مأزق السعودية في اليمن
الجمعه 21 يونيو 2019 - الساعة 08:30 صباحاً
مروان الغفوري
مقالات للكاتب
في العام الأول من حرب بن سلمان في اليمن قال الجنرال عسيري، رجله الخطر، إن الأمير يتردد عليهم في غرفة العمليات، يقوم بطرح الأسئلة ويعدل الخطط. مضت خمسة أعوام على هذه الحرب التي لا تزال عالقة عند "الحد الجنوبي" للسعودية. يقول المسؤولون اليمنيون الذين التقيتهم خلال العامين الماضيين إن الطريق إلى بن سلمان صار أبعد ما يكون، ما يعني انفصال الرجل التام عن حرب كانوا فيها رفاق السلاح. لم يكن قد مضى على حربه اليمنية عام كامل عندما هدد وزير خارجيته "الجبير" بعاصفة حزم أخرى في سوريا. آنذاك تساءلت المتحدثة باسم الخارجية الروسية عما إذا كان بن سلمان قد هزم خصومه في اليمن. سرعان ما اشتبك مع قطر في صراع مميت، ثم وصف ذلك الصراع بالمشكلة الصغيرة جداً. توسعت حروب بن سلمان وشملت لبنان، السودان، فلسطين، تركيا، ودول أخرى. تؤكد تقارير قادمة من نيجيريا أنه يخوض حرباً ضد إيران هناك أيضاً. في الأيام الماضية تعهد أمام حشد من مواطنيه إن يجعل من الوطن العربي "أوروبا الجديدة". وضع يده على صدره وقال بثقة: هذه حربي. بعد عودة قادة المجلس العسكري السوداني من لقائه فتكوا بشعبهم وألقوا بالجثث المثقلة بالحجارة إلى النيل. إنها حربه، كما قال، غير أن هذا الشكل من الحرب سيؤدي إلى أي شيء عدا أوروبا.
لنتجاهل حروب بن سلمان المشتتة والعالقة، ولنأخذ واحدة في الحسبان: اليمن. الأسابيع الماضية شهدت ضغطاً عسكرياً حوثياً على السعودية. كانت السعودية قد استدعت "زيد الذاري"، السياسي الحوثي، وعرضت عليه مشروعاً للهدنة يوفر خروجاً مشرفاً للسعودية من الحرب. أرادت السعودية أن تحصل على الأمرين معاً: التهدئة مع الحوثيين والتصعيد مع الإيرانيين، متعالية كل التعالي على الحقائق التي تعلمها كل العلم. لم يمهلها الحوثيون كثيراً، فذهبت تصرخ "الحوثيون يثبتون أنهم يد إيرانية"، رغم أن الحوثيين لم يحاولوا قط إنكار ذلك.
سبق أن أعلنت السعودية انتصارها في الحرب اليمنية، فقد أعلنت انتهاء "عاصمة الحزم" بعد ثلاثين يوماً من انطلاقها. وفي يونيو ٢٠١٦ أعلنت الإمارات رسمياً انتهاء تلك الحرب، حرب جنودها، في اليمن. قال حساب محمد بن زايد على تويتر، آنذاك، إن دولته سترصد الترتيبات السياسية في اليمن. عرض التلفزيون الإماراتي صوراً لقوات البلد وهي تعود مظفرة من الأراضي اليمنية.
