الجبواني والميسري .. من المزايدة باسم "الجنوب" الى " الترزق " باسم السيادة اليمنية

الثلاثاء 03 نوفمبر 2020 - الساعة 11:41 مساءً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

 


 

" ملك التنقلات " ، توصيف ساخر أطلقه ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي بحق وزير النقل السابق او المقال صالح الجبواني.

 

توصيف لاذع جاء على اثر المزاعم التي اطلقها الجبواني مؤخرا عبر وسائل إعلام الاخوان ضد رئيس الوزراء المكلف معين عبدالملك ، وزعم فيها بأن الرجل منح الامارات موافقة خطية على قصف قوات الجيش في نقطة العلم بعدن في أغسطس من العام الماضي.

 

الناشطون ردوا على الجبواني بسؤاله عن سبب صمته على ذلك خلال اكثر من عام ، كان معظمها وزيرا في الحكومة التي يرأسها معين ، معتبرين ان افصاحه عن ذلك يأتي بسبب خروجه من الحكومة واستحالة عودته لها وفقا لاتفاق الرياض الذي نص على أن لا تتضمن الحكومة من شاركوا في احداث عدن.

 

أغلب ردود الأفعال من الناشطين على مزاعم الجبواني ، جاءت ساخرة من تاريخ الجبواني على تبديل مواقفه السياسية خلال السنوات الأخيرة ، ساخرين من ان استحقاقه لمنصب وزير النقل جاء بسبب مهاراته في نقل مواقفه من طرف الى طرف أخر.

 

سخرية لم يكن فيها مبالغة ، فتاريخ الرجل السياسي يكشف حجم التناقض في مواقفه السياسية خلال السنوات العشر الأخيرة فقط ، وانتقاله من النقيض الى النقيض منه بدون خجل ، بل ان ما يثير السخرية حقا أن جميع هذه المواقف موثقة بالصوت والصورة في لقاءاته له مع قنوات تلفزيونية ويمكن الرجوع اليها بسهولة.

 

فالرجل برز كمتعصب وبشدة لفكرة انفصال الجنوب مع انطلاق الحراك الجنوبي عام 2007م وتصاعده في المحافظات الجنوبية ، حيث كان ضيفا شبه دائم على قناة " صوت الجنوب " التي كان يملكها الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض وكانت تبث من بيروت.

 

كان صوت الجبواني حينها مرتفعا ومتعصبا لفكرة استعادة " دولة الجنوب " ، وكان يصرخ في قناة " بي بي سي " البريطانية مطالبا الأمم المتحدة بتنظيم استفتاء شعبي في الجنوب لفك الارتباط عن الشمال.

 

ومع تنحي صالح على اثر المبادرة الخليجية في 2011م والاتفاق على هادي رئيسا ، استضافت ذات القناة الجبواني للحديث حول عملية انتخاب هادي في فبراير 2012م ، قال الجبواني بأن " الجنوب لا علاقة له بذلك " مؤكدا بانه المحافظات الجنوبية قاطعت عملية انتخابه.

 

اللافت في ذاك اللقاء السخرية الواضح للجبواني من شرعية هادي ، ومن الاستعدادات لعقد مؤتمر الحوار الوطني ، في تناقض صارخ لما عليه الجبواني اليوم.

 

تناقضات الجبواني لم تتوقف هنا ، حيث حاول مغازلة جماعة الحوثي عقب سيطرتها على صنعاء في سبتمبر من عام 2014م ، بل انه طالب في لقاء تلفزيوني من السعودية بأن " تتكيف " سياسيا مع الوضع الجديد الذي صنعه الحوثي في صنعاء.

 

كان يرى الجبواني في جماعة الحوثي قوة صاعدة يمكن الاستفادة منها ، ولم يكن متوقعا ان يختلف المشهد تماما بعد اشهر وان تتدخل السعودية بتحالف عربي لإنقاذ شرعية هادي ضد الحوثيين في مارس من العام 2015م ، ليتوارى الجبواني عن الظهور فلم يعد المشهد حينها صالحا لما كان يردده.

 

هنا كان لابد للجبواني من ان يغير موافقه لتتلاءم مع المشهد وينزع عنه قناع " الجنوب " ويستبدله بقناع الوحدة والشرعية والتحالف ، وكان لا بد من تمهيد لهذا " الانقلاب " ، وهو ما تحقق في ظهوره أواخر عام 2017 م في برنامج وثائقي أعدته قناة " الجزيرة " القطرية عن الوحدة اليمنية.

 

ظهر الجبواني في البرنامج الذي أذيع أواخر نوفمبر تحت صفة " قيادي سابق بالحراك الجنوبي " ، ساق فيها مبرراته لتركه المطالبة بفك الارتباط ، وعقب شهر واحد فقط من إذاعة البرنامج صدر قرار جمهوري بتعيين وزيرا للنقل.

 

ليتحول الجبواني من بعدها الى أحد المتعصبين لشرعية هادي ومشروع الفيدرالية مع كيل المديح للتحالف ، قبل ان يتحول الى رأس حربة في المشروع الاخواني القطري ضد التحالف ، وبشكل أشد عقب هزيمة القوات الموالية للشرعية في المواجهات التي شهدتها عدن أغسطس من العام الماضي.

 

أحداث تصدرها الجبواني الى جوار وزير الداخلية اللواء احمد الميسري ، الذي تشابه قصته بشكل لافت مع قصة الجبواني في تبدل المواقف السياسية حسب المصلحة الشخصية.

 

فالميسري الذي بدأ ظهوره السياسي كقيادي مؤتمري وتقلد مناصب هامة في عهد صالح منها محافظ ابين ووزير للزراعة لم تفارق فيها " الوحدة " خطاباته، دون أن يصدر منه أي موقف سياسي مؤيد للحراك الجنوبي منذ انطلاقته في 2007م.

 

اختلف المشهد مع تفجر الثورة الشبابية في 2011م وتنحي صالح ، ليبدأ المسيري في إظهار " جنوبيته " التي تضخمت الى حد تصريحه في لقاء مع قناة " السعيدة " عقب سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء في 2014م بان " الوحدة قد انتهت ".

 

بارك الميسري في هذا اللقاء سيطرة الحوثي على " الشمال " ، مؤكدا بان " الانفصال " قادم لا محالة ، وان ما يجب ان يتم النقاش عليه هي مراحل تنفيذ الانفصال فقط .

 

لم تؤثر انطلاق عاصفة الحزم على موقف الميسري المؤيد للانفصال ، بل كان يرى في ان المعارك التي تدور في الشمال لا تعني الجنوبيين بعد تحرير المحافظات الجنوبية ، بحسب تصريح له مع قناة " سكاي نيوز " الإماراتيةز

 

كان يصرخ الميسري من على القناة الإماراتية بان " الجنوب قد حسم امره " داعيا العالم الى وضع حلول قانونية لـ " تثبيت الواقع الذي صنعناه ( الجنوبيين ) وتعود دولة الجنوب الى جوار دولة في الشمال ".

 

تبدلت هذه المواقف تماما مع تعيين الميسري وزيرا للداخلية في التعديل الحكومي الذي أصدره هادي في ديسمبر من عام 2017م ، وهو ذات التعديل الذي اصبح فيه الجبواني وزيرا للنقل.

 

ليتحول من بعدها الرجلان من أبواق لفك الارتباط الى أدوات واذرع قطرية تحركها جماعة الاخوان في وجه التحالف باسم " السيادة اليمنية " .

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس