحوثي وصالح التي تواصل قصفها للأحياء السكنية بتعز وتستهدف أماكن تجمع المواطنين بشكل متواصل ودون التزام بأي هدنة سابقة.