لم تفشل السعودية في تلك الحرب قدر فشلها في الخروج منها. وإذا كانت قد وقعت في المستنقع اليمني ـ والتعبير للرئيس صالح ـ فهي أيضاً قد سقطت في الفخ الإماراتي. نجحت الإمارات في الجزء الخاص بها من الحرب، واستطاعت دحر الحكومة الشرعية والحوثيين من جنوب اليمن. صار بمقدورها التحكم بمساحات شاسعة من اليمن، وقد باشرت بناء المعسكرات والموانئ والسجون كما لو كانت المالك الأخير للأرض. أنشأت تشكيلات عسكرية محلية تدين لها بالولاء، استطاعت من خلالها أن تسوي مشهد ما بعد الحرب بالأرض، فقد حالت دون عودة السياسة واستقرار حكم القانون، ولوحت بالتشطير في وجه كل من يطالب بعودة السلطة الشرعية. انسحبت الإمارات عملياً من الحرب، منفردة بغنيمتها الخاصة، وتركت السعودية تغرق فيها. ما إن صواريخ تضرب مطارات وخزانات نفط الإمارات. بالأمس وجهتُ سؤالاً لمسؤول في الحكومة اليمنية عن المجهود العسكري الذي تقوم به الإمارات حالياً في اليمن فقال إنه لا يوجد، وأنها بدلاً عن مساعدة السعودية في الحرب ضد الحوثيين راحت تخوض حرباً شاملة ضد "حزب الإصلاح"، الحليف الأهم للحكومة الشرعية وبالضرورة للسعودية. قال إنه سمع هذا الانطباع من دبلوماسيين غربيين.
نجح الحوثي في حربه وهزم كل الآخرين. غير أن أولئك الآخرين لم يصبحوا، حتى الآن، كتلة واحدة. في جنوب اليمن خلقت الإمارات وضعاً شبيهاً بحرب الكل ضد الكل. دفعت ميليشياتها المسلحة لتصفية التنوع السياسي، وبالضرورة فإن التصدع السياسي في بلد متنوع كاليمن يترك خلفه تصدعاً اجتماعياً.
كانت محافظة تعز قد تجاوزت الحصار المضروب عليها إماراتياً وحوثياً وصنعت مقاومة مشتركة، على الصعيدين العسكري والسياسي. إلى أن وصلتها اليد الإماراتية فغرقت المحافظة الأكبر في صراع الكل ضد الكل، وتحولت إلى واحدة من أكثر بؤر اللااستقرار. كل أرض محررة تصبح أرضاً غير مستقرة، ولم يحدث قط أن كان دحر الحوثيين من محافظة معادلاً لعودة سلطة الرئيس هادي.
قبل أيام دفعت الإمارات رجلها الزبيدي، وهو قائد ميلشياوي ينحدر من محافظة الضالع الجبلية، للتهديد بخوض حرب عسكرية ضد المنطقة العسكرية الأولى. لا تزال تلك المنطقة العسكرية محتفظة بكل ترسانتها العسكرية وتعمل على تأمين مساحة شاسعة من الجمهورية تمتد إلى حدود عُمان، كما تحصل على دعم عسكري متزايد من قبل السعودية. تعيش مأرب، القريبة من السعودية، وضعاً غير مستقر على أكثر من صعيد، وثمة محاولات حثيثة على الصعيدين الأمني والإعلامي لزعزعتها أسوة بباقي المدن المحررة. إن جبهة الحكومة الشرعية ليست فقط مفككة، بل تعيش حرب الكل ضد الكل. كانت "حرب حجور" الأخيرة اختباراً مناسباً لخطورة العبث بالحرب. ثارت قبائل حجور ضد الحوثيين في شمال اليمن، وحققت انتصاراً بادئ الأمر. سرعان ما تمالأ المقاتلون ضد بعضهم بآلية الصراع نفسها التي تستعملها الإمارات في المدن المحررة. في النهاية سقطوا جميعاً، بينما جلس الأمير تركي، قائد التحالف، يستمع إلى روايات متصارعة في لقائه بالقادة المهزومين.
لم تقسم الإمارات والسعودية حلفاءها إلى جيوش متقاتلة وحسب، بل حولتهم إلى حمقى، وسلبتهم الشرف والجاذبية. أثناء رحلة بن سلمان إلى لندن، قبل عام، دون وزير الإعلام اليمني عبر تويتر غزلاً فريداً عن قوام الأمير ومشيته. وقبل وقت ليس بالبعيد استُـدعي مجلس النواب إلى الرياض، انتظر النواب كثيراً حتى أذن لهم بالدخول. في لقاء البرلمانيين ببن سلمان سُمح لهم بأمر واحد فقط: إلقاء القصائد في مديح الرجل وأبيه.
فقدت الحكومة اليمنية الأرض والسلطة أول الأمر، ونالت تعاطف شعبها. لكنها فيما بعد ذهبت تفقد الجاذبية ثم الشرف، فحصدت الاحتقار ثم النسيان. لم يعد أحد في صنعاء ينتظر عودة الرئيس الشرعي، وشيئاً فشيئاً يصبو المواطنون إلى تحسين الخدمات بدلا عن طموحهم القديم باستعادة الجمهورية. حتى إن البرنامج التلفزيوني واسع الانتشار "عاكس خط" الذي كان معروفاً بمناهضته للحوثيين على أساس جمهوري راح هذا العام يطالبهم، على مدى شهر رمضان، بتوفير الخدمات ودفع الرواتب وبأمور أخرى مما ينتظرها المواطن في العادة من سلطته الشرعية.
بعد خمسة أعوام من العبث بدالة الحرب، واعتبار المسألة اليمنية "صغيرة جداً" استعاد الحوثيون زمام الأمور. جاء هجومهم الأخير في وقت كانت فيه السعودية تبحث عن هروب آمن من ذلك المستنقع. لن تنتصر السعودية في هذه الحرب لأنها كما يبدو نسيت الأسباب التي دفعتها لخوضها. أما الحوثيون فقد حققوا نصراً يملأ تطلعاتهم في دولة إثنية، طائفية محدودة. يستطيع الحوثيون، بما لديهم من قوة، حماية تلك الدولة المحدودة التي حصلوا عليها في شمال اليمن. إذ تبدو كافية أكثر من اللازم لعدد "١٦٢" أسرة هاشمية نجحت في توزيع المملكة الجديدة بين أفرادها بالعدل.
أما السبب الذي دفع الإمارات لخوض الحرب، كما ورد على لسان وزير خارجيتها آنذاك، فيصعب نسيانه: الدفاع عن جد العرب. تنتشر القوات الإماراتية في الأراضي الجنوبية من اليمن وبالتوازي تتمتع بمستوى اتصال مع الرئاسة اليمنية يقترب من الصفر، كما تفعل أي قوى استعمارية. تكرر المشهد كثيراً في التاريخ، لنتذكر: طردت أميركا القوات الأسبانية من الفلبين ثم احتلتها بعد ذلك لقرابة ستة عقود. ولولا كاريزما وخيال ديغول، كما يقول بحث مطول نشرته لوموند ديبلوماتيك مؤخراً، لكانت أميركا قد وضعت يدها على كل المستعمرات والأراضي الفرنسية عقب الحرب العالمية الثانية. تبدو الحكومة اليمنية أبرز الخاسرين في هذه الحرب، غير أن السعودية تحتفظ بمكانها في الصدارة. فما أن ارتفع مستوى التوتر مع إيران درجة واحدى إلى الأعلى حتى وصلت الصواريخ والطائرات المسيرة الحوثية إلى ما هو أبعد من الرياض.
لنتجاهل حروب بن سلمان المشتتة والعالقة، ولنأخذ واحدة في الحسبان: اليمن. الأسابيع الماضية شهدت ضغطاً عسكرياً حوثياً على السعودية. كانت السعودية قد استدعت "زيد الذاري"، السياسي الحوثي، وعرضت عليه مشروعاً للهدنة يوفر خروجاً مشرفاً للسعودية من الحرب. أرادت السعودية أن تحصل على الأمرين معاً: التهدئة مع الحوثيين والتصعيد مع الإيرانيين، متعالية كل التعالي على الحقائق التي تعلمها كل العلم. لم يمهلها الحوثيون كثيراً، فذهبت تصرخ "الحوثيون يثبتون أنهم يد إيرانية"، رغم أن الحوثيين لم يحاولوا قط إنكار ذلك.
