لهذا غامر الحوثيون....!
السبت 18 مايو 2019 - الساعة 10:39 صباحاً
منصور السروري
مقالات للكاتب
عندما غامرت جماعة الحوثيين بالإنقلاب على العملية السياسية وإسقاط الدولة ومؤسساتها الحكومية والمدنية والعسكرية كانت تدرك كل الإدراك انها في النهاية لن تحقق أي انتصار عسكري ضد السلطة الشرعية والأطراف التي سقف إلى جانبها لكنها كانت تدرك في نفس اللحظة أن السلطة الشرعية ومن يصطف معها داخليا وخارحيا لن يستطيعوا تحقيق أي إنتصار عسكري ضدها اي ضد جماعة الحوثي.
لقد كان رهان الحوثيين على عنصر أخر غير عنصر الانتصار العسكري هو عنصر الإنتصار السياسي.
وعول الحوثي لتحقيق عنصر الكسب السياسي لمغامرته بإسقاط الدولة وشن الحرب على اعتبارات عديدة.... يا ترى ماهي...؟
- الإدراك أن الأحزاب السياسية التي ستصطف إلى صف السلطة الشرعية لن تمتلك رؤية موحدة تصب في صالح سرعة الحسم العسكري وإنما ستكون لها رؤها الخاصة التي يغلب عليها تحقيق مكاسب ومصالح خاصة خلال فترة الحرب وهو ما حدث حيث غلبت الهوية والثقافة النفعية عند الأحزاب على الهوية الوطنية فرأينا كيف أن اكبر حزب كان يعول عليه في سرعة الحسم العسكري للمعركة اتجه إلى تقوية نفوذه عبر السيطرة على الجيش والحكومة وأغلب مفاصل الدولة وخلقه لمعارك مختلفة مع بقية الأطراف داخل صفوف السلطة الشرعية وهو أمر يطول شرحه وليس بخاف على المتابعين للشأن الوطني.
- الإدراك أن الدول العربية وغيرها التي ستقف خلف الشرعية وهي دول التحالف العربي سوف ترتبك كلما تقادم وطالت مدة الحرب ارتباكا يفقدها الفاعلية في تحقيق أي نصر عسكري اما بفعل الواقع السياسي الداخلي المرتبك واما بفعل عدم إخلاص القوى السياسية للقضية الوطنية بضرورة الإنتصار العسكري على مليشيات الحوثي وتقديمها لمصالحها الخاصة على المصلحة الوطنية.
- احتمال ظهور حسابات خاصة لدى دول التحالف العربي بشأن بعض القوى السياسية وهو ما تحقق في التباين الكبير بين أهداف دعم الإمارات العربية للسلطة الشرعية واصطدامها بأحد أكبر المكونات السياسية المتوغل بقوة في مفاصل الجيش والحكومة.
- احتمال ظهور سيناريوهات جديدة في المنطقة ستلعب دورا كبيرا في إطالة عمر الحرب باليمن وتعقيدها إلى حد يصعب معه على السلطة الشرعية ودول التحالف العربي تحقيق أي انتصار عسكري ، وتجلى ذلك بوضوح بعد الأزمة بين قطر كطرف والإمارات والسعودية كطرف أخر كان من نتائجه التغيير الكبير بين الأطراف السياسية في صف الشرعية وفقا لصداقاتها وتحالفاتها ومصالحها مع تلك الدول وظهر ذلك بشكل قوي وكبير في الخطاب الإعلامي لأطراف قوية في حزب الإصلاح عبر معظم قنواتهم الفضائية ومواقعهم الإخبارية المختلفة التي أصبحت تعمل بكل وضوح ضد دول التحالف العربي وتخدم قطر ولا ترى دول التحالف الا دول احتلال.
- إيقاع دول التحالف العربي في أخطاء كبيرة كالقصف على مواقع مدنية يكون الضحايا فيها المدنيين ... وكلما كثرت تلك الأخطاء كلما رفضها المجتمع الدولى وضغط باتجاه إنهاء الحرب وتحقيق تسوية سياسية يكون الحوثي ليس مجرم حرب أو ارهابي وإنما طرفا في النزاع باليمن.
- توظيف كل ما من شأنه أن يخلط الأوراق على السلطة الشرعية ودول التحالف العربي وهو الذي صار اليوم واضحا في نظرة المجتمع الدولى التي تغيرت عما كانت عليه تلك النظرة في بداية الحرب وعبرت عنها فقرات القرار الدولي رقم 2216 وهي فقرات باتت شبه غائبة أو مغيبة، خاصة منذ تولي المبعوث الأممي الحالي إلى اليمن ملف المفاوضات .
***
لا شك أن هنالك اعتبارات أخرى.. . ياليت القراء يساهمون في ابرازها.
***
ويبقى السؤال إزاء ما أشرنا إليه أعلاه هو :
ـ إذن ما المخرج أو ما الذي يجب على السلطة الشرعية ودول التحالف العربي أن تقوم به لتغيير الواقع الذي يكاد ينسد امامها...؟
الإجابة هي في إعادة المراجعة والتقييم لخطط واستراتيجية وسلوكيات السنوات الأربع من عمر الحرب وتجاوز كل الأخطاء ومعالجتها ووضع خطة استراتيجية جديدة واضحة الأهداف.
لا بد من إطار وطني شعبي جديد يكون رديفا للسلطة الشرعية كي يظطلع بمهمة مواجهة المليشيات الحوثية عسكرياً لأنه لم يعد يعول على أغلب الوية الجيش التي تأسست أثناء الحرب أن تقوم بمهمة الحسم العسكري بفعل الولاء والانتماء الذي تقدمه لأحزابها على الولاء والانتماء الوطنيين.
إطار كهذا كفيل أن يخلط الأوراق بالداخل والخارج اي على المليشيات الحوثية وعلى المجتمع الدولي الذي لم يقف أمام ما يحدث في اليمن موقفا يصب في نهايته في صالح طموحات شعبنا اليمني بتأسيس دولة اتحادية مدنية حقيقية.