سبق أن أعلنت السعودية انتصارها في الحرب اليمنية، فقد أعلنت انتهاء "عاصمة الحزم" بعد ثلاثين يوماً من انطلاقها. وفي يونيو ٢٠١٦ أعلنت الإمارات رسمياً انتهاء تلك الحرب، حرب جنودها، في اليمن. قال حساب محمد بن زايد على تويتر، آنذاك، إن دولته سترصد الترتيبات السياسية في اليمن. عرض التلفزيون الإماراتي صوراً لقوات البلد وهي تعود مظفرة من الأراضي اليمنية.
لم تفشل السعودية في تلك الحرب قدر فشلها في الخروج منها. وإذا كانت قد وقعت في المستنقع اليمني ـ والتعبير للرئيس صالح ـ فهي أيضاً قد سقطت في الفخ الإماراتي. نجحت الإمارات في الجزء الخاص بها من الحرب، واستطاعت دحر الحكومة الشرعية والحوثيين من جنوب اليمن. صار بمقدورها التحكم بمساحات شاسعة من اليمن، وقد باشرت بناء المعسكرات والموانئ والسجون كما لو كانت المالك الأخير للأرض. أنشأت تشكيلات عسكرية محلية تدين لها بالولاء، استطاعت من خلالها أن تسوي مشهد ما بعد الحرب بالأرض، فقد حالت دون عودة السياسة واستقرار حكم القانون، ولوحت بالتشطير في وجه كل من يطالب بعودة السلطة الشرعية. انسحبت الإمارات عملياً من الحرب، منفردة بغنيمتها الخاصة، وتركت السعودية تغرق فيها. ما إن صواريخ تضرب مطارات وخزانات نفط الإمارات. بالأمس وجهتُ سؤالاً لمسؤول في الحكومة اليمنية عن المجهود العسكري الذي تقوم به الإمارات حالياً في اليمن فقال إنه لا يوجد، وأنها بدلاً عن مساعدة السعودية في الحرب ضد الحوثيين راحت تخوض حرباً شاملة ضد "حزب الإصلاح"، الحليف الأهم للحكومة الشرعية وبالضرورة للسعودية. قال إنه سمع هذا الانطباع من دبلوماسيين غربيين.
نجح الحوثي في حربه وهزم كل الآخرين. غير أن أولئك الآخرين لم يصبحوا، حتى الآن، كتلة واحدة. في جنوب اليمن خلقت الإمارات وضعاً شبيهاً بحرب الكل ضد الكل. دفعت ميليشياتها المسلحة لتصفية التنوع السياسي، وبالضرورة فإن التصدع السياسي في بلد متنوع كاليمن يترك خلفه تصدعاً اجتماعياً.
كانت محافظة تعز قد تجاوزت الحصار المضروب عليها إماراتياً وحوثياً وصنعت مقاومة مشتركة، على الصعيدين العسكري والسياسي. إلى أن وصلتها اليد الإماراتية فغرقت المحافظة الأكبر في صراع الكل ضد الكل، وتحولت إلى واحدة من أكثر بؤر اللااستقرار. كل أرض محررة تصبح أرضاً غير مستقرة، ولم يحدث قط أن كان دحر الحوثيين من محافظة معادلاً لعودة سلطة الرئيس هادي.
قبل أيام دفعت الإمارات رجلها الزبيدي، وهو قائد ميلشياوي ينحدر من محافظة الضالع الجبلية، للتهديد بخوض حرب عسكرية ضد المنطقة العسكرية الأولى. لا تزال تلك المنطقة العسكرية محتفظة بكل ترسانتها العسكرية وتعمل على تأمين مساحة شاسعة من الجمهورية تمتد إلى حدود عُمان، كما تحصل على دعم عسكري متزايد من قبل السعودية. تعيش مأرب، القريبة من السعودية، وضعاً غير مستقر على أكثر من صعيد، وثمة محاولات حثيثة على الصعيدين الأمني والإعلامي لزعزعتها أسوة بباقي المدن المحررة. إن جبهة الحكومة الشرعية ليست فقط مفككة، بل تعيش حرب الكل ضد الكل. كانت "حرب حجور" الأخيرة اختباراً مناسباً لخطورة العبث بالحرب. ثارت قبائل حجور ضد الحوثيين في شمال اليمن، وحققت انتصاراً بادئ الأمر. سرعان ما تمالأ المقاتلون ضد بعضهم بآلية الصراع نفسها التي تستعملها الإمارات في المدن المحررة. في النهاية سقطوا جميعاً، بينما جلس الأمير تركي، قائد التحالف، يستمع إلى روايات متصارعة في لقائه بالقادة المهزومين.
لم تقسم الإمارات والسعودية حلفاءها إلى جيوش متقاتلة وحسب، بل حولتهم إلى حمقى، وسلبتهم الشرف والجاذبية. أثناء رحلة بن سلمان إلى لندن، قبل عام، دون وزير الإعلام اليمني عبر تويتر غزلاً فريداً عن قوام الأمير ومشيته. وقبل وقت ليس بالبعيد استُـدعي مجلس النواب إلى الرياض، انتظر النواب كثيراً حتى أذن لهم بالدخول. في لقاء البرلمانيين ببن سلمان سُمح لهم بأمر واحد فقط: إلقاء القصائد في مديح الرجل وأبيه.
فقدت الحكومة اليمنية الأرض والسلطة أول الأمر، ونالت تعاطف شعبها. لكنها فيما بعد ذهبت تفقد الجاذبية ثم الشرف، فحصدت الاحتقار ثم النسيان. لم يعد أحد في صنعاء ينتظر عودة الرئيس الشرعي، وشيئاً فشيئاً يصبو المواطنون إلى تحسين الخدمات بدلا عن طموحهم القديم باستعادة الجمهورية. حتى إن البرنامج التلفزيوني واسع الانتشار "عاكس خط" الذي كان معروفاً بمناهضته للحوثيين على أساس جمهوري راح هذا العام يطالبهم، على مدى شهر رمضان، بتوفير الخدمات ودفع الرواتب وبأمور أخرى مما ينتظرها المواطن في العادة من سلطته الشرعية.
بعد خمسة أعوام من العبث بدالة الحرب، واعتبار المسألة اليمنية "صغيرة جداً" استعاد الحوثيون زمام الأمور. جاء هجومهم الأخير في وقت كانت فيه السعودية تبحث عن هروب آمن من ذلك المستنقع. لن تنتصر السعودية في هذه الحرب لأنها كما يبدو نسيت الأسباب التي دفعتها لخوضها. أما الحوثيون فقد حققوا نصراً يملأ تطلعاتهم في دولة إثنية، طائفية محدودة. يستطيع الحوثيون، بما لديهم من قوة، حماية تلك الدولة المحدودة التي حصلوا عليها في شمال اليمن. إذ تبدو كافية أكثر من اللازم لعدد "١٦٢" أسرة هاشمية نجحت في توزيع المملكة الجديدة بين أفرادها بالعدل.
أما السبب الذي دفع الإمارات لخوض الحرب، كما ورد على لسان وزير خارجيتها آنذاك، فيصعب نسيانه: الدفاع عن جد العرب. تنتشر القوات الإماراتية في الأراضي الجنوبية من اليمن وبالتوازي تتمتع بمستوى اتصال مع الرئاسة اليمنية يقترب من الصفر، كما تفعل أي قوى استعمارية. تكرر المشهد كثيراً في التاريخ، لنتذكر: طردت أميركا القوات الأسبانية من الفلبين ثم احتلتها بعد ذلك لقرابة ستة عقود. ولولا كاريزما وخيال ديغول، كما يقول بحث مطول نشرته لوموند ديبلوماتيك مؤخراً، لكانت أميركا قد وضعت يدها على كل المستعمرات والأراضي الفرنسية عقب الحرب العالمية الثانية. تبدو الحكومة اليمنية أبرز الخاسرين في هذه الحرب، غير أن السعودية تحتفظ بمكانها في الصدارة. فما أن ارتفع مستوى التوتر مع إيران درجة واحدى إلى الأعلى حتى وصلت الصواريخ والطائرات المسيرة الحوثية إلى ما هو أبعد من الرياض.